بين مبررات التجار وارتفاع الأسعار.. باحث اقتصادي يكشف عن القطبة المخفية

الخبير السوري:

يعاني السوريون من ارتفاع غير منطقي في الأسعار، يزداد بشكل مطّرد مع كل حدث يطرأ على البلد الذي يعاني الحرب منذ أكثر من 10 سنوات، في وضع جعل أصحاب الدخل المحدود خارج أي تصنيفٍ أو معيار لتحديد نفقاتهم اليومية.

وفي ظل الظروف الصعبة التي يعانيها السوريون، يشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء انخفاض كبير بلغ في يومين أكثر من ألف ليرة سورية، لكن هذا الانخفاض لم ينعكس بشكل فعلي على أسعار المواد في الأسواق حيث اقتصر على انخفاض طفيف لم يتناسب مع انخفاض سعر صرف الدولار، ما أثار تساؤلات لدى السوريين عن سبب ارتفاع سعر البضاعة مع ارتفاع سعر الصرف وعدم انخفاضها بانخفاضه؟

وفي هذا الصدد بيّن الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف،  أن التذبذب بسعر الصرف يحدث عدة مشاكل، وأكبر دليل هو انخفاض السعر مقابل الليرة بشكل كبير إلا أن أسعار المواد لا تزال على حالها، مبيناً أن آثار انخفاض سعر الصرف لم تنعكس بعد على الأسعار، لعدم وجود رقابة حقيقية على الأسعار مشيراً إلى أن حجة التجار حاضرة دائماً بأنهم حصلوا على بضاعتهم بسعر مرتفع، خاصةً وأن ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء جاء نتيجة مضاربة، فجرى استغلال هذا الموضوع ورفع التجار الأسعار، والنزول نتيجة توقف هذه المضاربة أو نتيجة مضاربة أخرى، لذلك أبقوا على الأسعار خوفاً من العودة للارتفاع مرة جديدة.

كما بيّن د.يوسف لـ “أثر” أن انخفاض الأسعار إن حدث لن يكون بسبب انخفاض سعر الصرف، وإنما لانخفاض القدرة الشرائية للسوريين التي أصبحت بـ”الحضيض”، لافتاً إلى أن التجار سيضطرون للإعلان عن تنزيلات لإعادة رأس مالهم.

وسبق أن توقّع رئيس هيئة الأوراق المالية السورية عابد فضلية، أن يلجأ التجار إلى تخفيض أسعارهم قسراً ولو بحجة التنزيلات، بعد الوصول إلى مرحلة تصفير الطلب على السلع نتيجة ارتفاع أسعارها القياسي، وخصوصاً السلع غير الضرورية.

في حين، أكد أمين سر غرفة تجارة دمشق محمد حلاق لـ “أثر” خلال اجتماع للغرفة أمس السبت، أن الأسعار ستنخفض لا محالة، لكن هذه العملية تحتاج إلى قيام المستهلك بالشراء وعدم الانتظار حتى تنخفض كي لا ينتج عملية ممانعة للأسعار وتأخير بانخفاضها.

المستهلك يدفع الثمن

وتزداد الهوة بين القدرة الشرائية للسوريين والأسعار التي يضعها التجار، حيث يعاني السوري من جشع واحتكار التاجر لبعض المواد الأساسية مع انخفاض في الأجور، في ظل أداء حكومي يصفه خبراء بأنه ليس ضمن المستوى المطلوب، حيث يتساءل كثيرون عن كيفية عيش شخص راتبه 50 ألفاً، مع تكاليف معيشة تزيد عن المليون ليرة؟

إذ كشفت بيانات صادرة عن برنامج الأغذية العالمي، أن نحو 12.4 مليون شخص في سوريا، أي حوالي 60% من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في “أسوأ” حالة أمن غذائي شهدتها البلاد على الإطلاق، ويعتبر هذا الرقم أعلى نسبة سُجلت على الإطلاق.

وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، إذ يعيش تحت خط الفقر في سوريا 90% من السوريين، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.

مبادرات لتحسين الواقع المتردي

ومع صعوبة الواقع، أصدر المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف فتوى خاصة بالزكاة والصدقات نظراً لاقتراب شهر رمضان المبارك، مؤكداً فيها على أهمية الزكاة.

وطالبت الوزارة بتقديم التجار زكاة أموالهم من بضائعهم مجاناً للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمحتاجين، على أن يحتسب ذلك من قيمة الزكاة الواجبة عليهم، وذلك بالتزامن مع إطلاقها مبادرة سوق رمضان الخيري، مع بداية الشهر المبارك.

فهل ستحل هذه الفتوى الواقع الاقتصادي الذي يعيشه السوريين بسبب زيادة نسب التضخم وارتفاع الأسعار، الناتجة أساساً عن عدة أسباب خارجية أبرزها العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، وتأثير الأزمة الاقتصادية في لبنان، والأداء الحكومي غير الفعال، أم أننا بحاجة لحل جذري في أداء المركزي الذي وصفه الدكتور “يوسف” بأنه سبب الوضع المتذبذب الحالي في البلاد؟

أثر برس

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]