تنوع وآجال مختلفة.. فهل وصلت القروض الاستثمارية للغايات المنشودة؟

الخبير السوري:

لا شك أن تنشيط البيئة الاستثمارية لكافة القطاعات الاقتصادية باتت أولوية ملحة في الفترة الراهنة التي يشهد فيها الواقع الاقتصادي والإنتاجي محاولات وجهود لإعادة الإقلاع والتخلص من لعنة الحصار والضغوطات والعقوبات، فعلى الرغم من أهمية توفير بيئة تشريعية لضمان تحسن واقع الاستثمار، إلا أن التمويل يبقى المحور الأساسي الذي تبنى عليه الخطط لتنشيط البيئة الاستثمارية، ودوره الرئيسي في توفير الاحتياجات المالية للمنشآت والمشاريع الاقتصادية المعول عليها، ليطفو السؤال: هل أدت المصارف – والتجاري السوري أنموذجاً لضخامة ودائعه ومحفظته الائتمانية كونه المصرف الأضخم في سورية- دورها في تسييل سيولتها المتراكمة نحو نشاطات لها جدوى اقتصادية استثمارية، ساهمت بالدورة الإنتاجية والاقتصادية كمهمة اقتصادية للمصارف.؟

يرى المدير العام للمصرف التجاري الدكتور علي يوسف أن مصرف التجاري دعم الاستثمار من خلال قروضه الاستثمارية بآجال متنوعة تتناسب ومتطلبات كل مشروع على حدة، وحاول التأقلم مع متطلبات المشاريع الاستثمارية بسلته الائتمانية، إذ طرح قروضاً قصيرة الأجل لعام واحد ومتوسطة الأجل لثلاث سنوات كحد أقصى، وطويلة الأجل لعشر سنوات كحد أقصى، لتساهم هذه القروض بشكل رئيسي في تمويل عملية الاستثمار، فكان التمويل في القطاع الإنتاجي بقرض قصير الأجل لتمويل شراء المواد الأولية، إذ يستطيع صاحب المنشأة البدء بالعملية الإنتاجية وسد العجز المالي لديه لشراء المواد الأولية من خلال القرض كبداية له، وبعد البدء بالإنتاج والبيع يمكنه من إعادة أقساط القرض وتحقيق عائد إضافي، وبالتالي حقق المصرف عامل المرونة وتسيير أعمال المنشآت في هذا المجال ليحقق تسريع دورة الاستثمار والإنتاج، وساق أمثلة على المشاريع التي تم تمويلها من المصرف خلال الفترة الماضية، منها تمويل منشآت مستودعات الألمنيوم والأخشاب، وتمويل منشآت توضيب الخضار والفواكه، وتمويل منشآت تعليمية.

كما استهدف من خلال التمويل الاستثماري متوسط وطويل الأجل تمويل معدات وآلات وتجهيزات، إذ يمكن للمقترض الحصول على تمويل لشراء تجهيزات ومعدات أو آلات وغيرها أو أية أصول ثابتة استثمارية تمكنه من الانطلاق بعملية الإنتاج ضمن منشأته وإعادة الأقساط على فترة تمتد إلى 10 سنوات، وبالتالي لعب المصرف دور محرك لعملية الإنتاج ومشجعاً لها عند نقصان التمويل، والذي يُعد أهم عامل مؤثر لدى المستثمر للبدء حين يعاني من عجز بالتمويل، كما يرمم الأصول الإنتاجية حسب القطاعات المستهدفة بالتمويل بما يحقق لها الاستمرارية والديمومة، وبالتالي يرفع كفاءتها في المساهمة بالناتج المحلي، وهنا يستهدف التمويل معامل بلاستيك، وتمويل معامل أعلاف، أو معدات مداجن ومباقر، أو لمجبل بيتوني، ومعدات أجهزة طبية، ويمكن أن يمنح التمويل لتجهيزات ومعدات محطات وقود، وقد منح المصرف موخراً تمويل لمعمل بلاستيك.

كما دخل المصرف على مسار تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، إذ بين يوسف أن المصرف استهدف من خلال تمويله هذا القطاع تحقيق الفائدة على المستوى الوطني كدرجة أولى من خلال توفير بدائل نظيفة ومتجددة للطاقة في ظل العقوبات، إضافة لكون القطاع ناشئ وله جدوى اقتصادية جيدة ومخاطره مقبولة – بعد إجراء الدراسة اللازمة حسب كل قرض- إذ تشكل قروض المصرف العامل المساعد لإتمام هذه المشاريع الاستثمارية، ريثما تبدأ بإنتاج الطاقة ورفد الشبكة العامة بها، مشيراً إلى أنه تم تمويل شراء معدات وتجهيزات محطات توليد عبر الطاقة الشمسية ضمن محافظة حماه، السويداء، طرطوس، وتم تمويل شراء ألواح كهروضوئية ومستلزمات بناء محطة التوليد للطاقة الكهربائية ورفدها بالشبكة العامة.

ويلعب المصرف دور هام بتنشيط الاستثمار في مشاريع موجودة وقائمة لكنها قد تكون متعثرة أو متوقفة، إذ يدعم المقترض الراغب باستثمار مشروع ما وقع اختياره عليه لشرائه وتشغيله، إضافة لإمكانية تحسين إدارة هذه المنشآت عند انتقالها لمستثمر جديد يرغب في توسعتها أو تحسين إنتاجيتها، وبالتالي يساهم المصرف في إعادة هذه المشاريع لواقع الاستثمار والإنتاج، وبحسب بيانات المصرف فقد تم منح تمويل لشراء مداجن ومزارع جاهزة.

وشدد يوسف على تنوع قروض التجاري السوري، كما أنه ساهم في البعد الاجتماعي من خلال طرحه القروض الشخصية، إذ مول مواطنين ذوي دخل محدود بتلك القروض والتي تعتبر بلا شك حسب يوسف من أفضل وأسرع المنتجات لدى المصرف كونها بسقوف محددة لغاية 20 مليون ليرة، وتعتبر القروض الشخصية استثمارية كونها مولت مواطنين لتنفيذ خططهم المالية الشخصية أو مشروعات متناهية بالصغر تحقق لهم الدعم المالي الإضافي لعملهم كشراء سيارة لتكون مصدر دخل أو إكساء متجر صغير أو استكمال معدات ورشة، وهو جانب مهم للاستثمار في ظل الواقع الراهن، بالتوازي مع استمراره بقروض شراء العقار والذي ساهم خلال الفترة السابقة في تمويل العديد من العقارات التجارية والسكنية، والتي أصبحت مقراً لفعاليات منتجة ونشاطات استثمارية جيدة.

الجدير بالذكر أن الضمانات التي يستوفيها المصرف تبقى ملك للمقترض ويستثمرها، بالتالي يستطيع المقترض (المستثمر) أن يحصل على السيولة التي يحتاجها دون أن يضحي بعقاراته.

البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]