مدارس ” النخبة” السورية  أمام هواجس ” العبقرية الحتميّة”..!!

خاصّ – الخبير السوري:

أحسنت الدولة قراراً عندما أوجدت مدارس المتفوقين، لتدارك الخلل الواضح في المؤسسة التعليمية عبر مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي..

أي بوضوح أكثر، وبصريح العبارة ..إنقاذ المتفوقين فعلاً  وحمايتهم من سلبيات تعانيها معظمم المدارس التقليدية على مستوى المدرسين و “اللوجستيات” عموماً، كما أن مثل هذه المدارس كانت حافزاً لسعي الطالب للتفوق واللحاق بأقرانه، أي خلق عدوى التفوق إن صح التعبير، ولو أنها تحولت إلى هاجس لدى الأهالي قبل الطلاب.

إلا أن ثمة مشكلة أخرى ظهرت على مرّ سنوات تطبيق الفكرة، وهي عدم قدرة الحكومة ممثلة بوزارة التربية على مجاراة  ومواكبة الأعداد المتزايدة للمتفوقين في بعض المحافظات، والاكتفاء بعدد قليل من الشعب الصفيّة لكل مرحلة، لا يتناسب مطلقاً مع واقع الحال.

والأصعب والأقسى وقعاً على الطلاب وذويهم في بعض المحافظات – طرطوس مثالاً –  كان تخفيض عدد الشعب مقابل الزيادة الكبيرة في أعداد من يستحقون الإلحاق بمدارس المتفوقين أو ” النخبة” كما تصح تسميتها وفق مجريات الواقع..

ووقعت وزارة التربية فيما يخصّ إدارة ملفّ التفوّق، بذات الخلل الذي وقعت به وزارة التعليم العالي بخصوص الاختصاصات الطبية، التي نتوقع ألا تكون من نصيب إلا “الروبوتات” إن بقيت الأمور على هذه الحال.

إن حالة الفرز القاسي التي تقوم بها “التربية” حالياً تتسبب برضوض عميقة للطلاب الذين لم تسعفهم “عبقريتهم الحتمية” بدخول “نادي المتفوقين”، وهو عجز واضح عن عدم قدرة الوزارة على مواكبة مايمكن أن نسمية خدمات أو متطلبات التفوق والتميز، بالتالي تبدو الوزارة اليوم أماك خيارين إستراتيجيين..الأول التوسع بإحداث مدارس للمتفوقين بما يواكب الزيادة المضطردة بأعداد الطلاب ذوي الملكات..

والثاني إلغاء الفكرة وتطبيقاتها والعودة إلى ماكان سابقاً..أي الجميع إلى المدارس التقليدية ذاتها التي أنتجت المخرجات والكوادر التي عمرت سورية وغزت أسواق العمل في بلدان كثيرة بتميزها ومهاراتها.

بعضهم خصوصاً المتفوقين الذين لم تتحالف معهم الحظوظ  وروائز وزارة التربية، يدخلون في دوامات صعبة من الاكتئاب والإحباط والرض المعنوي، وتبعات هم فعلاً لا يستحقونها لأنهم يستحقون أن يكون بين أقران لهم ربما أقل منهم إدراكاً ومهارة ونباهة لكن ثمة حظ ما حالفهم – على فكرة عندما تتساوى الملكات عند ذروة ما.. يمسي الحظ هو صاحب القرار الفصل –  وهذا ما يترك شعوراً عميقاً بالظلم بالتأكيد لا تحبذه الوزارة.

هنا لا يبدو الخيار الثاني – إلغاء مدارس المتفوقين – تعسفاً بل إعادة التوازن للعملية التربوية، ونشر عدوى التفوق بين ااطلاب في المدارس التقليدية التي ليست جحيماً كلها كما باتت صورتها في أذهان الجميع، بدليل أن ليس كل من حصل على علامة ٣١٠٠ في التعليم الأساسي كانوا من مدارس “النخبة” وكذلك في الثانوية..

باختصار إن لم نكن قادرين على تبني متفوقينا واحتضانهم، فلنلغي الفكرة من جذرها لأنها لم تكن يوماً لمعاقبة المتفوق بل لمكافأته..المثال الصارخ  في طرطوس والجميع اليوم يراقب كيف ستعالج الوزارة المشكلة هناك.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]