أبعاد اقتصادية مشروطة بكسر العقوبات الغربية.. خبراء يستشرفون أفق ما بعد عودة سورية إلى جامعة الدول العربية..

الخبير السوري:

حالة من الترقب التام تسيطر على الأوساط الاقتصادية بعدما اتفق العرب في موقفهم على إنهاء القطيعة والعودة بعد 12 عاماً على تعليق أنشطة دمشق في جامعة الدول العربية، على أمل أن يكون للموقف السياسي أثر اقتصادي بحكم أن الحرب والعقوبات الاقتصادية نالت من جميع الاتفاقيات الدولية ورمت بظلالها الثقيلة على البلد وشعبه، فتراجعت الحركة الاقتصادية والإنتاج، وأصبح من الصعوبة مواكبة كل ما هو حديث ومتطور في كل القطاعات والمجالات محلياً، لذلك فإن الإجماع العربي على عودة سورية فكّ عزلتها وترك أصداء واسعة في الشارع السوري الذي يترقب لحظة انفتاح إقليمي يتبعها آخر دولي بفارغ الصبر.

  • العكام: الهروب من هيمنة الدولار

المصلحة تحدد الموقف

عضو مجلس الشعب السوري محمد خير العكام يؤكد أنه من الناحية القانونية يمكن عودة العلاقات الاقتصادية لكن بشرط واحد وهو الهروب من هيمنة الدولار الأمريكي، لذلك يبقى السؤال: هل الدول العربية قادرة على التهرب ومنع الولايات المتحدة من الضغط على الدول العربية لمنع القيام بأي تبادل تجاري؟ مشيراً في تصريحه لـ”تشرين” إلى أن المصلحة هي التي تحدد موقف الدول العربية خلال الفترة القادمة ومن الممكن الاتفاق على أن يكون التبادل التجاري بعملة غير الدولار وبذلك يكون الأمر واضحاً وبعيداً عن الدولار بهدف تنفيذ الاتفاقيات من الناحية الاقتصادية والنقدية، مبيناً أن الانفتاح سيكون له انعكاس إيجابي على الوضع الاقتصادي السوري، فبعد أن تتطور العلاقات الثنائية بين الدول العربية وسورية، وعندما يتم تفعيل المعاهدات التجارية الموقعة ضمن إطار جامعة الدول العربية، كالسوق العربية المشتركة وغيرها واتفاقيات رسوم الجمارك، التي تم إيقافها خلال فترة القطيعة مع سورية على مدى السنوات الماضية كل ذلك يؤدي إلى تخفيض أسعار السلع وتوفرها في الأسواق السورية.

  • مرجانة: المكاشفة الاقتصادية ستكون المرحلة اللاحقة

مكاشفة اقتصادية قريباً

بدوره أكد رئيس لجنة العلاقات العربية والخارجية في مجلس الشعب بطرس مرجانة لـ”تشرين” أن المكاشفة الاقتصادية بين دمشق ودول الجامعة العربية ستكون المرحلة اللاحقة بعد قرار العودة.

وأضاف: إنّ التحضير سيجري لعقد لقاءات ثنائية وإطلاق حوار يطوي صفحة الماضي والبدء بمرحلة جديدة، ويجب أن نتعلم جميعاً من دروس الماضي ليكون مستقبلنا أكثر إشراقاً.

وتابع: من المتوقع إجراء محادثات واسعة مع الدول العربية والجامعة قريباً جداً، سواء بشكل ثنائي أو جماعي، ولا بدّ من أن يكون شفافاً ويرسم طريق المستقبل، فوجود سورية في الجامعة العربية أمر طبيعي وسيكون تحصيناً للقرار العربي سياسياً واقتصادياً .

حالة ترقب

أما رئيس لجنة القوانين المالية في مجلس الشعب عمار بكداش فأشار إلى أن الانفراج الاقتصادي له طابع سياسي، لذلك لا نريد زرع تفاؤل كاذب بالانفراج السريع للشعب السوري، لافتاً في تصريح لـ “تشرين” إلى أن جزءاً من الاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية لم تتأثر بقرار العودة إلى جامعة الدول العربية بحكم أنها كانت مستمرة رغم العقوبات الاقتصادية ولم تتوقف خلال السنوات الماضية، مبيناً أن المستقبل الاقتصادي مع الدول العربية متوقف على مدى علاقة هذه الدول بالاتحاد الأوروبي والمراكز التابعة لأمريكا، ومن الممكن حل الموضوع الاقتصادي من خلال إبرام اتفاقيات جديدة ثنائية أو جماعية، لكن الأمر متوقف على تطور الأحداث في المستقبل، فالدول العربية تعيش الآن حالة من الترقّب، فهي ترغب بأن تأخذ عودة سورية أبعاداً ليس سياسية فقط، إنما أيضاً اقتصادية .

  • بكداش: الانفراج الاقتصادي له طابع سياسي

مجرد تنبؤات

في سياق متصل رأت وزيرة اﻻقتصاد السابقة لمياء عاصي أن موضوع انتعاش الاقتصاد السوري بعد عودة سورية إلى جامعة الدول العربية مجرد تنبؤات ولا يوجد شيء واضح، لذلك فإن الأمر يحتاج إلى دراسة وبحث للوصول إلى نتائج مضمونة، مشيرة في تصريح لـ”تشرين” إلى أنه في حالة عودة تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية وبالأخص تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية سيكون لها أثر إيجابي على المشهد الاقتصادي السوري، وبالتالي ستتمكن سورية من تأمين الكثير من المواد والسلع، كما ستتمكن من تجاوز الحصار الاقتصادي المفروض عليها من الولايات المتحدة والدول الغربية بنسبة كبيرة، وسيكون بالإمكان استيراد ما تحتاجه البلاد عن طريق الدول العربية والمستثمرين العرب.

  • عاصي: تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية سيكون له أثر إيجابي

لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة ترتبط الدول مع بعضها بشبكة من العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما ترتبط العلاقات الاقتصادية وتتشابك بالعلاقات السياسية، حيث لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة، لذلك تتوسع أو تتقلص العلاقات الاقتصادية بناء على تحول وتغير السياسات الخارجية للدول، حسب دكتور الاقتصاد حسن حزوري الذي أكد لـ”تشرين” أن الاتفاقيات الاقتصادية الدولية ظهرت ولاسيما اتفاقيات التجارة الحرة كصورة من صور التكامل في الاقتصاد العالمي وإحدى وسائل التعاون بين الدول، مبيناً تراجع أهمية اتفاقيات التجارة الحرة لأنها تستجيب للمتغيرات الإقليمية والعالمية الجديدة التي تهدف إلى زيادة درجة المنافسة بين الأسواق وتكريس مبادئ الاقتصادات المفتوحة، وأن لاتفاقيات التجارة الحرة العديد من الفوائد التي تهدف الدول من خلال التوقيع عليها إلى إزالة الحواجز والموانع أمام التبادل التجاري بين أعضاء الاتفاقية على اعتبار أن تحرير التجارة سيحفز حالة من الرخاء الاقتصادي على الصعيدين الوطني والفردي للدول الأعضاء، ومن خلال دراسة بعض اتفاقيات التجارة الحرة اتضح أن حجم التجارة بين الدول التي وقعت على اتفاقيات تجارة حرة بينها تضاعف بمعدل كبير، كما تضاعف حجم الإنتاج، وأدى تخفيض أو إزالة التعرفة الجمركية التي كانت مفروضة من الدول إلى تدفق السلع والخدمات وفتح الأسواق أمام الصادرات ما ساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين موازين المدفوعات، ذلك أنّ التدفق التجاري سيؤدي إلى التركيز على جودة السعر والخدمة، ولابدّ أن يعود ذلك بالفائدة على المستهلكين وذلك بوجود مجال أوسع للاختيار وأسعار أقل من خلال المنافسة المتزايدة.

  • حزوري: التدفق التجاري سيؤدي إلى التركيز على جودة السعر والخدمة

الانفتاح الجديد ..

بدوره توقع الخبير الاقتصادي علي الأحمد تضاعف الاستثمارات والتبادل التجاري بين سورية والدول العربية، خاصة فيما يخص إعادة إعمار البلاد، لافتاً في تصريح لـ”تشرين” إلى أن العائدات ستكون كثيرة على اقتصاد البلد والمنطقة العربية بحكم أن سورية بلد يتميز بموقع جغرافي إضافة للموارد والمساحات الشاسعة والقدرة البشرية الضخمة، لذلك من المؤكد أن عودة العلاقات السياسية في البداية ومن ثم الاقتصادية تعود بالنفع على الجانبين السوري والعربي.

وأشار الأحمد إلى أن سورية بحاجة إلى الاستثمارات العربية والأموال لإعادة الإعمار بعد الحرب التي دمرت وخربت، لذلك يجب العمل على تفعيل العلاقات الاقتصادية بهدف تدفق الأموال العربية بشرايين الاقتصاد السوري الذي بدوره يؤمّن الآلاف من فرص العمل للشعبين السوري والعربي .

    الأحمد: من المتوقع إعادة تشغيل العديد من الشركات العربية التي كانت تعمل سابقاً في سورية

وأضاف الأحمد: من المتوقع أن تكون الدول المجاورة هي المستفيد الأكبر من هذه الخطوة، إضافة إلى أنه من المتوقع إعادة تشغيل العديد من الشركات العربية التي كانت تعمل سابقاً في سورية مثل الإمارات ومصر والسعودية وبذلك سنلاحظ عودة للعمالة العربية إلى سورية لتبدأ زمن الانفتاح من جديد .

ولا يزال أمام سورية أمام التطورات السريعة العديد من التحديات بعد استعادة مقعدها في الجامعة، وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان: «المرحلة المقبلة تتطلب نهجاً عربياً يستند إلى الاحترام المتبادل»، مؤكدة أهمية الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]