رائحة فساد نتنة تفوح من ملف “النفقات الطبية ” للتأمين الصحي…والفاعل شركة

 

لا طائل يرجى من زيادة الأقساط دون معالجة المشكلات التي يواجهها التأمين الصحي، لأن أية زيادة على الأقساط سوف تتآكل مع السلبيات الموجودة في إدارة المطالبات…هذا ما أكده  أحد خبراء التأمين الصحي عند متابعتنا لقضية ارتكاب إحدى الشركات العاملة في مجال إدارة النفقات الطبية، ارتكاب حسب ما كشفه لنا مصدر معني ليس الأول من نوعه..!.

ووفقا لمصدرنا فإن تلك الشركة كانت تعمد إلى مضاعفة قيمة المطالبة عبر مضاعفة عددها، الأمر الذي يعود عليها بمبالغ مضاعفة وبشكل غير مشروع، وخلال محاولاتنا معرفة كيفية وتفاصيل الطريقة التي تتبعها تلك الشركة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة وما فيها من فساد، ومن جيب من تسرق، من المؤسسة السورية للتأمين أم من المؤمن له أم من مزودي الخدمة..؟ تفاجأنا أن لا أحد يرغب بالحديث في الأمر حتى الجهة المعنية بذلك، بحجة أن لا شكوى خطية بالقضية..!. لكن وكما علمنا أن الجهة المعنية في الوقت نفسه لم تقف مكتوفة اليدين بل تابعت التحقق بالقضية لتخلص إلى ثبوت الاتهام..!.

تنصب على الكل..!

كما علمنا أن الشركة المرتكبة كانت تقتطع دون وجه حق مبالغ مستحقة لمزودي الخدمات الطبية (من أطباء وصيادلة ومخابر..إلخ)، وصلت في بعض ما عرفنا إلى مئات الآلاف من الليرات، والمصيبة أن العديد من مزودي الخدمات كانوا يلتزمون الصمت لأسباب عديدة أقلها عدم رغبتهم بالمواجهة مع الشركة، الأمر الذي أدى استمرار الأخيرة في فسادها..!؟.

وقعت أخيراً..

ولأن “ليس كل الطيور يؤكل لحمها” كما يقال، كان كشف ما ترتكبه تلك الشركة على يد أحد تلك الطيور، الذي استطاع استرجاع ما له بذمة الشركة من مبالغ حاولت أخذها بغير وجه حق لكنها لم تفلح، معتمدة طريقة ذاك اللص حين يريد سرقة شيء ما منك “إن أنت لم تشعر به سرقك، وإن شعرت يقول لك: أنا أمازحك”..!؟.

المشكلة أننا ورغم  موضة التكتم غير المفهوم على المعلومات..، توصلنا إلى أن السبب في حدوث ما يحدث يكمن في البرنامج الالكتروني المعتمد الذي كانت تتبعه تلك الشركة منذ العام 2006 وتم تغييره في العام 2015..!؟.

فضيحة فعلا..

قضية – في ظل ما يعلن عن خسارة فنية ومالية لمؤسسة التأمين- تستحق نعتها بالفضيحة التي تحتاج لأجوبة صريحة وواضحة حول ملابساتها وليس أولها : كيف يتم متابعة ورصد ومطابقة الحسابات آخر كل عام..؟، وممن كانت تلك الأموال تسرق..؟، وكيف لم يتم اكتشاف ذلك..؟.

أسئلة برسم كل الأطراف العاملة بهذا القطاع..، التي طالما اتهمت المؤمن له بإساءة استخدام بطاقة التأمين الصحي، وفي حين كان من المتوجب توجيه البوصلة لمكامن الخلل والفساد الحقيقي، والإجابة عن السؤال الآتي: هل مارست وتمارس شركات الإدارة (TPA) الدور المناط بها بهذا الشأن علما أن مهمتها الأساسية هي إدارة المطالبات وليس مضاعفتها لمضاعفة أموالها بطرق غير مشروعة..؟!.

أتمتة الوصفات..

لا شك أن ملف التأمين عامة والصحي خاصة، لا يزال بحاجة للكثير كي يمكن أن نطلق عليه وصف “التأمين”، ولعل ما تعمل عليه مؤسسة التأمين حاليا من آليات وبرامج يصب في هذا السياق..، ومن تلك البرامج تطبيق نظام الوصفة الطبية الالكترونية لمطالبات التأمين الصحي، الذي من تحدياته سلامة ووثوقية واستدامة الربط الشبكي بين أطرافه في ظل وضع الكهرباء ومنظومة الحكومة الإلكترونية غير المكتملة.

ووفقا لآخر ما حرر في هذا الشأن تعمل المؤسسة العامة السورية للتأمين على وضع الأسس العلمية والتقنية لتطبيق الوصفة الالكترونية التي تتضمن إدخال المطالبات الالكترونية عند الطبيب بشكل يسمح لشركة الإدارة بمراقبة آلية صرف الوصفات. كما يوفر تطبيق الوصفة الالكترونية انتقالاً لمرحلة جديدة في مشروع التأمين الصحي هي “التأمين الرقمي” والذي يطبق في الدول الأوربية فقط.

وتبدأ عملية إدخال الوصفة الالكترونية من الطبيب الذي يقوم بالدخول إلى البوابة الموحدة للمطالبات الالكترونية الخاصة بالتأمين الصحي، ثم اختيار طلب موافقة “مقبول”، ثم إدخال الوصفة وإرسالها، ومن بعد ذلك تقوم شركة الإدارة باستلام الوصفة عبر الوصل الالكتروني ووفق هذه الآلية ستتم معالجة الوصفة بشكل مسبق بعد تسجليها من قبل الطبيب وقبل صرفها من مزود الخدمة (الصيدلي).

ويتبع ذلك عملية صرف الوصفة الالكترونية، من قبل مزود الخدمة (صيدلية، مخبر، أشعة)، وتتضمن الآلية المتبعة من قبل مزود الخدمة لصرف الوصفة الالكترونية الدخول إلى بوابة المطالبات الالكترونية، ثم إدخال رقم المضمون، اختيار الوصفة، وصرفها.

وتهدف المؤسسة من خلال آلية العمل هذه في إنجاز الوصل الالكتروني، إلى تحقيق عدة أهداف، هي تدقيق الوصفات بشكل آني، تسريع آلية الموافقة على صرف الوصفة الطبية، عدم تكرار الموافقات عند مزود الخدمة، إنشاء ملف الكتروني لكل مريض عند الطبيب، توفير قدرة أكبر على ضبط المطالبات وصرف الأدوية، إمكانية تطبيق نماذج تعامل جديدة مع مزودي الخدمة، تحقيق شفافية أكبر بالنسبة للمؤمن له (المستفيد) بما يتعلق بعدد الوصفات- التشاخيص وربطها مع الملف الطبي، كما تؤمن الوصفة الالكترونية ضبطاً لحالات سوء الاستخدام؛ وبالمقابل تدرس المؤسسة تقديم بدل إضافي للطبيب على تطبيق الوصفة الالكترونية.

تحديث وتوسيع..

كما وتعمل المؤسسة على تحديث شبكة الطبية، حيث بلغ عدد مزودي الخدمة المنتسبين إلى الشبكة الطبية للمؤسسة العامة السورية للتأمين 8344 مزود خدمة، وخلال الأسبوع الماضي، انضم إلى الشبكة الطبية 18 مزود خدمة من (أطباء وصيادلة) يتوزعون بين محافظات طرطوس- حلب – اللاذقية – حمص – حماه دمشق وريفها.

ومن الجدير ذكره أن الشبكة الطبية الخاصة بالمؤسسة، تضم (5104 طبيب و187 مشفى و584 مخبر و1546 صيدلية و137 مركز أشعة). ويتوزع مقدمو الخدمة حسب المحافظات ففي محافظة إدلب وصل عدد مقدمي الخدمة إلى 211، محافظة الحسكة 126، محافظة الرقة 102، محافظة السويداء 229، محافظة القامشلي 186، محافظة القنيطرة 20، محافظة اللاذقية 877، مدينة بانياس 167، مدينة جبلة 224، محافظة حلب 769، محافظة حماه 991، محافظة حمص 949، محافظة درعا 121، محافظة دمشق 1470، محافظة دير الزور 36، محافظة ريف دمشق 582، صافيتا 169، محافظة طرطوس 823.

بكلمة..

أرقام وتوزع جغرافي ليس بالسهل مطلقا، لا يمكن أن يكون شاملا وسالما وصحيحا، دون أن يتم القضاء على المحاولين دائما المراهنة على الفساد في تحقيق الغايات والتي طبعا ليس التأمين الصحي منها لكنه واجهة لها.

قسيم دحدل

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]