التقنية تخذل المواطن…فشل تطبيق «جي بي إس» في حلّ مشكلة الازدحام على بعض الخطوط..

الخبير السوري:

تحسن طفيف، تمخّض عنه تطبيق أجهزة التتبّع “جي بي إس” على السرافيس العاملة على خط اللاذقية- جبلة، ففي الوقت الذي تنفس فيه المواطنون، خاصة طلاب الجامعات والموظفين، الصعداء قليلاً لحجز بعض سرافيس خط اللاذقية- جبلة مكاناً لها في كراج جبلة فيما تيسر لها من وقت خلال ساعات النهار، والصعود إلى السرفيس من دون الخوض في جولة سباق وتدافع، بقي المشهد على حاله في الكراج الشرقي وعند موقف الدراج في مدينة اللاذقية، حيث لا يزال توفّر السرافيس عصيّاً عن تحقيق المأمول من تطبيق “جي بي اس”.

مواطنون بالعشرات يتجمهرون عند مدخل الكراج الشرقي، ويتضاعفون عند موقف الدراج، بالتزامن مع بدء الامتحانات الجامعية، خاصة في فترة الظهيرة، وما يزيد من معاناة الانتظار التي اعتادها المواطنون، هو وقوفهم تحت المطر لساعة وأكثر بانتظار قدوم وسيلة نقل تقلّهم إلى جبلة.

“تيتي تيتي”

“تيتي تيتي”، بكلمتين متداولتين، أوجزت سهى (طالبة علم اجتماع) التي تقف عند موقف الدراج، لـ”تشرين” واقع الحال الذي لم يتغير بعد تطبيق نظام “جي بي اس”، لتضيف: على كثرة ما تحدثوا عن فوائد “جي بي اس” وكيف سيحل مشكلة النقل ويضبط السائقين، اعتقدنا أننا سنتوجه إلى الموقف لنجد السرافيس تصطف بانتظار الركاب، لكن الواقع بقي على حاله “تيتي تيتي”.

  • شل الحركة في جبلة بعد الساعة الخامسة عصراً نتيجة توقف سرافيس جبلة – مشفى عن العمل.. وعلى المواطن السير على الأقدام

من جهته، قال ماهر (طالب طب): مشكلة المواصلات في اللاذقية لا تحل بتطبيق “جي بي اس” وإنما تحتاج إلى معجزة إلهية، خاصة في ظل تكرار الفشل في إيجاد حل لضبط السائقين بالعمل على خطوطهم وعدم التسرب، متسائلاً: كيف يتم ضبط عمل السرافيس في جبلة حيث توجد السرافيس في الكراج في حين تتبخر في اللاذقية؟.

وأضاف: أقف منذ أكثر من ساعة بالبرد وتحت المطر بانتظار سرفيس أو باص نقل داخلي لكن من دون جدوى، في حين تتوفر التكاسي التي تطلب من الراكب بين 8-10 آلاف ليرة، لتجمع أربعة ركاب وتقلهم الى جبلة، وتابع: أنا طالب جامعة من أين لي أن أدفع هذا المبلغ!؟، خاصة أنني بالكاد أتدبر مصاريف الدراسة.

إلى الكراج الشرقي، المشهد يعيد إنتاج المعاناة نفسها بصورة “طبق الأصل” للمواطنين المتجمهرين عند مدخل الكراج، فما أن يطل سرفيس جبلة اللاذقية حتى يبدأ مشهد السباق على فتح الباب وما يتخلله من تدافع وأحياناً سباب وشتائم.

مخصصات غير كافية

صاحب أحد سائقي السرافيس العاملة على خط اللاذقية- جبلة قال: ليس جميع السائقين ملتزمين بالعمل على الخط، خاصة المرتبطين مع شركات أو رياض أطفال لتأمين نقل العمال والأطفال، ومنهم من لا يريد أن يلتزم، وعليه فإن الازدحام سيبقى موجوداً، مشيراً إلى قلة عدد السرافيس العاملة على الخط مقارنة بالضغط الموجود عليه.

بدوره، أشار سائق آخر إلى أنه بالرغم من قرار المحافظ إعادة 25% من مخصصات السرافيس التي كانت للمحافظة ألغتها خلال الفترة الماضية، إلّا أن المخصصات غير كافية لتأمين حركة النقل كما يلزم، ويضيف: نعمل وفقاً لما نحصل عليه من مخصصات يومية، إذ إننا نحصل على 24 لتراً يومياً، وكل “سفرة” تحتاج 8 لترات، ما يعني أن المخصصات تكفي 3 “سفرات” فقط، ويتابع: بعد إعادة 25% من مخصصات المازوت التي كانت المحافظة ألغتها فإنه من المفروض أن تزيد “سفرتين” لكل سرفيس.

حتى سرافيس الريف متعذرة

في جبلة، حيث سرافيس جبلة – اللاذقية تثبت وجودها في معظم أوقات النهار وليس كلها، وتتعذر صباحاً لكثرة الازدحام، تغيب السرافيس العاملة على الخطوط التي تربط بين جبلة وريفها.

  • عدد السرافيس العاملة على خط اللاذقية – جبلة لا يتناسب مع عدد السكان والضغط الكبير الحاصل

تأفف وتمتمات ووجوه فقدت ” دمويتها” بفعل البرد، ملامح عامة ترسم مشهد المواطنين المنتظرين، على اختلاف وجهتهم في الريف الكبير لجبلة، وهم ينتظرون. سيدة سبعينية تجلس على المقعد في كراج جبلة بانتظار سرفيس يقلّها إلى قريتها عين شقاق، تشكو من أن البرد تمكن منها وهي تنتظر قدوم سرفيس لكن من دون جدوى، إذ مضى على وجودها في الكراج حوالي الساعة، ولا تزال تنتظر، وتضيف: لولا موعدي مع الدكتور لما كنت نزلت إلى المدينة، وأنا أشعر بالألم الآن أكثر من قبل فالبرد نخر عظامي.

حتى أنت يا “جبلة- مشفى”

وفي الوقت الذي يتعذر فيه التزام السائقين على الخطوط التي تربط جبلة بريفها ومدينة اللاذقية، ينسحب واقع الحال ذاته على خط جبلة – مشفى، الذي يغيب لفترات في ساعات النهار، ثم يتوقف عن العمل من الساعة الخامسة، باستثناء سرفيس أو اثنين، بالرغم من أنه الخط الوحيد الذي يخدّم المدينة.

وقالت نيرمين: أصبح مألوفاً لسكان جبلة أن أي عمل أو مشوار سيقومون به بعد الساعة الرابعة أو الخامسة عصراً، يجب أن يذهبوا إليه سيراً على الأقدام لأنّ السرافيس ستكون توقفت عن العمل، فالحركة تشل في المدينة باكراً ما يجعل الكثيرين يؤجلون قضاء حوائجهم لصباح اليوم التالي.

فيما اشتكى سامي من أن سرافيس اللاذقية – جبلة تنزل الركاب أمام كراج جبلة، ويضطر الركاب إلى السير إلى منازلهم في ظل عدم قبول سائقي اللاذقية الدخول إلى المدينة من جهة، وعدم وجود سرافيس جبلة- مشفى، مضيفاً: كأن ساعات الانتظار الطويلة في كراج اللاذقية لا تكفي حتى تكتمل المعاناة في جبلة.

وطالب من التقيناهم في جبلة، بضبط عمل سرافيس جبلة- مشفى وإلزامهم بالخطوط، وتركيب جهاز التتبع “جي بي اس” على السرافيس، خاصة أن معظم سائقي السرافيس يشتكون عدم كفاية مخصصات المازوت سوى لسبع رحلات يومية، مع العلم أن خط السير المحدد له قصير لا يتجاوز 6 كم.

عدم تناسب السرافيس مع عدد السكان

بدوره، قال عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع النقل في اللاذقية دريد مرتكوش لـ”تشرين” أن عدد السرافيس العاملة على خط اللاذقية – جبلة يبلغ 340 سرفيساً، بينها سرافيس تم فززها لشركات إنتاجية ذات طابع اقتصادي كالغزل والنسيج، وسرافيس متعاقدة مع مدارس خاصة ورياض أطفال، مشيراً إلى أنه من شروط إنشاء المدارس الخاصة هو استيراد مركبات معفاة من الرسوم والجمارك والضرائب، وعليه فإن تعاقد أصحاب السرافيس معها يعدّ مخالفة للقانون.

وأشار مرتكوش إلى رفض 40 صاحب سرفيس تركيب “جي بي اس”، وهم متغيبون عن الخط، مؤكداً أنه في المرحلة الأولى يتم إدراج أرقام السرافيس باعتبارها متسربة عن الخط وما يترتب على ذلك من توقيف للسائق وتقديمه للقضاء بالإضافة لحجز المركبة سبعة أيام ودفع غرامة مالية قدرها 250 ألف ليرة، أما المرحلة الثانية في حال أصرّ السائق على عدم التزامه بتركيب الجهاز، فإنه يتم ضبطه ميدانياً وسؤاله عن مصدر مادة المازوت، وعدّها سوقاً سوداء واتجاراً بالمادة وتوقيفه بموجب المرسوم رقم 8 لعام 2021.

وأكد مرتكوش أن الإجراءات التي يتم اتخاذها بحق السائقين المتهربين من تطبيق “جي بي اس”، قاسية ورادعة، لافتاً إلى وجود أشخاص مستفيدين من الفوضى والاتجار بمادة المازوت في السوق السوداء.

  • 15 باص نقل داخلي متوقفة عن العمل بسبب “الدواليب”

وحسب مرتكوش، فإن أزمة النقل التي لا تزال قائمة، مردها إلى عدم تناسب عدد السرافيس العاملة مع عدد السكان، وعدم كفاية عدد باصات النقل الداخلي، منوهاً بوجود 15 باصاً متوقفة عن العمل بسبب عدم وجود “دواليب”، مشيراً إلى الضغط والصعوبات وعدم توفر الاعتمادات المالية.

وأضاف: ناهيك بأن الازدحام والضغط على خط جبلة -اللاذقية سببه قدوم مواطنين من طرطوس، حمص، حماة، إلى جبلة ومن ثم التوجه إلى اللاذقية، خاصة للجامعة، ما يجعل عدد المواطنين كبيراً والضغط هائلاً على الخط، مستدركاً: لكننا سنبذل ما بوسعنا وسنطبق الإجراءات الرادعة لضبط واقع النقل وإلزام جميع السائقين بالعمل على خطوط سيرهم والتقيد بها.

وأكد مرتكوش أن تطبيق “جي بي اس” حقق نتائج جيدة، مستدركاً: إنّ أي تجربة جديدة يرافقها في البداية بعض السلبيات لكن سيتم تلافيها.

إعادة المخصصات الملغاة

وكانت محافظة اللاذقية قد أقرت قبل يومين بإعادة 25 % من مخصصات السرافيس، مع تحسن توريدات المشتقات النفطية وزيادة مخصصات المحافظة من مادة المازوت، بهدف التخفيف من حالات الازدحام وتأمين نقل المواطنين إلى أماكن عملهم ومنازلهم.

ويأتي قرار إعادة المخصصات بعد أن كانت المحافظة قد خفضت مخصصات السرافيس من مادة المازوت الشهر الماضي، بسبب نقص التوريدات النفطية وأزمة المحروقات التي طالت جميع المحافظات.

 

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]