ميزان النجاح يرجح لصالح الحكومة…القروض المتعثرة أزمة استثمار أم استثمار أزمة..

دمشق – الخبير السوري
يوماً بعد آخر ومن خلال جملة من الإجراءات والقرارات التنفيذية على الأرض باتت خطة ومسيرة الحكومة في معالجة القروض المتعثرة، وتحصيل كل ليرة التي هي حق لخزينة الدولة والشعب تأخذ ملامحها الواضحة والعميقة,وبدأ خطاب الحكومة اتجاها حازما لكن دون أن يعني ذلك تغييب للمرونة.
وفي تأكيد جديد على إصرار الحكومة على تحقيق خطوات إضافية سريعة ومفيدة في مجال استرداد القروض اعتبر رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس خلال اجتماع له مع الصناعيين أن كل ليرة حق للدولة والشعب ستعمل الحكومة على استردادها في إشارة إلى القروض المتعثرة .. وكل ليرة نوفرها سنضعها في عملية التنمية.‏‏
رئيس الحكومة كشف عن أموال بقيمة 600 مليون دولار أي ما يعادل الـ300 مليارليرة لدفعها باتجاه تمويل استثمارات ومنشآت إنتاجية.‏‏
وكانت الحكومة قد وجهت بوضوح إلى معالجة كل قرض على حدة والتأكد من ظروف منح كل قرض لتبيان ” الخيط الأسود من الأبيض ” .. أي فرز من أصابته الأزمة ومن لم تصبه بل حاول استغلالها.‏‏
ولا يغيب عن رئيس الحكومة أنّ معظم القروض المتعثرة تعود إلى ما قبل الأزمة والحساب ليس على معمل مُدمر حمل القرض و إنما على نشاطات المقترض الأخرى التي عليها أن تحمل القرض طالما انّه يعمل و يربح .‏‏
رئيس الحكومة ذهب أبعد من ذلك في معالجته للقروض المتعثرة فقال: كل مصنع أو منشأة دمرتها الحرب ولدى صاحبها رغبة حقيقية بمعاودة الإنتاج و العمل سيتم دعمه بل وتقديم قرض له «‏‏
وهذا ما أشاع حالة من الارتياح لدى المتعثرين لأسباب حقيقية و قاهرة وجعلهم يشعرون بأنّ حكومتهم إلى جانبهم .‏‏
المهم في معالجة ملف القروض المتعثرة هو إعادة الهيبة للملف نفسه وتحرير القائمين على المعالجة من سطوة الضغوط التي كانت تمارس سابقا لغض النظر هنا و إخفاء ملف هناك وهو ما جعل الكثيرين يشعرون بأنّ هناك وجوداً حقيقياً وقوياً للقانون لا يُسمح لأحد باختراقه .. و مكاتب المعنيين بدءاً من مديري المصارف مفتوحة لأي معالجة ولكن وفق القوانين والأنظمة .‏‏
طبعا لا يبدو العمل سهلا بل إنّه شاق فعلاً خاصة مع وجود لجان تعمل في كل مصرف ما قد يخلق أحيانا تباينا في العمل و يجعل من المفيد إعادة النظر دائما بأعضاء اللجان حين لا تتمكن من أداء دورها الرقابي باحترافية وبناء على معرفة.‏‏
انطلاقا من كل هذا، يمكن القول إنّ حركة حقيقية قد بدأت لعودة أموال البنوك العامة و التي هي أموال مودعين وتظهر المعالجات في أشكال مختلفة طالما أن كل ملف يعالج على حدة حيث تتم المعالجة في ضوء ظروف كل مقترض فقد يكون هناك نقل ملكية للمنشأة أو جدولة للقروض و البدء بدفعها خارج سياسة التسويات السابقة التي كان يلجأ إليها المقترضون تحسبا لوضع أسمائهم في قوائم المتعثرين , وما يمكن أن تفضي إليه لاحقا من منع سفر أو حجز على أموال وغيرها من الإجراءات التي تطبقها الحكومة حاليا بحزم و جرأة وهيبة كاملة.‏‏
ومن أجل ذلك بدأت عمليات التحصيل بوتيرة تبدو إلى حد ما جيدة وتصاعدية فالمصرف العقاري على سبيل المثال استرد خلال الشهرين الماضيين ملياري ليرة و هناك معالجات عديدة في طريقها و ستساعد في رفع المبالغ المستردة .‏‏
كذلك مصرف التوفير الذي قام بمعالجات عديدة لقروض متعثرة علما أنّه يقبع في ذيل البنوك التي تعاني من التعثر .‏‏
هذا و أكد مديرو المصارف أنّ إجراءات الحكومة الأخيرة أوجدت نوعا من الهيبة اتجاه التعامل مع المتعثرين خاصة أولئك الذين كان لهم حماية من قبل متنفذين على أنّ الأهم أنّ رحلة استعادة القروض المتعثرة قد بدأت فعلا مع القيام بنشر قوائم سوداء وضعت على الحدود ومنعت من السفر بالإضافة إلى الحجز على أموالها كل ذلك أكد للجميع أنّ الحكومة جادة للنهاية في تحصيل أموال مصارفها .‏‏
مع الإشارة هنا أنّ الحرص على معالجة كل قرض على حدة لا يعني عدم وجود مرونة في التعامل مع المقترضين خاصة الجادين منهم بتسديد أقساطهم .‏‏
هذا وكان الاجتماع النوعي الذي عقد في مبنى الحكومة أمس برئاسة المهندس عماد خميس قد ساعد في تحليل نتائج الشهور الماضية من العمل وساعد في طرح المواضيع و المشاكل على الطاولة وصولا إلى أداء أفضل في قيادة الملف .‏‏
فاستمع رئيس الحكومة إلى المديرين العامين للمصارف و إلى رؤساء اللجان وتم تصويب عدد من النقاط والقضايا بما سينعكس إيجابا في المعالجات والوصول إلى أفضل النتائج بأقل الأخطاء الممكنة و خاصة القانونية منها .‏‏
وتم خلال اللقاء الإعلان عن أن الإجراءات المتعلقة بالقروض المتعثرة مستمرة وتم رفع عدد القروض التي تم رصدها لتشمل 100 مقترض كبير متعثر .‏‏
اللافت في الأمر هو الاتفاق على أن التسويات متاحة لمن يرغب من المقترضين وفق آلية جديدة “تحدد فيها نسب وأسس واضحة ” سيتم وضعها بالتشارك بين مديري المصارف العامة واللجان المشكّلة في رئاسة مجلس الوزراء بما يراعي المعايير و السرية المصرفية و قبل كل شيء يضمن حق الدولة في القروض المتعثرة .‏‏
“الثورة”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]