هل تعلمون كيف تنتشر الكوليرا بعد الزلزال؟

تعرّفوا الدولة التي تفشّت فيها الكوليرا سابقاً بسبب الزلازل

الخبير السوري

حذّرت منظمة اليونيسيف الدوليّة من تفشي مرض الكوليرا والأمراض المنقولة الأخرى في مناطق بتركيا وسوريةبسبب الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين هذا الأسبوع، وأودى بحياة عشرات الآلاف.

صحيفة Express البريطانيّة، نقلت عن اليونسيف تخوفاتها من مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا والإسهال والدوسنتاريا، مؤكدة أنّ هذه المخاطر باتت في أعلى مستوياتها سيما في سورية، التي تعاني من تفشي الكوليرا منذ عام 2022.

كيف يمكن للكوليرا أن تتفشى بعد الزلازل؟

يمكن أن تتسبب الزلازل الكبيرة في نزوح السكان، وتدمير البنية التحتية للصرف الصحي، وزيادة التهديدات لموارد المياه، مما قد يعرّض السكان لأوبئة الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا.

كما أنّ إجبار العائلات والأطفال على استخدام المياه الملوثة أو المراحيض غير الآمنة، أو عدم الوصول إلى المراحيض تماماً، فإن خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه بسرعة سيصبح حقيقة واقعة

في دراسة نشرتها جامعة Cambridge عام 2013، بحثت العلاقة بين الزلازل وتفشي الكوليرا من خلال دراسة 63 بلداً في العالم من ذوي الدخل المتوسط، وذلك من عام 1995 وحتى عام 2009، وجدت أنّه كان لدى 48 دولة من أصل 63 دولة ما لا يقل عن عام واحد من حالات الإصابة بالكوليرا المبلغ عنها خلال فترة الدراسة التي استمرت 15 عاماً، بينما هناك 36 من هذه البلدان الـ48 تعرضت لكارثة زلزال واحدة على الأقل.

كما لوحظ وجود اتجاه متزايد لخطر الإصابة بمعدلات كوليرا أعلى من المتوسط ​​عندما يتأثر عدد أكبر من الناس بزلزال في بلد ما خلال عام واحد.

وعلى مدى أكثر من 6 عقود، أصبحت الكوليرا الآن متوطنة في معظم البلدان، مع حدوث طفرات في عدد الحالات بشكل دوري، وباتت مصدر قلق رئيسياً.

على سبيل المثال، أثناء الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل، حيث ينتشر من خلال المياه الملوثة، وهذه الأحداث غالباً ما تعرض موارد المياه والصرف الصحي للخطر.

وفي الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن العدد الإجمالي لحالات الكوليرا المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم كان في أعلى مستوياته على الإطلاق.

أسباب مرض الكوليرا

تنتج عدوى الكوليرا بسبب أحد أنواع البكتيريا، يسمى ضمة الكوليرا، الآثار المميتة للمرض هي نتيجة لسمّ تفرزه البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.
يتسبب السم في إفراز الجسم كميات هائلة من الماء، مما يؤدي إلى الإسهال وفقدان سريع للسوائل والأملاح (الكهارل).

قد لا تسبب بكتيريا الكوليرا المرض لدى جميع الأشخاص الذين يتعرضون لها، لكنها لا تزال تمرر البكتيريا في البراز، وهي يمكن أن تلوث الطعام وإمدادات المياه.

المياه الملوثة هي المصدر الرئيسي لعدوى الكوليرا، وقد توجد البكتيريا في:
سطح التربة أو مياه الآبار: الآبار العامة الملوثة مصادر متكررة لتفشي الكوليرا على نطاق واسع. الأشخاص الذين يعيشون في ظروف مزدحمة دون مرافق صرف صحي مناسبة، معرضون للخطر بشكل خاص.
المأكولات البحرية: يمكن أن يعرضك تناول الأسماك القشرية النيئة أو غير المطبوخة جيداً، خاصةً الأسماك القشرية، التي تأتي من أماكن معينة، للإصابة ببكتيريا الكوليرا.
الفواكه والخضراوات النيئة: تعد الفواكه والخضراوات النيئة غير المقشرة مصدراً متكرراً لعدوى الكوليرا في المناطق التي توجد بها الكوليرا. في البلدان النامية، يمكن أن تلوث الأسمدة أو مياه الري التي تحتوي على مياه الصرف الصحي الخام الخضار والثمار في الحقل.

الحبوب: في المناطق التي تنتشر فيها الكوليرا على نطاق واسع، يمكن للحبوب مثل الأرز والدخن الملوثة بعد الطهي التي تُحفَظ في درجة حرارة الغرفة لعدة ساعات، أن تنمو فيها بكتيريا الكوليرا.

هاييتي.. مثال على تفشي الكوليرا بسبب الزلازل المدمرة!

في 12 يناير/كانون الثاني 2012، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.0 درجات على مقياس ريختر دولة هاييتي على بُعد 17 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة بورتو برنس، وقد أودى بحياة نحو 230 ألف شخص، وترك الملايين بلا مأوى،  لكن الضرر لم يتوقف عند هذا الحد: فقد أعاد الزلزال أيضاً مرضاً معدياً لم تشهده البلاد منذ مائة عام، وهو “الكوليرا” والذي بدأ بالظهور بعد أشهر قليلة من الزلزال.

قبل عام 2010، كانت الكوليرا غير معروفة في هاييتي منذ قرن على الأقل، وكان البلد الفقير الذي دمره الزلزال يكافح بالفعل من أجل تحسين المياه والصرف الصحي.

ووفقاً لما ذكرته الإذاعة العامة الوطنية الأمريكية NPR، فقد كانت بداية الوباء في هاييتي سريعة وكارثية، فبمجرد أن ظهرت الحالات الأولى ضرب المرض بقوة متفجرة، وفي غضون يومين من الحالات الأولى، كانت المستشفيات تستقبل مريضاً جديداً بالكوليرا كل 3 دقائق ونصف.

فيما يقول دانييل لانتاني، مهندس البيئة في جامعة تافتس الأمريكية: “جزء من السبب الذي يجعلنا نعتقد أن تفشي المرض قد نما بسرعة كبيرة، هو أن سكان هايتيي لم يكن لديهم مناعة ضد الكوليرا”.

تفشي مرض الكوليرا في هاييتي حصد أرواح ما يقرب من 10 آلاف شخص، واستمر نحو 9 أعوام، قبل إعلان الدولة خالية من المرض.

لماذا سورية مرشحة لتكون بؤرة كوليرا؟

سورية تعاني بالفعل من الدمار الواسع للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي بسبب الحرب المستمرة، مع إعلان تفشي الكوليرا قبل 5 أشهر وانتشر الآن في جميع أنحاء البلاد، وفي أعقاب الزلزال، ربما تكون مصادر المياه النظيفة القليلة المتاحة قد تضررت أيضاً.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن ما ساعد على انتشار مرض  الكوليرا كان ضعف البنية التحتية، فيما أشارت التقديرات إلى أن 50٪ فقط من نظام المياه والصرف الصحي في البلاد يعمل بشكل صحيح، وربما أصبحت النسبة أقل بكثير بعد الزلزال الأخير.

خلال القرن التاسع عشر، انتشرت الكوليرا في جميع أنحاء العالم من خزانها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند، قتلت 6 أوبئة لاحقة ملايين الأشخاص في جميع القارات، بينما بدأ الوباء السابع بجنوب آسيا عام 1961، ووصل إلى إفريقيا عام 1971 والأمريكتين عام 1991.
هناك العديد من المجموعات المصلية من ضمة الكوليرا، ولكن اثنين فقط- O1 وO139- يسببان تفشي المرض، وقد تسببت ضمة الكوليرا O1 في جميع التفشيات الأخيرة، بينما تسببت ضمة الكوليرا O139- التي تم تحديدها لأول مرة في بنغلاديش في عام 1992- في حدوث فاشيات بالماضي، ولكن لم يتم تحديدها مؤخراً إلا في حالات متفرقة، وفقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية.

ويرتبط انتقال الكوليرا ارتباطاً وثيقاً بعدم كفاية الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي.
تشمل المناطق المعرضة للخطر عادةً الأحياء الفقيرة في ضواحي المدن، ومخيمات المشردين داخلياً أو اللاجئين، حيث لا تتم تلبية الحد الأدنى من متطلبات المياه النظيفة والصرف الصحي

يمكن أن تؤدي عواقب أي أزمة إنسانية- مثل تعطيل أنظمة المياه والصرف الصحي، أو نزوح السكان إلى مخيمات غير كافية ومكتظة- إلى زيادة خطر انتقال الكوليرا، في حالة وجود البكتيريا أو إدخالها.
ظل عدد حالات الكوليرا التي أُبلغت بها منظمة الصحة العالمية مرتفعاً خلال السنوات القليلة الماضية.

خلال عام 2020، تم الإبلاغ عن 323369 حالة إصابة، وتم الإبلاغ عن 857 حالة وفاة من 24 دولة.
يرجع التناقض بين هذه الأرقام والعبء المقدر للمرض إلى عدم تسجيل العديد من الحالات بسبب قيود أنظمة المراقبة والخوف من التأثير على التجارة والسياحة.

 

المصدر: وكالة أوقات الشام

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]