الخبير السوري:
لم يكن (علي) الشاب الحقوقي يريد أن يكون محامياً فقط يدافع عن حقوق الناس، بعد أن عاش التحديات والأزمات التي خلفتها الحرب على سورية، فهو مثله مثل العديد من الشباب السوريين الذين دفعتهم الأزمة لإيجاد الحلول لإنقاذ أنفسهم من الغرق، هو صاحب مشروع خدمي صغير عبارة عن كافتيريا تتسع لـ٩ طاولات يتم فيها تقديم كل المشروبات و”الأراجيل” والوجبات السريعة وتعود عليه بمردود مادي يومي تمكنه من العيش والتأقلم مع ظروف الحالة المعيشية الصعبة. كما أن الشابة (ملك) التي تبلغ من العمر عشرين عاماً التي أخذت من منزل ذويها مساحة صغيرة لممارسة عملها بالحلاقة النسائية والعناية بالبشرة، وأوضحت أن ذلك يعود عليها بمردود مادي جيد لها ولأهلها، وتعتبر هذا العمل أهم من الدراسة في الوقت الراهن.
الحاجة أم التدبير هذه المرة؟
بالفعل لم تتوقف رغبات الشباب اليافعين المتزايدة رغم التحديات والظروف التي تعيشها البلاد على خلفيات حرب ظالمة تجاوزت اثني عشر عاماً، لأن العمل والمشروعات الصغيرة هما قشّة الإنقاذ من الغرق.
قرنفلة: في فترات الحرب تنشأ أنشطة استثمارية تعمل عبر نوافذ وأقنية مفتوحة لا تحقق خدمة للاقتصاد الوطني
فالشباب الراغبون بالاستثمار اليوم يذهبون للمشروعات الخدمية ذات الطابع الريعي الذي لا يحقق أي قيمة حقيقية أو قيمة مضافة للاقتصاد ” مطاعم.. كافتيريات .. مراكز تجميل..” وغير ذلك الكثير من الاستثمارات الخدميّة الاستهلاكية، كفرص سهلة متاحة أمام الشباب.
على المستوى الاقتصادي الكلّي تبدو هذه المشروعات الصغيرة غير ذات جدوى حقيقية على المستوى الوطني، تعود على أصحابها بريع جيد لكنها تقف بمردودها النهائي عند هذا الحد، لأنه كما قلنا هي حالة استهلاكية مفرطة، تقرع جرس إنذار بضرورة الاستدراك وتوجيه طاقات الشباب نحو مشروعات منتجة تحقق حالة تنموية حقيقية لا ريعيّة استهلاكيّة.
المشروعات والحروب
يرى عبد الرحمن قرنفلة المهندس والخبير التنموي أن هذه المشروعات هي من تداعيات الحروب عادة، لاسيما في بلادنا التي تخضع لحرب متعددة الاتجاهات والجبهات، إذ استهدفت الأعمال العسكرية التخريبية للعصابات الإرهابية وداعميها البنى التحتية للأنشطة الاقتصادية السورية، ودمرت المرافق الإنتاجية التي تعد القاعدة الأساس للتنمية الزراعية والصناعية، وهجرت رؤوس الأموال الوطنية إلى خارج البلاد، وقطعت روابط الزراعة بتشجيع قوى انفصالية ترتبط بالخارج للسيطرة على أهم مناطق الإنتاج الزراعي ومناطق إنتاج النفط، ثم انتقلت الحرب إلى الحصار الاقتصادي وتقييد التجارة الخارجية والحدّ من تدفق مستلزمات الإنتاج وهذه الحالة ما زالت مستمرة حتى اليوم.. ومجمل هذه المعطيات ساهمت في تراجع غير مسبوق للعمليات الإنتاجية التي تعد قاطرة التنمية الاقتصادية.
فضلية: ما نشاهده ونلمسه مشروعات استهلاكية إنفاقية للتسلية وحرق للوقت وإضاعته
التعليقات مغلقة.