حلّة جديدة للجمعيات الاستهلاكية والعهدة بيد وزارة “حماية المستهلك”… مشروع قانون ينظم عملها واستثمار منافذ بيعها

 

دمشق – الخبير السوري:

تتجه الأنظار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى تطوير وتفعيل النظام التعاوني الاستهلاكي بعد أن وصل إلى مراحل متراجعة من العمل المنوط به، نتيجة استهتار وتلاعب بعض القائمين على هذا القطاع بمقدرات تلك الجمعيات دون ادني رادع، لاسيما من جهة وجود اختلاسات بالجملة في مفاصل ومنافذ البيع التابعة لهذا القطاع، وكان آخرها ما حدث في الجمعية التعاونية بدمشق خلال الأعوام الثلاثة الماضية من اختلاسات قدرت بـ40 مليون ليرة، وفق ما وثقته الأجهزة الرقابية وغيرها من الجهات المعنية.

مشروع مرسوم 

ويبين مصدر مطلع  أن الوزارة تدرس إمكانية إحداث مشروع مرسوم أو قانون جديد  للجمعيات التعاونية الاستهلاكية  يتضمن الأطر القانونية والإدارية لعمل هذه الجمعيات، ويتضمن أيضاً جملة من القواعد والأسس التي ترتكز على تطوير وتفعيل دور القطاع التعاوني في تقديم أفضل الخدمات، إضافة إلى ضوابط جديدة للاستثمار ضمن تلك الجمعيات.

رغم أن الحقل التعاوني الاستهلاكي يحظى باهتمام وتشجيع حكومي عبر محاولات الحكومة بمده بمقومات الاستمرار والدعم المادي والبشري، إلا أنه يعاني اليوم من مشكلات إدارية وقانونية لها تداعيات كبيرة على الواقع العملي لعمل الجمعيات، ما يستدعي بالضرورة رفع من مستوى العمل فيه وخاصة في هذه الظروف التي تعاني فيها الجمعيات من المنافسة مع القطاع الخاص، لاسيما وأنها أخذت على عاتقها تحقيق التوازن وكبح جماح الارتفاع المستمر في الأسعار، والقيام بدور فاعل في حماية المستهلك.

نقطة عليها..!.

فما يسجل على الجمعيات حقيقة –وفق مصدرنا- هو إسناد أعمالها إلى مجموعة محددة من التجار والمستثمرين الذين لا يلتزمون بالتعاميم والبلاغات الصادرة عن الوزارة والقاضية بتخفيض الأسعار وتأمين السلع الأساسية، فضلاً عمّا يشوب قضايا هذه الجمعيات الاستثمارية من مخالفات وتجاوزات فاحت روائحها في أروقة الوزارة، الأمر الذي يجعلنا نضع إشارات استفهام على أداء تلك الجمعيات.  وبحسب  أحد التقارير الصادرة عن الجمعيات فإن إجمالي أرباح تلك الجمعيات عام 2014 قدرت بـ 842 مليون ليرة بعدد مكتتبين وصل إلى 737 ألف مكتتب، وحصة وزارة التجارة الداخلية من هذه الأرباح لا تتعدى 2 % فقط..!.

بناء منظومة  

أحد القائمين على قطاع التعاون الاستهلاكي علق بالقول: إلى أن أبرز التحديات التي تواجه بناء منظومة الجمعيات التعاونية والتوسع في انتشارها هو ضعف التعاون والاهتمام من قبل الجهات الحكومية المختلفة على الرغم من أهمية ذلك، على غرار ما هو موجود في الكثير من دول العالم, ولا صندوقاً لدعمها وتنميتها, وإنما نجد فيها السرقات فقط, مشيراً إلى أن نسبة مساهمة الجمعيات في الناتج المحلي الإجمالي في بعض دول العالم يبلغ مستويات متقدمة ففي كينيا مثلاً تصل النسبة إلى 45% وفي نيوزلندا 22%‏ وفي سويسرا 8%‏،  بينما نجد أن مساهمة تلك الجمعيات في  سورية بالناتج المحلي الإجمالي يلامس الـ0%.

مشيرا إلى أن انتشار الجمعيات التعاونية الاستهلاكية يحقق العديد من المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية مثل مكافحة الاحتكار والقضاء على التستر وحماية الغش التجاري في أسواقنا وتوفير السلع للمواطن بأسعار معقولة وتوطين الوظائف, وتشجيع المنتجات الوطنية ودعم تسويقها وإتاحة الفرصة للمواطن للاستثمار في تلك الجمعيات دون اقتصارها على التجار, وعلى الرغم من نجاح تجربة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في غالبية دول العالم ما زلنا نجد ملف الجمعيات التعاونية الاستهلاكية مشتتاً بين عدد من الجهات الوصائية.

الإسراع 

ما سبق يقتضي الإسراع في إقرار قانون ينظم عمل الجمعيات التعاونية بشكل ايجابي ويسهم في ضبط الاستهلاك، وتطوير بعض الأنشطة الإنتاجية، كي تلعب هذه الجمعيات دوراً مؤثراً في تأمين المخزون الاستراتيجي الغذائي للمجتمع السوري، كما لابد من تضافر جميع الجهود الحكومية في سبيل بناء بنية تحتية سليمة لإنشاء جمعيات تعاونية استهلاكية جديدة تتعامل مع الظروف الراهنة بكثير من المرونة وتنشيط دورها الإيجابي، مع الإشارة في هذا السياق إلى وجوب إلغاء المؤسسات الوسيطة لهذه الجمعيات من حيث تامين السلع وغيرها. لاسيما وأن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعول على هذه الجمعيات في المرحلة القادمة لتكون أحد أذرعها الرديفة للتدخل في الأسواق ومنع الاحتكار وتأمين المواد اللازمة بأسعار مناسبة، ولهذا يجب الحفاظ عليه بل وتطويره من الجوانب كافة بما يؤهلها لهذا الدور القادم.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]