أفادت مصادر اقتصادية بأن سوق العقارات في دمشق ومحيطها يشهد حالة من الجمود شبه التام في عمليات البيع والشراء، خاصةً بعد انهيار النظام وتوقف عمل الدوائر الحكومية المسؤولة عن تسجيل ونقل ملكية العقارات.
هذا التوقف، إلى جانب شح السيولة النقدية بين المواطنين والتقلبات المستمرة في سعر صرف الدولار، ساهم في إرباك السوق العقاري، إذ تُحتسب قيمة العقارات عادةً بالدولار، ما جعل تقييم الأسعار غير مستقر.
وفقًا لتقارير من عدة مكاتب عقارية في العاصمة، فإن أسعار الشقق السكنية تراجعت بشكل كبير، حيث فقدت ما يقارب نصف قيمتها، وسط تراجع واضح في الطلب على الشراء.
فمثلًا، منزل كان يُقدّر سعره بنحو 500 مليون ليرة سورية (ما يعادل 50 ألف دولار تقريبًا)، انخفض إلى 300 مليون ليرة فقط، وهناك عقارات تُعرض بأقل من 150 مليون ليرة.
أما بالنسبة للغرف مع خدماتها (المنافع)، فقد أوضح محمد علي، صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة 86، أن الغرفة التي كان سعرها سابقًا يصل إلى 100 مليون ليرة، تُعرض اليوم بـ50 مليون ليرة فقط.
وأضاف أن أسعار العقارات في الأحياء العشوائية كانت قد وصلت إلى أرقام غير مسبوقة قبل سقوط النظام، متجاوزة حاجز 500 مليون ليرة في بعض الحالات، وذلك تبعًا للموقع والمساحة.
ورغم الجمود في عمليات البيع، لا تزال إيجارات المنازل في تصاعد، خاصة في المدن الكبرى، حيث تؤثر الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونقص المعروض السكني على ارتفاع الإيجارات بشكل مستمر.
في السنوات الماضية، ومع تفاقم الأوضاع في مناطق سيطرة النظام، لجأ العديد من الأهالي إلى بيع ممتلكاتهم العقارية لمساعدة أفراد أسرهم على مغادرة البلاد، مما نشّط السوق لفترة مؤقتة.
من جانبه، أوضح الباحث الاقتصادي خالد التركاوي أن حالة الركود لا تقتصر على سوق العقارات فحسب، بل تشمل مجمل الأنشطة الاقتصادية، مبيّنًا أن تذبذب سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية يُعد من أبرز أسباب هذا التراجع، حيث أصبح المواطنون أكثر تريثًا قبل اتخاذ قرارات البيع أو الشراء.
وأشار التركاوي إلى أن ملاّك العقارات أصبحوا أكثر حذرًا فيما يتعلق بعمليات الإكساء أو الترميم، بسبب الخوف من تكبد خسائر نتيجة تراجع قيمة العملة، بالإضافة إلى توقف الجهات الرسمية المعنية بإجراءات التمليك والفراغ العقاري.
كما أشار إلى اعتقاد ساد بين بعض المستثمرين بأن عودة المهجرين من الخارج ستنعش السوق العقارية، ظنًّا منهم أنهم سيعودون بأموال ورغبة في الشراء، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويشهد قطاع العقارات في سوريا حالة من الركود غير المسبوق، نتيجة توقف إجراءات تسجيل الملكيات في الدوائر المختصة، بينما يشهد قطاع الإيجارات نشاطًا ملحوظًا بفعل عودة عدد كبير من السوريين، سواء لزيارات طويلة أو للاستقرار مجددًا بعد سنوات من النزوح.
وتُظهر بعض التقديرات أن عقارات دمشق، خاصة في المناطق الراقية، لا تزال الأعلى سعرًا على مستوى البلاد، حيث تصل أسعار بعض الشقق إلى نحو 30 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل حوالي 2.3 مليون دولار أمريكي.