سوق السيارات  ينتعش “فيسبوكياً”.. و”أرخص” سيارة قديمة بـ60 مليوناً

الخبير السوري:

عروض متنوعة من أنواع السيارات، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة “فيس بوك”، يجتهد في عرض مواصفاتها أصحاب مكاتب السيارات وغيرهم من السماسرة الذين وجدوا لأنفسهم وظيفة في البيع والشراء، وخاصة أنّ عملية بيع وشراء السيارات لا يحكمها العرض بقدر ما يحكمها السعر، فالعروض كثيرة لمختلف الأنواع والماركات من السيارات القديمة التي (أكل الدهر عليها و شرب).

الأسعار واقعية

 أكد بعض أصحاب مكاتب السيارات في اللاذقية لـ”تشرين”، أن الأسعار المطروحة للسيارات القديمة منطقية وواقعية، إذا قورنت مع ارتفاع الأسعار المتلاحق  لبقية السلع والمواد، وكذلك قطع تغيير السيارات، مشيرين إلى أن السيارات القديمة، ورغم قلة بيعها، إلّا أنها أكثر تداولاً من السيارات الجديدة التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، حيث يبدأ سعرها من ٢٠٠ مليون وما فوق.

 ولفت أصحاب المكاتب إلى أن أسعار السيارات ترتفع بين شهر و آخر حسب الطلب، مشيرين إلى أن عمليات البيع ليست بالجيدة مقابل العروض، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة المواطن العادي على اقتناء سيارة قديمة، كما أن اقتناء السيارة لم يعد رفاهية، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وقطع تبديل السيارات، حيث أصبح الزبون يدخل بدوامة عملية حسابية صعبة قبل أن يفكر بشراء السيارة.

ضرورة ضبطها

بدورهم، أكد عدد من المواطنين أن شراء سيارة قديمة بات مستحيلاً، فالأسعار ترتفع باستمرار من دون أي اعتبارات، ومن يريد شراء سيارة اليوم، فإنه يتحتّم عليه البحث لمدة أشهر بين صفحات “فيس بوك” و مكاتب السيارات، حيث سعر السيارة ومن نفس الموديل، يختلف بمقدار ٥ ملايين  ليرة للسيارة الواحدة ، ناهيك بأن شراء السيارة هو للحاجة ولحفظ قيمة المال، ولكن حتى هذا غير ممكن مع أسعار السيارات التي أقلها ٦٠ مليوناً، ومهما ادخرنا لا يمكننا اقتناء سيارة، مؤكدين ضرورة ضبط الأسعار وفق شرائح  ونوع وقدم السيارات، ليتم بذلك ضبط التلاعب في الأسواق .

واقع ضعيف

الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش، أكد في حديثه لـ “تشرين “، أنّ السيارات سلعة تخضع لاعتبارات وقوانين السوق كأي سلعة أخرى بالعموم، وبالتالي تتأثر أسعارها بقوى العرض والطلب وما يؤثر بهما، وبالتالي تتحدّد الأسعار بالنسبة للسيارات المستعملة بحجم العرض المتاح منها ومستوى الطلب عليها، مع الأخذ بالحسبان البدائل المتاحة، سواء سيارات جديدة أو وسائل نقل عامة مناسبة، وكذلك مفهوم السلع والخدمات المتممة، كأسعار الوقود وقطع التبديل والصيانة مثلاً، وتكون العلاقة بينهما عادة علاقة عكسية بحسب مفهوم مرونة الطلب.

وأضاف:  في أسواقنا يحدث العكس، فتزداد أسعار السيارات رغم نقص الوقود وارتفاع أسعاره، وكذلك الصيانة وقطع التبديل ومعدلات الاستهلاك المرتفعة، ومرد ذلك هو الحاجة ومحاولة الحفاظ على القيمة عند العرض.

ووصف عيّاش واقع سوق السيارات الحالي بضعف العرض المتاح مقابل زيادة كبيرة في الطلب مع مرونة عالية للطلب, وبالتالي يقابله ارتفاع كبير ومطرد بالأسعار، أما قلة العرض فسببها الرئيس هو منع استيراد السيارات منذ قرابة ١٠ سنوات، وبالتالي معظم السيارات المتاحة في السوق هي سيارات مستعملة وقديمة.

و أرجع سبب زيادة الطلب الكبيرة إلى الحاجة الملحة لوسيلة نقل، في ظل النقص الكبير في الوقود والتراجع الكبير في خدمات النقل العام وارتفاع تكاليفها الكبير من جهة، وكذلك الحاجة إلى استثمار يحافظ على قيمة النقود نتيجة الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم وتغيرات سعر الصرف من جهة ثانية، وبالتالي تتحول السيارات إلى المضاربة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها باطراد مع متغيرات التضخم وسعر الصرف.

وأوضح عياش، أنه في  ظل استمرار الظروف الراهنة، ستبقى أسعار السيارات ترتفع مع ملاحظة هامة، هي أنها في الواقع ورغم ارتفاع أسعارها المستمر، لا تحافظ فعلياً على قيمة السعر، لأن معدل زيادة الأسعار عموماً أقل من معدلات التضخم التي تزداد وبقفزات كبيرة وبشكل شبه يومي للأسف، وبالتالي لا تشكّل السيارات سلعة حافظة للقيمة إلّا على المدى القصير والقصير جداً، ما يؤدي إلى تآكل القيمة مع الزمن.

 وأضاف: تتأثر الأسعار أيضاً بحسب نوع السيارة المرغوب ومدى توفر قطع تبديلها وحاجتها للصيانة ومصروفها من الوقود، وكذلك تتأثر بالقرارات الحكومية، فعلى سبيل المثال عند منع ترخيص سيارات العمومي، ترتفع أسعارها، وعند رفع الدعم عن السيارات من سنة صنع محددة ذات المحركات الكبيرة، يزداد سعر السيارات من سنة الصنع الأقل والمحركات الأصغر, وطبعاً يؤثر السماسرة أيضاً على سعر السوق بطرق مختلفة.

وأكد عياش أنه واقعياً لا يمكن للحكومة ضبط أسعار سوق السيارات، فهي تخضع لقوانين السوق من حيث العرض والطلب، وكذلك تخضع لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ولمصونية الملكية الخاصة، كما أنه واقعياً لا يمكن التأثير في سوق السيارات بشكل فعّال، إلّا أنه يمكن التخفيف من تضخم الأسعار بمعالجة مشكلة العرض، من خلال السماح باستيراد السيارات ضمن ضوابط محددة وتتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وهذا مستبعد حالياً، وحتى لو تمّ، ستكون الأسعار فلكية بالنسبة لدخل المواطن بحكم تضخم التكاليف وتآكل الدخل، أو السماح باستيراد السيارات المستعملة دون ٥ سنوات مثلاً،أو السماح باستبدال السيارات التي يزيد عمرها على ٢٠ سنة، لكن وبموضوعية، كلّها احتمالات غير مناسبة لواقعنا الراهن..

سراب علي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]