اعتبر الخبير الاقتصادي والإستراتيجي الدكتور حيان سلمان أن إعادة إعمار وبناء سورية بعد 13 عاماً من التدمير والحرب الممنهجة، ترتب مبالغ كبيرة.. وقال : لنكن واقعيين نرى أن من الصعوبة تأمينها من مصادر داخلية، لذلك يجب أن تكون هناك جهات عدة تموّل في هذا الموضوع أو تسهم على الأقل في التنمية.
ورأى الدكتور سلمان في تصريح نقلته صحيفة تشرين ” غيداء حسن”، أن المصادر الداخلية هي أحد الخيارات، وهذه تنقسم إلى عدة أقسام، القسم الأول هو من أموال الموازنة العامة، ويخطط لها بشرط أن يتم اختيار مشروعات ذات مردودية سريعة، بحيث تعوض التكاليف التي أنفقت على هذا المشروع وبأسرع وقت ممكن، ويمكن أن تخصص هذه الموازنة لإعادة البناء والإعمار ولا يخفى على أحد أن قطاع العقارات يحرك معه الكثير من القطاعات الأخرى (الحدادة والنجارة وأعمال البناء إلى ما هنالك)، كما يشغل أيدي عاملة كثيرة، وبالتالي من هنا يمكن أن تكون نقطة البداية.
والنقطة الثانية التي أشار إليها د. سلمان هي أنه يمكن أن تطرح الحكومة سندات إعمار وبناء بفوائد معينة وتطرح للشراء والبيع والاستثمار وتخصص هذه المبالغ المحصلة لهذا الموضوع من خلال سندات خزينة يوضع لها اسم مثلاً سندات إعمار وبناء بفائدة معينة، تتم دراستها من المصرف المركزي في سورية، ويوضع لها صندوق خاص في أحد المصارف يدعى صندوق إعادة الإعمار أو صندوق الاستثمار والبناء أو أي اسم آخر.
أما النقطة الثالثة يمكن أن يسهم فيها القطاعان الحكومي والخاص من خلال التشاركية ببناء تجمعات سكنية أو بالترميم، وهذا الترميم يمكن أن يتم وفق عائد ومردود يُتفق عليه، ويمكن هنا أن يفعل موضوع التشاركية بهذه الطريقة.
د. سلمان يرى أنه يمكن الاعتماد على الإخوة السوريين المغتربين في الخارج وخاصة رجال الأعمال، وكلهم أثبتوا وطنيتهم ويمكن أن يسهموا في إعادة الإعمار، وأعتقد أنهم جاهزون لذلك، لاسيما بعد أن شعروا بأن الحضن الدافىء لهم هو حضن الوطن، وخاصة بعد المشكلات الكثيرة المالية والسياسية والاقتصادية في بعض الدول التي هاجروا إليها.
كما يمكن توجيه الأموال المخزنة في صناديق التأمينات الاجتماعية بأن تخصص لهذا الموضوع، ويمكن أيضاً العمل على إصدار طابع خاص بقيمة معينة من دون أن يشكل إرهاقاً على المواطن مثلاً باسم رسم طابع لإعادة الإعمار والبناء.
كما أن موضوع تقديم قروض بشروط ميسرة ومضمونة من المصارف أو المنظومة المصرفية، خاصة من المصارف الخاصة إلى الفعاليات الاقتصادية لتقوم بإعادة الإعمار والبناء ووفق خطط زمنية وبرامج مكانية، هو أحد الحلول من وجهة نظر الخبير سلمان، فهو يركز على البحث أولاً في المصدر الداخلي حتى لا نقع في مطب المديونية، فإذا لجأنا إلى المديونية ففيها بالحقيقة الكثير من المشكلات التي لا يتسع المجال للحديث عنها.
يمكن الاعتماد على المصادر الخارجية –حسب د. سلمان- وهي على عدة أنواع، ومن أهمها اللجوء أولاً إلى الدول الصديقة مثل منظمة مجموعة “بريكس”، خاصة بعد أن توسعت، ومنظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي، ويمكن الاعتماد على بنك المشرق الذي رأسماله بحدود أكثر من مئة مليار دولار وهو بتوجيه صيني، وأيضاً الاعتماد على الشركات الصينية والروسية والإيرانية على أساس أن تقوم ببناء وإعادة الإعمار، سواء كان بالسكن الخاص أم بمشروعات اقتصادية، على أن يتم سداد ما يترتب عليها مستقبلاً إما بالبيع المباشر للمواطنين كبناء ضواحٍ سكنية وبناء مشروعات اقتصادية وأن تسهم بإدارتها أو تغير في انتقال الإدارة إليها وإلى القطاع الحكومي.
ويشير د. سلمان إلى أنه يمكن اللجوء إلى المنظمات الحكومية والدولية، ولاسيما غير المسيسة، كالبنوك التي أوجدتها دول المشرق، والاعتماد عليها، لكنه اقترح الابتعاد عن صندوق النقد والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لأنهما مسيّسان ويغلب عليهما الطابع السياسي أكثر من الطابع الاقتصادي.
الهبات والتبرّعات والمساعدات لم تكن غائبة عن مقترحات د. سلمان، ويرى أن هذا دور السفارات في الخارج، إذ يمكن أيضاً أن تقوم بعمل ترويجي رسمي مقابل تقديم عمل حول الإعلان عن مساهمة إحدى المؤسسات أو المنظمات عن الأموال الساخنة التي تنتقل في العالم من أجل توظيفها ضمن قنوات استثمارية.
إذاً موضوع إعادة البناء والإعمار يحتاج إلى عقلية اقتصادية تنطلق من تحديد المصادر وتوجيهها إلى قطاعات معينة ذات مردودية تدر على خزينة الحكومة من جهة وعلى صاحب المشروع من جهة أخرى.