رؤوس الأموال الضائعة تتوه عن مطارح الاستثمار الخصبة…وحذاقة المتمول السوري على المحك..

خاص – الخبير السوري:
على اعتبار أن سورية تصنف من أغنى عشر دول في العالم بمصادر الطاقات المتجددة وفي الوقت نفسه تعد من خمس دول على مستوى العالم تعيش أزمة طاقة سنوية وتستوردها من دول الجوار كتركيا التي لوحت بهذه الورقة للذهاب في اتجاه آخر يمكن أن ينطبق علينا المثل القائل “باب النجار مخلوع”.
ورغم أن بلدنا تعوم على بحر من الطاقة إلا أن قطاع الطاقة في سورية يستنزف أكثر من 60 بالمئة من إيرادات الدولة علماً أن الضرائب تشكل 62 بالمئة من إجمالي إيرادات الدولة، في حين أن الهدر في قطاع الطاقة الكهربائية يصل إلى 38 بالمئة في معظم المدن السورية، أما الاستهلاك المنزلي من الطاقة الكهربائية فيصل إلى 36 بالمئة من إجمالي الإنتاج أي إن الهدر أكثر من الاستهلاك المنزلي ولنتخيل لو تم استغلال الكمية المهدورة في مجالات الصناعة أو الاستهلاك المنزلي أو غيرها، ألا يساعد ذلك على تخفيض الأجور على المواطن والتكلفة على الدولة ويفتح أوسع الأبواب أمام التفكير في الدخول بمشاريع استثمارية طاقية، كما أن الاستهلاك الطاقي في أي منتج صناعي سوري يعادل ثلاثة أضعاف ما يحتاجه المنتج نفسه في أي من دول آسيا، أما الهدر في قطاع النفايات المنزلية فيصل إلى 200 %.

على الرف
إذا قطاع الطاقة في سورية يشكل أكبر عبء على الاقتصاد الوطني – والدراسات تؤكد ذلك – والمجال مفتوح على أوسع أبوابه للاستثمار في هذا القطاع المهم وخاصة في الطاقات المتجددة فالمساحة الشمسية في سورية تصل إلى 65 كم مربع أي الأرضية ملائمة لإنشاء مشروعات خضراء شمسية، ولديها مخزون كبير من هذه الطاقة لأن 40 % من مساحتها تتجاوز فيها نسبة السطوع الشمسي السنوي 312 يوم سنوياً وهو الأعلى عالمياً.
ترى مصادر وزارة الكهرباء أن مجالات الاستثمار مفتوحة للخاص في مجالي التوليد والتوزيع ففي مجال إنتاج الطاقة الكهربائية سواء من المصادر الأحفورية التقليدية الغاز والمازوت الذي شارف على النضوب والسجيل الزيتي الذي نبني عليه آمالاً كبيرة مستقبلاً، وتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة التي تعدُّ طاقات المستقبل وأهمها الطاقة الشمسية وهي متوفرة لدينا بنسبة جيدة جداً وممتازة.
الطاقة الشمسية في العالم تستثمر بخطىً متسارعة اليوم خاصة في أوروبا مع أن نسبة الاستفادة منها الآن لم تتجاوز في أحسن الدول 0,5 % في أوروبا لكن هذا النصف يشكل عملياً أرقاماً كبيرة جداً ويعد باستثمارات وبتحول أكبر نحو استخدام الطاقات المتجددة حيث ستصل أوروبا بعد عدة أعوام إلى 20 % من مجمل استخدام الطاقة وفي عام 2050 ستصل إلى 60 % ويتوقع أن تصل بعدها نسبة الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقات المتجددة إلى 90 %.
إذا سورية مفتوحة على هذا المجال ويمكن أن تكون مورداً لأوروبا عبر تركيا، حتى إن سورية تتميز عن دول شمال إفريقيا في هذا المجال، والمقارنة هنا تأتي نتيجة طرح مشروع كهرباء الصحراء الكبرى مع الدول الأوروبية لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية ونقلها إلى أوروبا عبر البحار، وتميز سورية يأتي من أن تكلفة نقل الطاقة عبر البحار مكلف جداً ويتحدد النقل بالكمية والاستطاعة أما سورية فموقعها قريب من أوروبا والربط سيكون برياً ما يخفض التكلفة ويؤثر إيجاباً في الكمية والاستطاعة، أيضاً تتميز سورية في هذا المجال بالمناطق الخالية من الغطاء النباتي المؤثر في الإنتاج الكهربائي.

قرن طاقي
ومن المستهجن أن تكون المساحات المتوفرة في سورية تكفي لإنتاج كمية من الطاقة الكهربائية تغطي الطلب المخطط على الطاقة لمدة 100 عام، ونستورد الكهرباء، وان تكون الاستطاعة الكهربائية المتاحة المركبة في سورية 8000 ميغا واط ساعي بكل أنواعها الغازية والحرارية فالسدود تستهلك يومياً وحدها 9.5 متر مكعب من الغاز بقيمة سنوية تتجاوز المليار دولار. إضافة إلى قيمة الفيول المستورد اللازم لتشغيل المحطات وهي مليار ونصف مليار دولار، وبما أن نسبة الازدياد في الطلب على الطاقة الكهربائية 8 % لعام 2006 وقد ازدادت في السنوات التي تلتها نحتاج لتلبية هذا الازدياد إلى 500 مليون دولار استثمارية سنوياً لإضافة محطات أو التوسع في المحطات القائمة، تبين المصادر أنه سيتم الإعلان عن بعض المشروعات الاستثمارية في قطاع الطاقات المتجددة قريباً من وزارة الكهرباء بعد إعداد دفاتر الشروط الفنية والقانونية والمالية وستطرح على مبدأ الـ “بي أو تي”. وهناك ناحية أخرى حسب قاسم يمكن أن تشجع المستثمر على الاستثمار في الطاقات الكهربائية التقليدية أو المتجددة وهي أمكانية إقامة مشروع لإنتاج الكهرباء وتصديره للخارج أو بيعها مباشرة للمستثمرين الكبار أي الاستثمار هنا صناعة وتجارة.
ملحقات
لا نعرف أين يكمن سر إحجام المستثمرين عن الدخول في استثمارات الطاقة المغرية وأين تركن الكرة هل في ملعب الحكومة وتشريعاتها والروتين والتعقيدات الإدارية أم في مستثمرين لم يطلعوا بعد على دراسات لا نقول محلية لأننا لم نضع بعد دراسات كهذه إلا فيما ندر، حتى إن الدراسات الأوروبية سبقتنا إلى معرفة مخزوننا الطاقي وخرجت بدراسات مفصلة، ورغم ذلك لم تؤخذ من مؤسساتنا المعنية بعين الاعتبار إلا مؤخراً وبعد أن (وقع الفاس بالراس)، وبدا الترويج لهذا النوع من الاستثمارات ليس فقط إنتاج الطاقة وإنما توزيعها، ففي الشهر الخامس من العام الحالي وضع قانون الطاقة الجديد موضع التنفيذ وأتاح الاستثمار في مجال التوزيع حيث يمكن للمستثمر تنفيذ شبكات وتزويد المشتركين بالكهرباء أو من الشبكات القائمة نفسها، أيضاً هناك مجالات أخرى مثل الاستثمار في قراءة العدادات أو الجباية وهنا يمكن أن يدخل أيضاً الاستثمار في مجال البرمجيات والتقنيات الحديثة.
أما في مجال التشجيع على الاستثمار بمجال الطاقات المتجددة وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة منها التي تصل إلى 10 ميغا واط فترى مصادر الوزارة أنه تم إصدار قرار من رئاسة الوزراء بشراء الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة وبأسعار تشجيعية جداً، مثلاً يمكن أن تشتري الحكومة الطاقة الكهربائية المنتجة من طاقة الرياح بـ 8 ليرات للكيلو واط في حين يباع للمواطن بما لا يتجاوز 2 ليرة وإذا تغيرت أسعار التحويل بشكل كبير يمكن إعادة النظر بالأسعار.
ترويج
رغم الأرقام والفرص المتوفرة بحوزة وزارة الكهرباء والجهات المعنية بالطاقة، لا تزال المغريات أمام المستثمرين قاصرة على جذبهم، والأدوات أو الوسائل الترويجية مترنحة أو أنها لم تهتد بعد إلى طريق الشهرة، فالسوق الطاقية واعدة جداً من جهة والصورة الحالية ليست بالمتفائلة إذ إن الطلب عام 2010 وصل إلى 46 مليار كيلو واط ساعي والطلب وقت الذروة تجاوز 8500 ميغا واط، وفي عام 2011 وصل الطلب إلى 50 مليار كيلو واط ساعي وفي الذروة تراوح بين 9000 إلى 9500 ميغا واط نتيجة التوجه إلى التدفئة على الكهرباء، متوقعاً أن يصل الطلب عام 2020 إلى 100 مليار كيلو واط ساعي وفي عام 2040 سيصل إلى 145 مليار كيلو واط ساعي.
وأكد ت المصادر أن هذه الأرقام العالية ستنخفض إذا تم الاستثمار في مشروعات الطاقة من خلال رفع الكفاءة وترشيد الاستهلاك، ويشير قاسم إلى أن هناك مجالات أخرى للاستثمار متعلقة بالطاقة، فيمكن أن تكون هناك شركات للتدقيق الطاقي ورفع كفاءة استخدام الطاقة ويمكن أن تعمل وتقيّم استهلاك الكهرباء في مجال الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي وغيرها فضلاً عن ربحية الاستثمار في هذا المجال، كما يمكن الاستثمار في الصناعات المرتبطة بإنتاج الطاقة الكهربائية حيث يوجد لدينا أربعة معامل لصناعة الكابلات ومعملان لصناعة المحولات، إضافة إلى وجود اكتفاء ذاتي بمعظم احتياجاتنا من الأبراج الكهربائية.
مع كل الميزات (الطاقية) والمساحات الشمسية والريحية وملحقاتها وعلى أهمية ملف الطاقة وخاصة المتجددة منها كذلك حاجتنا لقطاع يعدّ عصب النمو والتنمية مع كل شجون هذا القطاع لدينا، قد يكون من الملح إحداث وزارة متكاملة للطاقة تروج وتشجع وتستثمر وتحيط بملفات ساخنة قد يلفحنا لهيبها إذا ما اعتراها التأخير.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]