المتهربون من الخدمة العسكرية يتسلمون مناصب قيادية ؟!

الخبير السوري:

شعورٌ بالتمييز يسود وسط شريحة كبيرة من الشباب السوريين، سواء في الجامعات أو في المؤسسات الحكومية، أو المنظمات والاتحادات النقابية، وخاصة في القطاعات التي يغلب عليها العنصر الشبابي، مردّه ليس فقط تهرّب البعض من الخدمة العسكرية، بل وتسلمهم مواقع ومناصب وظيفية وقيادية. ومع أن الشرط المتعارف عليه للتعيين فيها هو أداء الخدمة الإلزامية، إلا أن هناك أشخاصاً منهم من نراهم أينما نظرنا، في المكاتب والمنابر، أو في الحياة العامة والخاصة، لدرجة بات العثور عليهم ليس بالقضية الشائكة!.

المؤسف في الموضوع أن مثل هذا الواقع “المستفز” يسهم بوجود نوعٍ من الشرخ، ويضعنا في مواجهة حالة من التنافس غير الشريف وغير المتكافئ بين الشرائح الشابة، ويفرز نوعاً من اللامساواة بين الشباب أنفسهم، بين من يمتلك الخبرة في التهرب أو “الحظوة”، ومن لا يمتلكها، خاصةً وأن المتهربين من تأدية واجبهم الوطني يسرحون ويمرحون أمام أعين الجميع، لا بل يعيشون حياةً طبيعيةً تماماً، ويترقون وظيفياً وقد يحضرون حفلات عامة ويتنقلون بين المدن.. إلخ!،  وفوق ذلك قد يشعر البعض منهم بنوع من التفوق – إن لم نقل الاستعلاء – بينما غيرهم يؤدي “الإجبارية” و”الاحتياطي” لسنوات قد تطول، ليرجع بعدها للحياة المدنية من نقطة الصفر.

والغريب في الأمر أيضاً أن أعداد هؤلاء ليست بالقليلة، وهو ما يزيد الشعور بالتفاوت والظلم واللامساواة بين أبناء الجيل الواحد، ونعتقد أنه إذا ما بقي الوضع على هذه الحال، فسوف نجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة، النقطة الأكثر حساسية فيها تتمثل في أن هناك “حالات” لا يتردّد كثير من المواطنين بـ “الهمس والغمز” بشأن التزامها الوطني، ومع ذلك تُرشّح، وربما تتقلد مناصب الشرط الأول والأساسي لها هو الالتزام بالخدمة العسكرية، لأنك لا يمكن أن تكون قيادياً في مكان ما، أو مسؤولاً بدرجة ما، إلا إذا كنت قد برهنت وأثبت وطنيتك، على الأقل الالتحاق بصفوف الجيش العربي السوري، مجنداً أو متطوعاً، والخدمة الإلزامية هي أول وأبسط وأقدس واجب يتساوى السوريون جميعاً في أدائه بموجب الدستور، ودون أي استثناء، الأمر الذي يتطلّب عدم التهاون به، خاصةً وأنها تُشكّل واحدة من أقدم وأعلى أشكال التعبير عن المواطنة، فمؤسّسة الجيش هي أكبر مدرسة تتربى وتُصقل فيها الشخصية الوطنية، وبالتالي أكبر بوتقة لصهر تلك الشخصية وصناعتها، ومن هنا تستمدّ ضرورتها وقدسيتها.

والعرف القائم، لا بل الشرط الأساسي عند ترقية أي مواطن، هو أن يخدم مجتمعه ووطنه، وبالتالي بأي حق تتمّ هذه الترقية في حال عدم توفر هذا الشرط؟!.. ألا نكون بذلك نحابي البعض على حساب آخرين أدوا واجباتهم كاملة؟

والأمر الأكثر استهجاناً وغرابةً أن يقوم أحد هؤلاء “والوطنية معلقة على رقبته” بقيادة غيره ممن أدوا خدمتهم الإلزامية، بل ويعلّمهم الإخلاص وحب الوطن وهو بالأساس متهرّب من الخدمة الإلزامية!!.

وضعٌ ينسحب على عشرات الشباب، خاصة أولئك الذين يشعرون بالظلم لأن ترشيحاتهم لانتخابات ما ترفض، بينما غيرهم ينجح على الرغم من تهرّبه من الخدمة الإلزامية..! علماً أن التوجيهات الصادرة بهذا الخصوص واضحة، وهنا السؤال المحوري: في حال لم يتوفر شرط أداء الخدمة الإلزامية، كيف تمّ قبول ترشيح هؤلاء؟.. وكيف نسمح لهم بتسلم زمام القيادة؟!

المسؤولية لا يتحمّلها المتهربون فقط، بل من يتواطأ ويسهل لهم أمر تعيينهم!!

البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]