استنتاجات ما بعد التجريب..بقلم: ناظم عيد

 

 

تنصلت واشنطن من وزر الجماعات التي دربتها ودفعت بها باتجاه الميدان السوري تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، معلنةً عدم سيطرتها المباشرة على أحدث دفعة إرهابيين “خرّجتها” من معسكراتها المنتشرة هنا في منطقة الشرق الأوسط.

وبالتزامن يعلن مسؤول أميركي أن غارات التحالف المزعوم ضد “داعش” على كثافتها المعلنة والزمن الطويل الذي استغرقته، لم تُنقص عديد عناصر التنظيم الإرهابي، وهذا إن صنفه مراقبون تحت بند الاعتراف بالفشل، فإن آخرون يرون فيه اعتراف يرمي إلى ترك الخيارات مفتوحة والذرائع قائمة أمام الأمريكي للتحرك وفق مقتضيات مصالحه المتنامية في المنطقة، ولعل في هذا عين الحقيقة، ولو كانت الدوافع غير ذلك لكان على واشنطن أن تعلن وقف تدريب الجماعات المسلحة للقتال في سورية، وهذا لم يحصل، ثم المسارعة إلى وقف غاراتها والبحث عن خيار أكثر جدوى من أكذوبة التحالف الذي استهدف البنى التحتية المدنية والعسكرية في سورية والعراق أكثر مما استهدف الإرهاب أو أضرّ به!!

نورد هكذا استنتاجات أو ملاحظات رغم يقيننا من أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تُعد لسورية يوماً إلّا “الطبخات” السامة، ورغم عدم قناعتنا المطلق بجديتها في البحث عن حل حقيقي للأزمة في سورية، لكن ثمة جرعات تفاؤل وهمي باتت تتسرب خلسة، تقتضي التقاط الإشارات وتحليلها بهدوء.

ففي زحام رسائل ” التسويات” الموعودة، يجري الدفع برسائل وعيد غير محدودة بزمن، وهي ليست إلّا استتباعات لملفات كانت حامية يوماً ترفض أمريكا تبريدها، عبر تركها مفتوحة وجاهزة لإضافات مفاجئة، وهذه طريقة ” تفخيخ” متقنة لكل المسائل التي تركها الأمريكي عالقة حول هذا العالم، ومنها الملف السوري الذي جرى تحريك فبركات السلاح الكيماوي فيه من خلال مجلس الأمن، في ابتزاز واضح لسورية وحلفائها بما أن المرحلة مرحلة سعي لاجتراح حلول!!

دعونا نترك كل ما تفرزه مكنة التلاعب بالألفاظ – النشطة – جانباً هذه الأيام، لنعود إلى أصول طبائع الإدارة الأمريكية لكوارث هذا العالم ومناطق التوتر والأزمات فيه، فلم يحدث أن استجابت أمريكا لنداءات إنسانية، ولا رأفت بأحوال شعوب لفحها أو حتى أحرقها لهيب حرب أو أزمة أو إرهاب من النوع الذي يحمل دلالات المنشأ الأمريكي، بل تنقل الأزمات والحروب الجوالة وتعيد توجيه الجماعات الإرهابية تبعاً لمصالحها، وللخلاصات التي تخرج بها مراكز أبحاث و”مطابخ” متخصصة بإنتاج الكوارث والويلات وحتى الأمراض والأوبئة من كل صنف ونوع.

من هنا يبدو على شعوب إحدى البلدان التي تحتضن مطارح مادية أو قيم معنوية ووطنية ذات صلة بإملاءات المصلحة الأمريكية خصوصاً والغربية عموماً، أن تستعد لاستقبال جحافل الإرهاب، بمجرد تسليم واشنطن بحل للأزمة في سورية، فالأمريكي دائم البحث عن بؤر توتر تكون “مسمار جحا” للتدخل في الوقت المناسب، كما أنه يبحث والأوروبي عن مضمار واسع لا ستثمار انحراف المسكونين بالنزعات المنحرفة فيه، ومن ثم التخلص منهم بعد إبعاد خطرهم عنه، ونقولها صراحة لن تنتهي الأزمة في سورية حتى تشتعل في بلدٍ آخر وهذه ليست أمنيات بل استنتاجات اكتسبت صفة اليقين بالتجربة الطويلة، وليست شعوب البلدان التي انضوت زعاماتها تحت عباءة الأمريكي في مأمن من شرور بوصلة مصالح رعاة البقر، فالعبرة في المصالح وليس الولاءات، بل ثمة خيارات تكاد تكون راجحة الآن باتجاه بلدان “يداك أوكتا وفوك نفخ”.

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]