دعم بالأقوال وليس بالأفعال..أجرة حراثة الأراضي تهدد زراعتها .. فما بالنا بالتفاصيل الأخرى ؟

* رئيس الاتحاد يؤكد عدم القدرة على تأمين المازوت

 الخبير السوري:

هي حكاية كل عام يتجرّع فيها الفلاح مر المعاناة حتى يتدبر أمره في زراعة محصوله الذي لا يجني منه ما قد يعوّضه عن تعبه وتكاليفه الباهظة، ففي هذه الأيام تطل مشكلة الحراثة برأسها مع بدء زراعة محصولي القمح والشعير، سواء لجهة غلاء الأجور، أو صعوبة تأمين الجرارات الزراعية للفلاحة، وهذا ما يؤدي إلى التأخر بموعد الزراعة، ما يتسبب بخسارة الموسم، وللأسف، لا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، بل هناك ألم دائم من ارتفاع أسعار كافة مستلزمات الزراعة، وسط غياب الإجراءات من الجهات المعنية في التخفيف عن المزارعين الذين باتوا يفكرون جدياً “بكسر الفلاحة”، وهي كلمة متداولة بين فلاحي حمص كناية عن ترك العمل بها!.

الهموم واحدة!

من خلال جولة ميدانية لـ “البعث” على عدد من القرى والجمعيات الفلاحية في ريف حمص الغربي والشرقي، كان هناك قاسم مشترك لمعاناتهم هو ارتفاع تكاليف الزراعة، خاصة مزاجية أصحاب الجرارات الذين يفرضون الأجر الذين يريدون لساعة الحراثة دون محاسبة أو مساءلة!.

المزارع نزار، من قرية حداثة بريف حمص الغربي الذي يملك أكثر من 10 دونمات صالحة لزراعة القمح، شكا من عدم قدرته على زراعتها بسبب ارتفاع أجور ساعة الفلاحة الواحدة لحوالي 50 ألف ليرة سورية، عدا عن ارتفاع أسعار البذار والأسمدة التي زادت لأكثر من ضعفين، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المزارعين سيعكفون هذا الموسم عن زراعة أراضيهم بسبب ارتفاع التكاليف، مطالباً بتحديد أجور سعر فلاحة الدونم من قبل اتحاد الفلاحين، لأن ترك الأمور على هذا الحال سيؤدي لارتفاعها بزيادة الطلب على الحراثة خلال الموسم .

وبيّن المزارع عبد الحليم، من قرية تير معلة بريف حمص الشمالي، أن أغلب المساحات في المنطقة تزرع مروية، وهذا يزيد من تكاليف الزراعة، بالإضافة لأجور الفلاحة التي وصلت هذا الموسم لحوالي 90 ألف ليرة سورية للهكتار الواحد، عدا عن ثمن البذار!.

ولا يختلف حال المزارع علي، من قرية الشعيرات بريف حمص الشرقي، عن باقي مزارعي المحافظة، موضحاً أن المعاناة ذاتها، فأصحاب الجرارات هم من يحدد أجور الفلاحة بحجة عدم تأمين مادة المازوت الزراعي، وارتفاع أجور الإصلاح، وقطع الغيار للجرارات .

العودة للمحراث

فيما قال المزارع بسام من منطقة المخرم: إن أغلب أهالي المنطقة يعتمدون في مدخولهم على الزراعة، وبسبب ارتفاع التكاليف سيعودون للفلاحة القديمة على الحمير والأبقار باستخدام المحراث القديم  كون المساحات صغيرة وتحت الأشجار المثمرة حتى لو أنها تحتاج لوقت وجهد أكبر .

وأيضاً شكا المزارع عيسى من قرية الهرقل من ارتفاع تكاليف الحراثة والسماد التي ستمنعه من زراعة أكثر من 5 دونمات، وهي حاجته الشخصية للعام القادم .

ما رأي رؤساء الجمعيات؟

عبد الله شقوف، رئيس الجمعية الفلاحية بقرية نعرة بمنطقة تلكلخ، أبدى تعاطفه ووقوفه لجانب الفلاحين مما يعانونه، مؤكداً أن أصحاب الجرارات الزراعية يحددون سعر فلاحة الدونم الواحد بحوالي 30 ألف ليرة سورية، وحجتهم عدم تخصيصهم من بداية العام الجاري بأكثر من 100 ليتر مازوت، ويقومون بشراء المازوت بالسعر الحر البالغ 3200 ليرة سورية لليتر الواحد، مشيراً إلى أنه منذ بداية العام لم يتم تخصيص الجرارات الزراعية عن طريق البطاقات الذكية بأكثر من 100 ليتر خلافاً لبقية المناطق التي تزود الجرارات بمادة المازوت، وأضاف شقوف: تم تحديد 5 كيلوغرامات لكل دونم من مادة السماد، والدونم الواحد يحتاج لحوالي 20 كيلوغراماً، ما سيجبر الفلاح على شراء السماد من التجار بأسعار عالية، وهذا ظلم له!.

تأمين البذار

وأشار رئيس جمعية الشعيرات علي الديب إلى أن القرية ومحيطها يعانيان كباقي المناطق من قلة مادة المازوت، وسعر فلاحة الدونم الواحد هذا الموسم من 7000 – 8000 ليرة سورية كون الأرض سهلة، موضحاً أن الفلاحين يعتمدون على شراء البذار من القطاع الخاص كون المنطقة لا تزود من قبل مؤسسة إكثار البذار بسبب اعتبار منطقة الاستقرار الرابعة خارج منطقة المطر، واعتبارها منطقة رعوية رغم نجاح زراعة القمح والشعير فيها .

قروض صغيرة

وطالب رئيس جمعية المخرم غسان العقدة بالتدخل لتحديد أسعار أجور ساعة الفلاحة، وكذلك البذار والسماد، وبيّن أن سعر فلاحة الدونم الواحد في المنطقة يتجاوز عشرة آلاف ليرة، مشيراً إلى أن أغلب مزارعي المنطقة سيزرعون نصف أراضيهم فقط، مطالباً بتسهيل الحصول على قروض ميسرة من المصرف الزراعي لتتم زراعة أكبر مساحة ممكنة للموسم الحالي.

مازوت حر!

أصحاب الجرارات برروا ارتفاع الأجور بعدم توفر المازوت المدعوم الذي يكفي، وأشار أحدهم إلى أن الجرار يحصل بالشهر في بعض المناطق وحسب الكميات المتوفرة على 150 ليتراً من المازوت، وهي كمية لا تكفي لعدة أيام، لذا هناك حاجة للشراء من تجار السوق السوداء وبالسعر الحر بأكثر من 3000 ليرة سورية، بالإضافة لارتفاع أجور الصيانة وقطع التبديل والإطارات للجرارات التي ارتفع سعرها أضعافاً مضاعفة، فأغلب الفلاحين لا يضعون هذه المصاريف بالحسبان، ويعتبرون الأجور مرتفعة!.

لا قدرة لدينا!

في رده على شكاوى الفلاحين من غلاء الأسعار، خاصة أجور الحراثة، أكد رئيس اتحاد فلاحي حمص يحيى السقا أنه تمت مناقشة تحديد أجور ساعة الفلاحة في عدة اجتماعات مع المحافظة، ولكن حتى الآن لم يتم تحديدها، والسبب عدم قدرة الاتحاد والمحافظة على تأمين الكميات الكافية من المازوت لعمل الجرارات، مبيّناً أنه تم اتخاذ قرار بتزويد أصحاب الأراضي بكمية محدودة من مادة المازوت حسب المساحات التي يمتلكونها لتتم زراعة الموسم الشتوي بالاتفاق مع أصحاب الجرارات، وتخفيض سعر فلاحة الدونم الواحد بما يناسب الفلاح وصاحب الجرار .

للأسف، هذا هو واقع “الفلاح الحمصي”، فبين ارتفاع الأجور والحاجة للزراعة تكثر المداولات، وتتعدد الآراء، ولكن دون نتيجة تصب في صالح الإنتاج الزراعي بشكل عام، ليبقى المزارع أمام خيارين: إما الدفع حسب ما هو معمول به وفق الواقع الحالي والأجور الكاوية، أو ترك هذه المهنة، علماً أنه بحاجة لزراعة كل شبر صالح للزراعة، وخاصة القمح!.

صديق محمد

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]