التهريب يكشف المستور !!

كتب علي عبود:
قبل أن يُحذّر مدير عام مؤسسة الدواجن سامي أبو الدان “من الخسائر الهائلة التي طالت قطاع الدواجن والتي سببها زيادة بالعرض نتيجة البيض المهرّب من لبنان إلى سورية ” فليجبنا على السؤال: لماذا الفروج والبيض والأعلاف في لبنان أرخص من سورية؟.
بالنسبة للكثيرين فإن التهريب يفضح الجهات المسؤولة التي “تُمنّن” العاملين في القطاع الزراعي على مدار الساعة بالدعم الهائل الذي يُرهق خزينة الدولة ويُسبب العجز المزمن لموازنتها العامة، فما جدوى دعم أدى إلى خروج مواد أساسية يومية من موائد ملايين السوريين كالبيض والفروج؟
أليس ملفتا أن تُباع مواد مهربة من لبنان رغم تكلفة تهريبها العالية بأسعار أرخص من مثيلاتها في سورية؟
على حد علمنا أن الحكومة اللبنانية لاتدعم القطاعات الإنتاجية، ومع ذلك فالسلع الغذائية رخيصة مقارنة بالسلع في سورية إلى حد يدفع للتسأؤل: ماالذي سيمنع مستقبلا قيام المنتجين بتأسيس صناعة للدواجن في لبنان مخصصة لتصدير البيض والفروج إلى سورية ودول الخليج؟
ولو تتبعنا مسار بعض كبار الصناعيين السوريين في السنوات الأخيرة لاكتشفنا أنهم فعلوها في الإمارات ومصر والأردن وتركيا، فأقاموا مجمعات صناعية بدأت منتجاتها تُصدّر للأسواق الخارجية بسرعة بفعل جودتها وأسعارها المنافسة، وهذا يعني أن أصحابها يتمتعون بمزايا ومحفّزات يفتقر إليها كل المنتجين في سورية.. فلماذا؟
ولا يبدو إن حكوماتنا المتعاقبة أستفادت من تجارب الصناعيين الذين غادروا البلد لأسباب مختلفة، من بينها حتما العراقيل التي تمنعهم من الإنتاج والتصدير وفق اشتراطات تنافسية أسوة بالدول القريبة منا قبل البعيدة؟
لا حظوا أن جميع الحكومات منذ عام 2011 تقوم برفع مستلزمات القطاع الزراعي والصناعي كل عدة أشهر، وتدفع بالمنتجين إلى شرائها من السوق السوداء، والنتيجة ارتفاع في كلف المواد والسلع المنتجة محليا، وعجز ملايين السوريين عن شرائها، وعجز المنتجين عن تصديرها بسبب أسعارها غير المنافسة لمثيلاتها في الأسواق القريبة قبل البعيدة.
كلا، ليس السبب الرئيسي لانخفاض الأسعار الحالية للبيض هو التهريب، حسب قول مدير عام الدواجن، وإنما ارتفاع تكلفة المادة في سورية، فالتهريب فضح الجهات المسؤولة التي كانت، ولاتزال، تزعم أنها تدعم القطاع الزراعي، فإذا كانت المنتجات الغذائية الأساسية لاتزال مدعومة، فلماذ يعجز ملايين السوريين عن شرائها؟
وإذا كانت السلع الأساسية لاتزال مدعومة بالأفعال وليس بالتصريحات الإعلامية فقط، فمن سيقدر على شرائها في حال رفعت الحكومة الدعم عنها، بل من سيقدر على تصديرها كي لاتكسد وتخرب في المستودعات؟
قطعا، أصحاب المداجن في وضع صعب جدا، وهم يرون البيض المهرب يُباع في الشوارع، وقد يضطرون للبيع بخسارة كي يخففوا من الكارثة التي تهدد مستقبل منشآتهم، ومع ذلك فإن الجهات المسؤولة لاتزال تبرر أسباب ارتفاع الأسعار في سورية بدلا من أن تزيل هذه الأسباب، أو تقدم الدعم الفعلي للمنتجين كبديل جذري للتهريب أو الإستيراد؟!
ومن الملفت جدا أن يرى مدير الدواجن، وكأنّه الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن انخفاض سعر صحن البيض إلى 35 ـ 38 ليرة “أمر في غاية الخطورة”، في حين لم نسمع مثل هذه العبارة بعد أن “طار” الفروج مثلا عن موائد ملايين العاملين بأجر باستثناء المناسبات النادرة جدا جدا!!

والمقارنة لاتكون بين سعر التكلفة للمنتجات السورية ومثيلاتها المهربة، وإنما بالإجابة على السؤال: مامبررات ارتفاع الأسعار لمنتجات تزعم الجهات الحكومية أنها “مدعومة” عن مثيلاتها في الأسواق القريبة منا، والبعيدة أيضا؟
نعم، التهريب يُلحق الضرر بمنشآت القطاعين العام والخاص، ولكن المسؤول عن هذا التهريب هو من لم، ولن يتوقف عن رفع مستلزمات القطاعين الزراعي والصناعي، على الرغم من كل التحذيرات التي أطلقتها غرف الصناعة والزراعة والتنظيمات العمالية والفلاحية، والكثير من أهل الخبرة والإختصاص!
الخلاصة: نتفق مع مدير الدواجن على“ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لأنه في حال استمر التهريب فإنه سيتسبب بخروج جديد لأعداد المربين..”، وقطعا التدابير المطلوبة لاتكون بزيادة إجراءات مكافحة التهريب، وإنما بتقديم الدعم الفعلي لمستلزمات الإنتاج بما يؤدي لتخفيض أسعار البيض، وخاصة الفروج كي يعود مجددا إلى موائد ملايين السوريين، وأيّ إجراءات أخرى ستبقى مجرد “هراء بهراء”!!

غلوبال

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]