لم يعد الحامل الوطني في زمن الاقتصاد الحر، مجرد مكون حكومي ينفرد بحمل هوية الدولة – أي دولة – وإنما باتت جنسية رأس المال هي الأساس..هكذا هي الوقائع اليوم بإملاءات إستراتيجية الأبعاد على المستوى الاقتصادي كما السياسي أيضاً.
في الحالة السورية ثمة تحولات على الأرض لابد من مواكبتها على مستوى الذهنيات، إن في مقصورات القرار التنفيذي أو أفقياً في المضمار العام، أي الشارع..وإن كانت مثل هذه النقلة قد بدأت، إلا أن ثمة مرتكزات فرضت نفسها بقوة، و أفرزت “سفراء اقتصاديين” على شكل هياكل قوية متماسكة، حملت الهوية السورية في أصعب ظروف ومحاولات من الخارج لطمسها .
وعلى قلّة مثل هؤلاء السفراء..كانت شركة أجنحة الشام للطيران العلامة السورية الفارقة، و أحد الحوامل الوطنية للهوية السورية، كما كانت الناقل الوطني الأقوى، والمكون العملاق لسد الفراغ والحفاظ على اسم سورية في سماء وفضاء هذا العالم الرحب.
اللافت أن هذه الشركة استطاعت وباحتراف كبير، إحداث نقلات متوالية ومستمرة على مستوى الحضور و تقديم أرقى الخدمات، على إيقاع ما أسميناه أزمة والتي كانت ذريعة للكثير من مؤسسات الدولة للانكفاء و التسبب بزيادة وطأة الأزمة..
يتحدث مسافرون سوريون بكثير من الشغف – دون أن يسألهم أحد – عن الفارق الملموس في مختلف أشكال وأنواع الخدمات التي هي روائز تقييم شركات الطيران من وجهة نظر المسافر – الزبون – بين أجنحة الشام وشركات كثيرة جربوها للتو في مقطع ما ليصلوا إلى طائرات “الأجنحة”..يتحدثون عن المستوى الرفيع من الأداء الذي تتمتع به شركة أجنحة الشام للطيران، منذ حجز التذكرة وصولاً إلى مطارات المقصد، والطريقة الراقية في التعامل التي يمتاز بها “الركب الطائر” ومهارات الطيارين الفائقة..
الحامل الوطني في المفهوم العام، يخرج في اضطلاعه بمسؤولياته عن نطاق الاختصاص الضيق، إلى مضمار أوسع في الغالب يكون ثقافي أو اجتماعي إلى جانب الاقتصادي أو الخدمي الذي يكون الاختصاص الأساس..وقد برعت شركة أجنحة الشام للطيران بذلك ولمس الجميع طيلة سنوات الحرب على سورية حضورها الآثر ورعايتها للكثير والكثير من الفعاليات والكرنفالات الثقافية والمجتمعية عموماً، وأسست لحالة راسخة من الثقة في صميم المجتمع السوري.
الشركة اليوم في حال تستحق عليه انحناءة احترام وثناء، لأنها أبقت اسم الشام محلقاً في أحلك الظروف، وأشاعت الأمل بأن في هذا البلد طاقات وقطاع أعمال منتم إلى وطنه، قادر على أن يكون صاحب المبادرات الإستراتيجية الوطنية.
ننتظر وكلنا أمل أن نشهد المزيد من مبادرات قطاع الأعمال الوطني، على طريقة أجنحة الشام للطيران، لأن الوطن والانتماء لا يتجزأ بين عام وخاص، و “الأجنحة” كانت النموذج الذي نفخر به جميعاً كسوريين.