الخبير السوري:
تبدو الهوة عميقة بين الحلول والواقع الزراعي في أعقاب ظاهرة جديدة بدأت تنتشر في القطاع الزراعي وتجعل من المزارعين مالكي الحيازات عرضة لاستغلال أصحاب رؤوس الأموال الذين يقومون باستثمار أراضي المزارعين بشروط غير منصفة للمزارعين المجبرين على الاتفاق مع أصحاب رؤوس الأموال أو التجار لعدم قدرتهم المالية على توفير مستلزمات الإنتاج.
وكان العجز المادي أبرز الأسباب التي أدت إلى الانزلاق نحو هذا الوضع عبر استغلال حاجة المزارعين المادية وعدم قدرتهم على تحمل أعباء وتكاليف زراعة أراضيهم، ما يؤدي إلى تعميق جروح هذه الطبقة وإضعاف آمالهم بتطوير زراعتهم ورفع مستوى معيشتهم.
-
درويش: حالياً هناك أشخاص يدعمون المزارع مالياً ليزرع أرضه لكن الإنتاج حصراً لصاحب رأس المال
ويبدو أن أهم الخروقات لمنع توسع هذه الظاهرة التي تختلف تماماً عن فكرة الزراعات التعاقدية أو زراعة المحاصيل الإستراتيجية، تكمن في إيجاد بيئة تشريعية تحمي المزارعين وتوفر للطرف الآخر ربحاً منطقياً أيضاً، وتسهيل عملية الإقراض الزراعي بفوائد مقبولة بما يسمى الاقتراض بضمانة الموسم المزروع، وتحسين البيئة التمكينية للاستثمار الزراعي.
مصير مجهول
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش تحدث عن ظاهرة شراء الأراضي من المزارعين من أشخاص أو شركات من دون أن يُعرف مصير هذه الأراضي لاحقاً، ليكون قسم منها مهجوراً ويحتاج إلى الاستصلاح لاحقاً، وقسم آخر ترك مع أصحابه الأساسيين يعملون فيه. وحالياً هناك أشخاص يمكن القول إنهم (يدعمون المزارع) مالياً ليزرع أرضه, لكن الإنتاج حصراً لصاحب رأس المال، وهذه ظاهرة تنتشر كثيراً، لأن الكثير من المزارعين ليست لديهم القدرة على شراء مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة وتأمين أجور تجهيز الأراضي.
احتكار موصوف
وعن الطريقة التي تسير بها هذه الظاهرة يشرح درويش بأنه يأتي أصحاب رؤوس الأموال ويدعمون المزارعين على أمل استلام كامل الإنتاج وتسويقه، وهنا يستوفي صاحب رأس المال أمواله، ويأخذ المزارع ما تبقى من ريعية إنتاجه، وتعد هذه الظاهرة احتكاراً وخسارة بحق المزارع لأن الإنتاج يتم تسويقه عن طريق صاحب رأس المال، وبالتالي لا يتحقق مبدأ السوق، ما يعني أن السعر التسويقي لا يتحدد وفقا لمبدأ العرض والطلب، أي إن عامل المنافسة ينتفي هنا، وبالتالي سيحقق صاحب رأس المال ربحاً إضافياً على حساب المزارع، لاسيما فيما لو كان المبلغ الذي أعطي من صاحب رأس المال للمزارع بفائدة، فصاحب رأس المال يعد حصوله على كامل الإنتاج من المزارع هو ضمانة له لاسترجاع المال الذي تم منحه للمزارع، وفي الوقت ذاته هو تجارة يمكن أن يحقق عبرها ربحاً مؤكداً.
تناقض مع مبدأ الزراعة التعاقدية
هذه الظاهرة تختلف نوعاً ما عن مبدأ الزراعة التعاقدية التي تتمثل في تعاقد جهة أو مؤسسة ما مع مزارع أو مجموعة مزارعين لغرض زراعة محصول ما واستلام هذه الجهة المحصول وفقاً لأسعار السوق، أي إن الجهة المتعاقدة قد لا تدعم المزارع بأي مستلزمات للزراعة.
-
نعامة: أصحاب الحيازات الصغيرة يعانون من عدم توفر رأس المال الكافي واللازم للاستثمار الزراعي