طريق صيني بمواصفة أوربية …

معد عيسى

أقرّ مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة مشروع قانون الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة والذي يسمح بإحداث وتنظيم شركات تملك الدولة أسهمها كاملة وشركات مشتركة وشركات مساهمة عمومية قابضة بهدف تنمية القطاع العام الاقتصادي وزيادة إنتاجيته وربحيته وتعزيز إمكانات الموارد البشرية وتحقيق الكفاءة الإدارية والاقتصادية مع إعطاء المرونة المطلوبة لتلك الشركات للقيام بعملها على النحو الأمثل وتحقيق خطوات متقدمة في تنمية الاقتصاد الوطني.

هذا يعني أنه فيما لو كتب لقرار مجلس الوزراء أن يرى النور ويتحول إلى إصدار فإن الكثير من الشركات والمؤسسات العامة ستتحول إلى شركات خاصة مملوكة للدولة ويعني أيضاً أنها ستتحرر من كل قيود القوانين العامة التي تتضمن الكثير من الروتين، سواء أكان قانون العقود المتعلق بتأمين احتياجات هذه الجهات وبيع منتجاتها أم ما يتعلق بقانون العاملين وتعينهم أم لناحية الأنظمة المحاسبية أم من حيث الأجهزة الرقابية المنفصلة عن الواقع، لأنها أصبحت شركات خاصة تخضع للقانون التجاري وللقانون المدني بعيداً عن كل القيود.

لا شك أن تحويل الشركات العامة إلى شركات خاصة مملوكة للدولة يعد مسألة غاية في الأهمية لإصلاح القطاع العام الاقتصادي الذي نسمع بإصلاحه منذ سنوات طويلة دون أن نرى شيئاً سوى التراجع والانهيار، وهذا الطرح هو الطريق الذي مشت عليه الصين حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، ومن الحكمة أن نستفيد من تجارب الآخرين لكن بالمواصفة الأوروبية للمنتجات الصينية لا بمواصفة تجارنا الموردين لأسوأ أنواع البضائع بأعلى الأسعار بعد تقييمها ومواءمتها مع واقعنا ولدينا التجربة نفسها في الشركة العامة للاتصالات ولكن هل تم تقييم التجربة ومعرفة فيما إذا حققت الهدف؟ وهل تم تقييم إدارة المرافق العامة بأسلوب القانون الخاص من قبل موظفين حكوميين؟

هناك فرق كبير بين إدارة الشركات الخاصة من قبل مالكيها الذين يعملون لتحقيق مصالحهم بشكل كامل وحتى لو كان ذلك في التهرب من بعض القيود والضرائب، أما الشركات العامة التي ستتحول إلى خاصة مملوكة للدولة سيقوم عليها موظفون لا يمتلكونها وليس لهم أسهم فيها وبالتالي لن يكون لديهم الحرص الذي يتمتع بها القطاع الخاص ولذلك لا بد من التركيز على هذا الأمر واعتماد نظام حوافز خاص يمنح الإدارات ومجالسها وعامليها حوافز تشجيعية لإنجاز المطلوب .

هناك تجارب نجحت في دول كثيرة وفشلت في دول أخرى لغياب الحوافز المادية للإدارات والعاملين، فتحولت إلى مؤسسات خاسرة منهوبة من القائمين عليها و الأمثلة كثيرة في قطاعنا العام.

لدينا تشريعات وقوانين من أفضل قوانين العالم وتشريعاته ولكن تعليماتها التنفيذية وتنفيذها وحوافزها والرقابة عليها جعلت منها مرتكزاً للسرقة والفساد والشخصنة.

مشكلة قطاعنا العام حتى اليوم إدارية بامتياز وليست بشكل الملكية والتبعية، لأن الإدارات التي لا تملك الحوافز ولا الكفاءة ولا يحاسبها أحد على قراراتها لن تنجح إلا في حماية مصالحها وزيادة ثرواتها .

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]