استمر قائد «مجلس دير الزور العسكري»، أحمد الخبيل بمحاولات لتنصيب نفسه «أميراً» على عشائر الزبيد في سوريا، وفرض نفسه كشريك أساسي في قرار شرق الفرات إلا أن قسد على ما يبدو قد تحيّنت الفرص لإنهاء نفوذه ،وهو المعروف باسم «أبو خولة»، وعملت «قسد» مراراً على تهشيم مكانة الرجل، وإقناع «التحالف الدولي» بأن وجوده لم يعد له مبرّر وفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية.
وقالت الصحيفة ان ما زاد العداوة بين قسد الخبيل هو اتهامات متكررة له بالإساءة إلى المهمة المكلّف بها، وساعد الخبيل في تكريس هذه السمعة لنفسه، من خلال تجاوزاته المتكررة بحقّ الأهالي ووجهاء العشائر، ومحاولاته المستمرّة فرض نفسه كـ«زعيم» للمنطقة، وتبرير ذلك بأنه في إطار العمل على انتزاع دور للعشائر العربية في أرياف دير الزور، وتقليص الحضور الكردي فيها.
وعلى خلفية هذه المحاولات، التي استثمر «أبو خولة» فيها حالة الاحتقان الشعبي، استشعر الأخير الخطر عدة مرات، من بينها مرتان خلال العام الفائت عندما نجا من محاولتَي اغتيال في الحسكة. ودفعه ذلك إلى تعزيز إجراءاته الأمنية، وزيادة عديد قواته، وتنسيب ما لا يقلّ عن ألف عنصر جديد في صفوف «مجلس دير الزور العسكري»، من دون التنسيق مع قيادة «قسد». كما قام بتحويل مضافته في قرية الربيضة في شمال دير الزور، إلى مكان للاجتماعات العشائرية للوجهاء والشيوخ للحصول على دعمهم، ومهاجمة «الوحدات الكردية»، والتشديد على ضرورة رفع السطوة الكردية عن دير الزور، وإطلاق يد العشائر العربية لإدارة مناطقها عسكرياً وإدارياً.
ما سبق، جعل من القضاء على «أبو خولة»، أو إنهاء وجوده في دير الزور، أولوية بالنسبة إلى «قسد»، التي فشلت في محاولتها الأولى في هذا السياق، منذ نحو العام، عبر استثمار جريمة قتل فتاتين في ريف دير الزور، اتُّهم الرجل وشقيقه بالمسؤولية عنها. يومها، حاولت «قسد» ضرب الخبيل، لكن وقوف «التحالف» إلى جانبه حال دون ذلك. بعدها، استفادت «قسد» من عدة أحداث، من مثل خروج تظاهرات مندّدة بحرق القرآن في أرياف دير الزور الخاضعة لهيمنة «مجلس دير الزور العسكري»، وظهور رايات لتنظيم «داعش» في التظاهرات، لمطالبة «التحالف» برفع الغطاء عن «أبو خولة»، عبر التلميح إلى وجود عناصر من التنظيم ضمن صفوف «المجلس». كما أنها اتّهمت الأخير وزعيمه بالقيام بعمليات تهريب وقود وأسلحة في اتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري في ريف دير الزور، والتعامل مع القوات المحسوبة على إيران.
وقالت الصحيفة بالفعل، وافق «التحالف»، بداية، على تقليص نفوذ «المجلس» في أرياف دير الزور، من خلال شن حملة عسكرية منذ نحو شهرين، لاستبدال حواجز تابعة له، بأخرى تابعة لـ«الأسايش» الكردية بوصف الأخيرة «شرطة مدنية»، مع سحب قوات «المجلس» إلى ثكناتها ومقرّاتها. ودفع هذا التحرك الخبيل إلى تسريب مقاطع صوتية ومصوّرة لنفسه، هدّد فيها بفتح جبهة ضد «الوحدات الكردية»، متهماً إياها بالحرص على تمكين «كوادر قنديل» من التحكّم بإدارة دير الزور عسكرياً ومدنياً، وهو ما ردّت عليه «قسد» بالطلب من «التحالف» رسمياً رفع الغطاء عن «مجلس دير الزور العسكري» وقيادته. كما عمدت إلى اتّباع أسلوب «الاحتواء»، من خلال استدعاء الخبيل إلى اجتماع في الحسكة منذ نحو الشهر، حيث طلب قياديو «قسد» من الرجل الظهور على «قناة روناهي»، الناطقة باسم «الإدارة الذاتية»، وإعلان انتهاء الخلافات في ريف دير الزور. ومنحت هذه الخطوة، بالإضافة إلى الوعود التي تلقّاها بمعالجة «وضعه»، الخبيل، أماناً نسبياً، يبدو أنه دفعه إلى تلبية دعوة إلى اجتماع ضمّ كامل أعضاء «مجلس دير الزور العسكري» تقريباً، في مقرّ القيادة العامة لـ«قسد»، في قاعدة «التحالف الدولي» في استراحة الوزير غربي الحسكة. لكن هناك، وتحت أعين «التحالف»، اعتُقل الرجل وقادة مجلسه، وألقي القبض على شقيقه واثنين من أعضاء «المجلس» في أحياء مدينة الحسكة.
ولامتصاص أي ردّات فعل، أعلنت «قسد» حظر التجوال في الحسكة والهول والشدادي، وصولاً إلى ريف دير الزور. كما أصدرت بياناً أعلنت فيه أنه «بدعم ومساندة من التحالف الدولي، تم إطلاق عملية تعزيز الأمن في الضفة الشرقية لنهر الفرات، وبالتحديد في منطقة دير الزور»، مشيرة إلى أن العملية تهدف إلى «القضاء على بقايا خلايا تنظيم داعش الإرهابي، ومنع عملياتها المحتملة، وتعقّب المجرمين الذين ارتكبوا المظالم بحق السكان، وإنفاذ القانون، إضافة إلى ملاحقة المهرّبين الذين يتاجرون بلقمة عيش الأهالي». والظاهر أن التهم الأخيرة، موجّهة بشكل خاص إلى قادة «مجلس دير الزور العسكري»، والخبيل تحديداً.
ولاقت إجراءات «قسد» ردود فعل متباينة، تمثّلت في قطع عدد من المسلحين المحسوبين على «المجلس» الطرقات في أرياف دير الزور الغربية والشمالية، ومهاجمة عدد من حواجز ومقرات «قسد» في العزبة والحصين وغرانيج، توازياً مع قطع الطرقات بين الأرياف، من دون أن يشكل كل ما سبق أي متغيّر ميداني. وفي المقابل، دفعت «قسد» بتعزيزات عسكرية ضخمة من الحسكة والرقة ومنبج وعين العرب إلى ريف دير الزور، بهدف التصدّي لأي محاولات «تمرّد». وحتى يوم أمس، بدت تحرّكات «المجلس» ومؤيديه من أبناء العشائر العربية، متواضعة أمام حجم التعزيزات العسكرية التي استقدمتها «قسد» إلى المنطقة.
وفي تعليقها على التطورات، تؤكّد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «مخطّط استدراج قادة المجلس تمّ بمباركة وإشراف من القوات الأميركية، بدليل اعتقال أبو خولة داخل قاعدة التحالف»، مشيرةً إلى أن «قسد استفادت من ممارسات المجلس وعناصره السلبية بحقّ الأهالي، لتفرض سطوتها الكاملة على دير الزور». ولفتت إلى أن «قسد نجحت في إقناع التحالف بوجود ارتباطات للخبيل وأعضاء مجلسه مع خلايا تنظيم داعش، والتعاون مع الجهات الحكومية، وحتى القوات المدعومة من إيران، وهو ما دفع التحالف إلى تأييد إجراءات قسد»، معتبرة أن «قسد تريد التأكيد أنها وحدها من يدير ويتحكّم بموارد المنطقة وقرارها بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، وهو ما تعتبره العشائر انتقاصاً من دورها، ومصادرة لحقوقها في المشاركة في إدارة المنطقة بفعالية، وليس بصورة شكلية».