أسواق كسولة

كتب الدكتور عامر خربوطلي- الخبير السوري:

تعبير غريب قد يبدو مستهجناً للبعض ومحقاً للبعض الآخر، ولكن هل للأسواق مشاعر وردود أفعال وحالات تمر بها ؟ ليس هناك غرابة فقديماً قيل (الإنسان هو الوحيد الذي يموت ولا يحيا أما الأسواق فتموت وتحيا) أي إنها تمتلك النبض الذي يجعلها تعمل بفاعلية ونشاط وقوة أو تكون خجولة وكسولة وتنتظر ردود الأفعال وليس لديها القدرة على الفعل.
ما يهمنا من هذه المقدمة إنه خلال تجوال نهاري في أحد الأسواق القديمة والعريقة في دمشق لوحظ تذمر واضح من جمود الأسواق وتراجع المبيعات، حيث لا تتعدى حصة الفرد السوري من المبيعات عن 20% مقابل 80% للغريب القادم من خارج سورية مع قيمة أعمال يومية منخفضة جداً لا تصلح ابداً كعائد على استثمار رأسمال كبير من فروع المحل والبضاعة، بالإضافة للإدارة والعمالة فكيف بتسديد النفقات التشغيلية من طاقة وأجور وضرائب وصيانة ومواصلات والقائمة تطول…..
إنها أسواق كسولة افترضت كياناً تقليدياً من العمل لم تغيره منذ مئات السنين تنافس بعضها على زبائن محدودين أصلاً وبحاجة للسلع غير الأساسية وفوق ذلك لا نرى أي تغيير في طرق التسويق أو الترويج مثل منصات التواصل الاجتماعي أو الحسومات أو المهرجانات ضمن الأسواق أو إقامة فعاليات جاذبة للزبائن والقائمة تطول أيضاَ…..
إننا بحاجة لأسواق متجددة فاعلة ونشيطة، نشيطة بالتعامل مع الزبائن بطرق مختلفة قد يكون من بينها البيع بالتقسيط أو الحسومات أو الهدايا لتحسين القدرة الشرائية المحلية المنخفضة والصعبة على الجميع وفاعلة لأخذ زمام المبادرة لإحياء هذه الأسواق ومتجددة مع كل ما هو جديد ومختلف وغريب.
عندما سألت في أحد الجولات عن أسباب التزاحم في أحد محلات البزورية دون غيره من محلات، قيل لي إنه يروج بضاعته الكترونياً ولديه صفحة فيسبوك فاعلة ولديه تشكيلة مواد مختلفة عن الباقي وغير نمطية، إنه التسويق الجديد والترويج الجديد والتعامل الجديد.
السوريون ليسوا كسولين ولديهم من الإبداعات ما يكفي لتحريك الأسواق الراكدة بفعل الظروف الصعبة محلياً وخارجاً والتجار الذين وصلوا إلى أقصى شرق العالم قادرين للوصول لزبائن جدد بمزيد من الأفكار والإبداعات ولكنها ظروف صعبة طارئة لابد أن تتبدد وتعود الأسواق للحياة من جديد.

دمشق 15-11-2023

كتبه د.عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]