تبديل الطرابيش لا يغني ولا يسمن من جوع..المشاريع الصغيرة في دوامة تنازع ووزارة الاقتصاد تجهد لتثبيت ملكية هيئة متخصصة!!
دمشق – الخبير السوري:
تتطلب المرحلة الحالية ضرورة وجود مؤسسة قادرة على التدخل لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وترجمة هذا الدور إلى برامج تنفيذية محددة وقابلة للتطبيق وتنسيق الجهود المبذولة من كل الجهات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة لعمل هذا القطاع والسياسات الناظمة له، والتمويل ودعم عملية الإنتاج بكل مراحلها وتنمية قدرات الموارد البشرية ودعم التسويق في الأسواق المحلية والدولية.
مناسبة هذه المقدّمة وصول دراسة إحداث هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى مراحلها الأخيرة، وأصبحت على مشارف إبصار النور، بعد أن تم تحديد الأهداف والمهام والصلاحيات المتعلقة بها، ولعل أهمها يتجلى في وضع دليل تعريفي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يعرف بها وفق حجم النشاط والتوزيع الجغرافي، وبما يمثل دليلاً وطنياً لاستهدافها ببرامج الدعم والتسهيلات الإدارية والتمويلية بالتنسيق مع الجهات المعنية.
تضافر الجهود
جاء في تقرير رسم السياسات والبرامج اللازمة لتشجيع ريادة الأعمال وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تضافر جهود جميع الجهات المعنية ومساهماتها للنهوض بهذا القطاع في جميع المجالات والتنسيق الفعال بين الجهات العامة والخاصة والأهلية ذات الصلة بتنمية المشروعات بما يحقق تكامل عملها، ويساعدها على تحقيق أهدافها وربط المشروع الصغير والمتوسط بالمؤسسات المعنية بتنمية قطاع المشروعات لتسهيل استفادته من خدمات هذه المؤسسات ضمن تطوير سياسات دعم للإنتاج المحلي متمايزة قطاعياً، وتحديد المطرح الرئيس للدعم الذي يساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج، مع إيجاد بيئة أعمال تمكينية بما يساهم في تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وانتقالها إلى القطاع المنظم والمساهمة في توفير بيئة تشريعية وإدارية متكاملة وما يرتبط بها من قوانين وبرامج اقتصادية لازمة لتعزيز القدرات الإنتاجية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق الترابطات اللازمة مع المشاريع الكبيرة في سلاسل القيمة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى العمل على زيادة إنتاجية المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة وتحسين أدائها.
وذكر التقرير مهام الهيئة في المساهمة في زيادة حجم الصادرات الوطنية وتنويعها وتخفيض أعبائها، وتعزيز المركز التنافسي لمنتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة أمام السلع الأجنبية المماثلة، وتمكينها من ولوج الأسواق الخارجية، كحماية المنتجين الصغار والعمل على إحداث شبكة وطنية لحاضنات أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة متعددة النشاطات اقتصادية وزراعية وصناعية وخدمية، وفي مجال الحرف اليدوية والتراثية وغيرها ما يسهم في تطوير قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتسهيل نفاذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية، والمساهمة في تنظيم وضبط سوق تمويل المشروعات لكل من مؤسسات القطاع الحكومي والأهلي والخاص العاملة في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالتنسيق مع مصرف سورية المركزي، وتضاف على مرصد وتقييم أداء المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تصميم حزمة من المؤشرات الكمية والنوعية اللازمة لقياس أداء المشروعات وحجم مساهمتها في الناتج والتشغيل والتصدير بحيث تعطي فكرة واضحة حول احتياجات المشروعات وتسمح بالتدخل الإيجابي لتنمية هذا القطاع الحيوي وتعزيز دوره.
البنية اللازمة
وعندما سألنا من كان خبيراً بالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر عن تقييمه لما آل إليه المآل، قال: “لا أظن أن المشكلة هي في الهيكلية للهيئة ومن حيث شروط وظروف دعم المشروعات الصغيرة، لدينا تجارب كثيرة في إحداث هيئات ودمج وإحداث وزارات لم تثمر حلّ المشكلة، والمطلوب هنا ليس العمل على هيكليات إلا إذا كنا نسعى إلى رفع العتب فقط، المطلوب هو إيجاد آليات لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وليس المتوسطة منها، كما نحتاج إلى تحضير البنية اللازمة للدعم وتخصيص أرصدة نقدية في المصارف، لدعم هذه المشاريع وإلزام المصارف بتمويل المشاريع الصغيرة، ومساءلتها عن نسبة هذه التمويلات من إجمالي القروض الممنوحة”، والأهم من وجهة نظر الخبير (الذي فضل عدم ذكر اسمه) هو إحداث بنك معلومات ودراسات جدوى المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، بما يؤمّن مصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة صاحب المشروع، أي عدم ترك صاحب المشروع للمغامرة والوقوع ضحية قلة الخبرة في اختيار الاستثمار المناسب، عندها –وحسب الخبير- تحلّ المشكلة ونتأكد من أن الخلل ليس في الهيئة ولا بمن تتبّع بل في الآليات والمسارات التي حضرناها لدعم مشروعات كهذه، أي المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وليس الصغيرة والمتوسطة.
خطوات عملية
أما استاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية فقد أوضح لـ”البعث” أهمية الوقوف على التغيير اللفظي من حيث الظاهر الذي يهدف إلى تسليط الضوء على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأنها تحتاج إلى دعم وتنمية وخاصة في أطار إعادة الإعمار القادمة، أما من حيث المضمون فإن الإبقاء على تسمية الهيئة العامة للتشغيل لم يكن ليغيّر شيئاً باعتبار أن المشروعات الصغيرة تأتي في إطار مشروعات الهيئة السابقة، وأيضاً من خلال التسمية الجديدة، وفي كل الأحوال لا يمكن التعويل على التسمية إلا إذا كانت فيها تغيّرات هيكلية حقيقية وفاعلة في إطار عمل الهيئة، ومن شأنها التنمية وتطوير المشروعات مستقبلاً، علماً أن التنمية تتطلب أيضاً تنمية المشروعات المتناهية الصغر والكبيرة والاستراتيجية باعتبار أن الاقتصاد كلّ متكامل بمشروعاته الكبيرة والصغيرة، وتمنى فضلية القيام بخطوات عملية تسهم في التنمية أكثر بعد الاهتمام بالهيكليات والتسميات الشكلية التي لا تقدم ولا تؤخر إن لم تقترن بالأفعال والخطوات الثابتة على أرض الواقع.
ما زالت تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعاني من أزمات التسمية وإعادة الهيكليات، رغم قيام وزارة الاقتصاد بأخذ دور الإشراف والتنسيق على هذا القطاع ومحاولتها تقييم الاحتياجات المؤسساتية لتحديد متطلبات النهوض بواقع هذه المشروعات وتوسيعها أفقياً وعمودياً، إذ تقتضي المرحلة الآن عملاً يتجسد على أرض الواقع استثمارات حقيقية يحصل عليها أصحاب هذه المشاريع، لأن المشكلة لا تكمن في التسميات وإنما في النتائج المحققة فعلياً.
عن ” البعث” – ميادة حسن
التعليقات مغلقة.