حديث في ملف يشتعل ” على البارد”..تفاصيل المربع الأول تشتت حلم قديم..

الخبير السوري:

يتابع البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب تأسيس مراحله الأولى، وبناء استراتيجيات للنهوض بكافة القطاعات كان آخرها استراتيجية واعدة للطاقات المتجددة حتى 2030 لتساهم في إنتاج الطاقة كرديف للوسائل التقليدية التي تشهد توجهاً عالمياً للاستغناء عنها، لتستبدل بوسائل أكثر توفيراً وحفظاً للبيئة. ومع تواضع الإقبال على مشاريع الطاقات المتجددة حتى الآن كان لا بد من وجود استراتيجية واضحة للتنفيذ، ومحددة بالأهداف الكمية والزمنية تضمن توفير بيئة ملائمة تتضمن كافة المحفزات، وتراعي في الوقت ذاته الإمكانات المتاحة بعد الحرب والحصار، وهو أمر يتطلب الخروج عن التقليدية في القوانين والتحفيزات وأساليب جذب الاستثمارات.

تشريعياً ينظم القانون 32 لعام 2010 قطاع الكهرباء، ويقدم محفزات تشجيعية للقطاع الخاص، إلى جانب قانون التشاركية وتنظيمه العلاقة بين الطرفين، ورغم أن تلك القوانين ليست وليدة أمس مازلنا لم نلحظ أية مساهمة فعالة من القطاع الخاص حتى الآن، فكيف تبني الاستراتيجية آمالها على هذا القطاع، وتتوقع أن تكون مساهمته حتى 2030 بمشاريع تنتج 500م.و عبر اللواقط الكهروضوئية، و450م.و عبر المزارع الريحية.؟

الإجابة جاءت على لسان مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة د.يونس علي الذي أكد أن القوانين بحاجة إلى إعادة نظر وتعديل لتنسجم مع الواقع، فبعد الحرب تتطلب البيئة التشريعية مقاربات جديدة في كل القطاعات ولاسيما قطاع حيوي كالطاقة، ويستلزم الأمر إصدار صكوك تشريعية جديدة لتشجيع القطاع الخاص للمساهمة بتنفيذ الخطة، وتشجيع مستهلكي الطاقة أيضاً لاستخدام الطاقات المتجددة، ففي هذا السياق أصبح مشروع قانون إحداث صندوق الطاقات المتجددة جاهزاً للنقاش؛ إذ يهدف القانون إلى تحفيز المستهلك المنزلي والتجاري والصناعي لاستخدامها عبر قروض ميسرة أو بدون فوائد، وهو عامل جذب تعتمده جميع الدول.

علي وخلال حديثه لـجريدة ”البعث” أشار إلى أن المصرف الزراعي بدأ بتجربة القروض لاستخدامات الطاقات المتجددة، وضخ المياه من الطاقة الشمسية قبل إقرار الاستراتيجية، إلا أن التنفيذ أظهر أن الشروط لم تكن ميسرة، ولم ينل الرضا المطلوب على مستوى الفوائد والتسديد، مؤكداً أن الاستراتيجية ستضمن تقديم البنوك والمصارف قروضاً وتمويلاً مريحاً، فالمستثمر في القطاع الخاص لا يخاطر في كامل رأس المال في مشروع يعتبر جديداً، بل يحتاج إلى تمويل من البنوك وهو ما ينقص بيئة الإقراض حالياً؛ ما جعل المشاريع تقتصر حتى الآن على مساهمات صغيرة وذاتية، رغم ذلك بدا علي متفائلاً بأن القطاع الخاص بدأ يلمس فوائد اللجوء للطاقات المتجددة وذلك بناءً على مؤشرات عدة، أهمها الترخيص لعشرات المشاريع خلال العام، مؤكداً أن العام المقبل سيشهد تنفيذ عدد كبير من مشاريع القطاع الخاص.

وفي حين يشكل المركز هيئة بحثية بعيدة عن التنفيذ، أوضح علي أن الكادر كله لا يتجاوز 70 شخصاً، ولا إمكانية لاتخاذ دور تنفيذي، إلا في مشاريع تجريبية صغيرة لا تتجاوز 10م. وللتشجيع على استخدام الطاقات المتجددة، يتجلى دوره في اقتراح الآليات والسياسات لتنفيذ الاستراتيجية، بالإضافة إلى تكليفه في اختبار الأجهزة الكفوءة طاقياً، ومنها السيارات الهجينة التي دعت الاستراتيجية إلى تشجيع استيرادها وتصنيعها، غير أن حال المخابر حالياً لا يبدو مشجعاً في ظل تواضع الإمكانات وعدم القدرة على فحص هذه الآليات، إذ بيّن علي أن التجهيزات غير كافية، وتأمينها أمر مكلف جداً، فيما يستدعي تطبيق الاستراتيجية بنية مخبرية جيدة، الأمر الذي يحاول المركز تأمينه عبر تخصيص جزء من موازنته (المقدرة لعام 2020 بـ500 مليون ليرة فقط.!) لشراء تجهيزات، إلى جانب التواصل مع المنظمات الدولية لتقديم منح أسوةً بالدول المجاورة كون الاستراتيجية تهدف لرفع الكفاءة والترشيد وهو توجه دولي.

كما يضاف إلى مهام المركز تكليفه بمتابعة استبدال أنظمة الإنارة بأجهزة كفوءة، وهو أمر بدأ تنفيذه حيث يوفر الاستبدال 70% من استهلاك المؤسسات العامة للإنارة، ولا تتجاوز فترة استرداد التكلفة أشهراً قليلة فقط.

بالعودة إلى الاستراتيجية أظهرت الدراسة أن الطلب الكلي على الطاقة الكهربائية سيبلغ 80 مليار ك.و.س في 2030، وستكون مساهمة الطاقات المتجددة فيها 7%، أي بما يعادل 5-6 مليارات ك.و.س، وتضمنت تنفيذ 1500م.و لواقط كهروضوئية، و900م.و مزارع ريحية، وتركيب 1.2 سخان شمسي منزلي، بحيث توفر هذه المشاريع 2 مليون طن مكافئ نفطي بقيمة 750 مليون يورو، على اعتبار أن الكلفة التقديرية 3 مليارات يورو؛ مما يعني أن فترة استرداد التكلفة 4 سنوات، وهو مؤشر جيد لجدوى هذه المشاريع اقتصادياً، فضلاً عن الجدوى البيئية لها، وتأمين 5000 فرصة عمل، وستكون مساهمة الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة السوري تقارب 5% من الطاقة الأولية المستهلكة (نفط وغاز).

وعن نتائج الاستراتيجية أوضح علي أنها بدأت بالظهور مجرد إقرار الاستراتيجية، وشكلت في وزارة الكهرباء لجنة برئاسة الوزير وعضوية جميع المديرين في المؤسسات لتكون مهمتها تتبع تنفيذ الاستراتيجية، وتزويد لجنة الطاقة والموارد بالتطورات، مشيراً إلى أن الوزارة اقترحت الاستراتيجية، إلا أن التنفيذ يعود لكل الجهات؛ لذا وجه مجلس الوزراء جميع الوزارات المعنية باتخاذ الخطوات التنفيذية كل حسب اختصاصه.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]