خطاب السيادة والصمود..بقلم:ناظم عيد

 

حربنا ضد الإرهاب هي حرب سيادة وليست حرب مصالح، وقد يكون “الصمود” كمصطلح من مرادفات الدلالة النادرة الممكنة الاستخدام في مقامات الحديث عن السيادة، من هنا يمكننا وبكثير من الدقة عنونة خطاب الرفيق الأمين القطري للحزب الرئيس بشار الأسد أمس بـ “خطاب السيادة والصمود”.

فقد اتسم الخطاب بخصوصية متأتية من خصوصية الظرف الراهن الحافل بالمتغيرات على مستوى الميدان العسكري، وعلى الصعيد السياسي، ثم في المضمار الاقتصادي، حيث ملامح التعافي التي بدأت تتوالى بالظهور بشكلٍ ملموس، ولعلها الخصوصية الإيجابية التي بدت تجلياتها واضحة في هذه المسارات الثلاثة، وربما شرحها يطول كثيراً في أعراف المحللين والمراقبين الاستراتيجيين، ولا سيما هواة الرصد والتقاط الإشارات، في ظروف حربٍ كالحرب التي نخوضها نحن السوريين، مع أذرع الاستهداف ونهاياتها الأخطبوطية الظاهرة على شكل إرهاب تكفيري يستعدي كل ملامح الحياة والحضارة لدى الشعوب الحرة.

فكان خطاب التفاؤل المعزِّز للمعنويات، لأنه ارتكز على وقائع وحقائق حيّة، والأهم أنه خطاب تأكيد الثوابت المتعلقة بمفاهيم السيادة، وخطاب وضع النقاط على الحروف في الكثير من المسائل الإشكالية، وقد كان لافتاً القدر الوافي من الوضوح والشفافية في تناول هكذا مسائل، وبشكل من شأنه وضع حدٍّ قاطع لاستطرادات وإسفافات متصيدي المفردات والمتنطعين بتأويلات ليست إلّا إرهاباً بالكلمة، غالباً ما يكون أخطر من إرهاب السلاح.

لقد أفرد سيادته حيّزاً من خطابه للشأن الاقتصادي، كما في معظم خطاباته السابقة، وكما لم يغب عنه يوماً أهمية الاقتصاد في تعزيز صمود سورية جيشاً وشعباً، حظي هذا الجانب في خطاب الأمس ببعض التفصيل، وبشكل يمكننا من بلورة خطة عمل لا بد من السعي الدؤوب لتجسيدها على أرض الواقع، فقد أشار سيادته إلى دعم المشاريع الصغيرة و”المتناهية الصغر”، وهي إشارة يجب اعتبارها الأحرف الأولى لمشروع وطني مفترض، يعد بنتائج مجزية على خط إيجاد “نوى إنتاجية” بتوزيع أفقي منظم، كتطبيق مرشّد لمفهوم التنمية الاقتصادية ببعدها الأفقي وليس مجرّد الشاقولي، وبالمحصلة المكافحة الفاعلة للبطالة والفقر.

ويبدو الجميع الآن حكومة وقطاع أعمال ومجتمعاً أهلياً أمام مهمة خاصة تتمحوّر حول سبل نشر هذا النوع من المشروعات على نطاقٍ واسع، لأنها الوسيلة المثلى لترميم الرّض المعيشي الذي أحدثته الأزمة، والخيار الأمثل للمعالجة المزدوجة في المضمارين الاقتصادي والاجتماعي، لما تعد به من مخرجات إنتاجية تستثمر الميزات النسبية والمطلقة لبيئة الإنتاج السورية، ومن فرص عمل حقيقية غير وهمية، أي بعيداً عن الفرص التقليدية التي تصب محصلاتها في خانة البطالة المقنعة.

على العموم كانت جرعة دفع معنوي وافية نحو المستقبل ضخها السيد الرئيس في دواخلنا نحن السوريين، ونحن على بوابات الانتصار وإعادة الإعمار، والجميع الآن أمام “مهمة خاصة”، فالتحدي هو عنوان المرحلة لكل قادر على العمل، وكل في موقعه: “الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته، الوطن لمن يدافع عنه ويحميه، والشعب الذي لا يدافع عن وطنه لا وطن له، ولا يستحق أن يكون له وطن”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]