كل كيلو بندورة يكلف 50 لتراً من الماء.. هل على السوريين أن يفاخروا  بتصدير الخضار بعد الآن ؟؟

 

 

 

 

الخبير السوري:

 

يحتاج الكيلو الواحد من البندورة التي نصدّرها نحن السوريين، إلى 50 ليتراً من المياه، وهذا يعني أن ثمن هذه المياه يفوق كثيراً ثمن المنتج ذاته، هذا من دون إضافة التكاليف الأخرى، وفي هذا السياق يتحدث مزارعو البندورة في المحافظة عن شجونهم باكراً هذه المرة، فالأسعار التي وصل إليها سعر الكيلو في الأسواق مؤخراً (5000) ليرة سرعان ما سيتدنى لاحقاً إلى أن يصل إلى ما دون سعر التكلفة في ذروة الإنتاج، كما حصل في الموسم الماضي حيث انخفض السعر إلى ما دون 500 ليرة في مناطق زراعته، وهي أسعار تقل كثيراً عن تكاليف الإنتاج والتي تضاعفت هذا الموسم مع ارتفاع معدلات التضخم، على اعتبار أن القسم الأكبر من

 

مستلزمات الإنتاج وفي مقدمتها الأسمدة والأدوية هي مستوردة، إذ من المتوقع أن تزيد تكلفة زراعة الهكتار الواحد من المحصول لتصل إلى أكثر من 50 مليون ليرة.

 

قد لا يتغير المشهد كثيراً هذا الموسم، يؤكد مزارعون أن الظروف التي سادت في مواسم سابقة لم تتغير، والأسواق على حد وصفهم، لا تزال رهينة العرض والطلب والتي غالباً ما يتحمل المزارع وزرها فيما يقطف التجار ثمارها، فهؤلاء يحافظون على نسب أرباحهم أياً كانت حالة السوق، انخفضت الأسعار أم ارتفعت وهي أرباح تفوق أرباح المزارعين.

 

ولجهة قناتي التصنيع والتصدير التي من المفترض فيهما أن تضيفا للمحصول قيماً أكبر، فلا تزال مساهمتها خجولة على حد قول أحد المزارعين، فمعامل الكونسروة في المحافظة لا يزال عملها موسمياً ومقتصراً على (رب البندورة) فيما يتم استجرار المحصول من هذه المعامل بأسعار متدنية لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج على حد قوله، لافتاً إلى للتصدير اعتباراته أيضاً، فالمزارع ليس تاجراً وهو غالباً ليس لديه الملاءة المادية ليكون كذلك، ما يترك للتجار هوامش أكبر لتحقيق أرباح على حساب المزارعين، حسب رأيه .

 

 

 

لنلتفت لها!!

 

يبقى السؤال الأهم والذي لا يزال يبحث عن إجابات، أين القيمة المضافة، ولماذا لم نحققها من محصول البندورة على النحو الذي يليق بهذا المنتج الزراعي المهم حتى الآن، وهو سؤال يحاول الخبير الزراعي المهندس جمال المسالمة رئيس غرفة زراعة درعا البحث في تفاصيله ومقاربة حيثياته.

 

يطالب المسالمة بداية بوضع قواعد أساسية وإجراءات مناسبة تضمن توفير المنتج في الأسواق بأسعار مناسبة للمستهلك، ولكن بما يؤمن للمزارع نسب ربح هامشية تحقق له الجدوى الاقتصادية للاستمرار في زراعة هذا المحصول المهم، لافتاً إلى أن خطة تسويق البندورة من المفترض أن تعتمد على ثلاث قنوات لتصريف المنتج، بحيث يطرح ثلثه في الأسواق للاستهلاك المباشر، والثاني للتصدير، فيما من المفترض أن يذهب الثلث الأخير للتصنيع عبر معامل الكونسروة.

 

هذه المعادلة تتطلب حسب المسالمة، تعزيز ثقافة الزراعة حسب النوع المطلوب في السوق وحسب الصنف المراد، بمعنى أن يكون هناك مساحات مخصصة لزراعة البندورة التصديرية وأخرى للبندورة المعدة للتصدير، وثالثة للاستهلاك المحلي، بحيث لا يطغى صنف على آخر، فكل صنف من هذه الأصناف له خصائص، فالصنف المعد للاستهلاك المحلي مثلاً، لا يتحمل ظروف التصدير وكذلك الصنف التصنيعي له خصائص معينة.

 

ويبين أن هذه الثقافة الزراعية تتيح فرصة أكبر لتسويق المنتج بكل سلاسة وبدون حدوث خلط بين الأصناف كما يحدث، وبشكل يسمح للمصدر أو معامل الكونسروة اختيار طلبه من المحصول وبالصنف الذي يريد.

 

تصديراً وتصنيعاً

 

ويكشف الخبير الزراعي عن المعضلة المتمثلة بقرارات وقف التصدير التي تصدر بين الحين والآخر، ما يترك الأسواق في حالة عرض كبير ويفيض عن حاجة الأسواق فتنخفض أسعار المنتج الزراعي إلى أقل من سعر التكلفة كما هو حاصل الآن مع محصول البطاطا، دون الأخذ بعين الاعتبار أن هناك تعاقدات تصديرية يكون قد تم إبرامها في بداية المواسم، متسائلاً: لماذا يتم اتخاذ مثل هكذا قرارات مفاجئة طالما هناك خطة وتقديرات للإنتاج منذ بداية الموسم تتيح وضع خطة تسويقية متكاملة تضمن للمزارع والمصدر وأيضاً للمستهلك حقوقهم!.

 

وبخصوص التصنيع يرى رئيس الغرفة أن المحافظة تبحث اليوم عن فرص استثمارية جديدة لمشاريع مبتكرة تبتعد عن التقليدية، وأهمها الحاجة إلى منشآت لتجفيف الخضر والفواكه والتي تعمل على مبدأ الصعق، وهي منتجات مطلوبة في الأسواق الخارجية وقد نجحت دول مثل تونس والمغرب ومصر في تصدير مثل هذه المنتجات إلى السوق الأوروبية، ما يتطلب حسب قوله تعزيز هذه الثقافة مستقبلاً للخروج من عباءة التصنيع التقليدي الذي ينحصر في رب البندورة والكاتشاب وغيره من الصناعات التقليدية، والتي وإن حققت ميزة نسبية في الأسواق الخارجية، إلا أنها لا تزال دون الطموح.

 

ويختم المسالمة حديثه بالإشارة إلى ملف المياه التي تستهلكها المحاصيل الزراعية، وذلك في ضوء الاحتياجات الكبيرة والاستنزاف الجائر والذي بات ينذر بحدوث الكارثة، سيما وأن أغلب المحاصيل الزراعية في المحافظة تعتمد على مياه الآبار وهي مياه بخصائص نوعية وجودة عالية.

 

 

 

خلاصة القول

 

يبقى القول إن ما سلف ليس من باب إغفال أهمية زراعة هذا المحصول الذي يعد الأهم في درعا، والموّلد الرئيس لفرص العمل التي تزيد على 150 فرصة عمل محققة، بل يأتي من باب الإضاءة على هذا الملف على أمل أن يجد من يأخذ بيد هذا المحصول ليرفعه إلى مصاف المحاصيل ذات الجدوى الاستراتيجية، ويرفع من قيمه المضافة عبر قنوات تصريفه الثلاث استهلاكاً محلياً أو تصنيعاً أو تصديراً.

مقتطف مما نشرته صحيفة تشرين

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]