الحل برفع الرواتب لابدعم المنتج الزراعي..خبير زراعي يبدي رأيه

الخبير السوري:

على الرغم من شبه الإجماع غير الحكومي (الخبراء والمختصون بالاقتصاد)، على أن رفع سعر ليتر الماوزت الزراعي والصناعي المدعوم سيؤدي إلى زيادة مضاعفة في الأسعار وزيادة في التضخم، وهذا ما ذهبت إليه الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السابقة، حين سؤالنا لها عن أثر ذلك الرفع، حيث أكدت أن رفع مشتقات الطاقة سيرفع معدل التضخم حتماً، ولكن يبدو أن هناك قراراً باستيفاء سعر التكلفة بأي شكل، وهذا ما يحصل للأسف، وأوضحت أن هذا القرار سيرفع جميع السلع الزراعية والصناعية، وسيرفع المؤشر العام للأسعار، وبالتالي سيرتفع سعر كلّ شيء، ما سيؤدي إلى زيادة معاناة محدودي الدخل.

على الرغم من ذلك، يبدو أن لرئيس اتحاد غرف الزراعة، المهندس محمد كشتو، رأياً مختلفاً كلياً، إذ أكد في تصريح لصحيفة البعث ” قسيم دحدل”،  عدم حدوث زيادة تذكر في الأسعار ولا في معدل التضخم، بل ذهب أبعد من ذلك بتوصيفه لرفع السعر، على أنه ليس زيادة وإنما هو السعي للوصول إلى السعر العالمي البالغ ما بين 11.5- 12 ألف ليرة!.

كشتو رأى أن مفهوم الدعم في شكله الحقيقي، هو في أساسه استثمار في المال العام، بشرط أن يستثمر بشكل أفضل مما هو عليه حالياً، وهذا يندرج في خانة دعم مستلزمات الإنتاج، لكنه في الوقت نفسه قال: نحن كاتحاد غرف زراعية، نرى أن دعم المنتج النهائي، أكثر جدوى من دعم مستلزمات الإنتاج!

ورداً على من يقول بأن الفلاح والمزارع كي يُنتج فهو يحتاج لتمويل حتى يقدر على الاستمرار في الزراعة والإنتاج، يرى كشتو بإمكانية أن يكون هناك تمويل من المصرف الزراعي، معتبراً أن هذا قد يكون أحد الحلول البديلة عن دعم مستلزمات الإنتاج، في إشارة منه لاستبدال موضوع الدعم بالتمويل الميسّر، موضحاً فكرته بالسؤال عن الفائدة إذا كانت الحكومة تقدّم المازوت الزراعي المدعوم لإنتاج 1.5 مليون طن من القمح، بينما لا يسوق منه للدولة مثلاً سوى 500 – 600 طن؟! معتبراً أن ذلك هدر لمبالغ الدعم الذي تقدّمه، وعليه يرى ضرورة أن يكون الدعم أولاً مدروساً، أي تحديد وتغيير مطارحه وآلياته ووفقاً لأهداف هذا الدعم، وحين تنجح الحكومة بذلك وقتها يمكن خروج الدعم، إذ لا يمكن أن يكون الدعم لمدى الحياة!.

ولأن الدعم لم يحقق أهدافه، يرى كشتو ضرورة تغيير مطارح الدعم ليكون أكثر جدوى، فهم كاتحاد غرف وبما يمثلون، ديدنهم وشغلهم الشاغل، الإبقاء على استمرار العملية الإنتاجية، بمعزل عن إمكانية الحصول على عوائد مجزية، وهذا لا يعني أن لا يربح الفلاح والمزارع، بل يجب أن يربح ولو كان الربح مقبولاً، لأن الأمر الطبيعي أن يستمر في الإنتاج!

كشتو قال: إنه مع خيار الحكومة فيما أقرّته من رفع لسعر المازوت المدعوم، لأنه شخصياً ومؤسساتياً لا يؤمن بالدعم مع الندرة، وعليه فالحلّ يكون بوفرة المادة وتأمينها، وبعدها يتمّ تحديد من يُدعم وكيف يُدعم ولماذا يُدعم، مؤكداً أنه ما دام هناك ندرة في المادة، فهذا يعني أن هناك فساداً إجبارياً. وكشف كشتو أنه كمزارع، يحسب كلفته على أساس سعر السوق السوداء للمادة (النسبة الأكبر من المزارعين يشترون المادة من السوق السوداء)، ورغم هذا لا يرى أن ذلك بالأمر الخطير، أو أنه سيرفع الأسعار بشكل كبير، لكون أكثر المازوت المدعوم سيذهب لمحصول القمح.

رئيسُ اتحاد الغرف الزراعية أكد وشدد على أن أهم دعم يمكن أن يُقدّم الآن هو دعم كتلة الرواتب والأجور لأصحاب الدخل المحدود في القطاعين العام والخاص، وأنه كجهة ومؤسّسة زراعية، لو خُيرت ما بين دعم المنتج الزراعي وبين دعم الرواتب والأجور، لفضّلت دعم الأخيرة، مبرراً بأن زيادة الرواتب ستحرك الطلب على المنتج الزراعي والصناعي والعكس صحيح؛ وهنا الحل المتاح الذي لا بدّ منه، لأن المشكلة برأيه ليست في زيادة أسعار المشتقات والأسمدة، بل في موازنة ومعادلة (غالي ورخيص) مقارنة بدخل محدودي الدخل وهم الشريحة الأكبر، مؤكداً أن أية سلعة غالية على دخل محدودي الدخل، هي رخيصة على مُنتجها، مبيناً أنه إذا كان طن سعر السماد 9.2 ملايين ليرة، فطن البطاطا مثلاً 6-7 ملايين ليرة. وعليه يؤكد كشتو أن المزارع الحقيقي وليس الهاوي، ليس خاسراً، فالمزارع الذي يشتغل بأرضه وعنده مساحات مقبولة وإدارة صحيحة هو رابح رغم أسعار الطاقة والأسمدة والنقل، وبالتالي لكي يستمر الفلاح والمزارع بالإنتاج، على الحكومة دعم سعر المنتج النهائي وليس مدخلات الإنتاج، والأهم دعم المستهلك ليكون قادراً على شراء المنتج الزراعي، وهذا يتطلّب تغيير مطارح الدعم، موضحاً أن الخطة الزراعية للموسم الحالي تقرّر فيها زراعة ما بين 60- 70% من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، قمحاً، وعليه يجب دعم سعر القمح لمنتج نهائي، لا دعم مدخلات المحصول، كي تضمن الدولة الحصول على الكميات الكاملة منه، وتقديم الدعم للفلاح والمزارع الذي سوق لها كامل المحصول، وليس للذين أخذوا المازوت وسمسروا به.

أما بالنسبة للمحاصيل التي لا تسوّقها الدولة، فلها آليات دعمها الخاصة، أي الدعم بالأهداف، فيمكن دعم محصول لتحقيق هدف اجتماعي، أو دعمه لتحقيق هدف صناعي أو هدف تصديري، إذ من غير المنطقي دعم محصول لا نريده، لأن دعم المدخلات وفقاً للأهداف سيحقق القيمة المضافة العالية والقدرة التشغيلية والإنتاجية والتصديرية، وهذا أهم من استيراد مواد استهلاكية، لذا لا بدّ من وضوح الأهداف وسياسات الدعم لترتيب الأولويات وفق الظروف والمتغيّرات الاقتصادية والاجتماعية.

[ جديد الخبير ]