الخبير السوري:
رأت ثريا إدلبي مدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسّطة، أن الحاجة باتت أكبر اليوم لمزيد من التنسيق بين هيئة تنمية المشروعات والجهات الأخرى ذات الصلة بهذا القطاع، لضمان تحقيق الترابط والتكامل في عمل الجميع وتوحيد كافة الجهود المبذولة لتكون ضمن بوتقة واحدة.
ولفتت إدلبي في تصريح لـصيفة الثورة ” نهى علي” وهو أول تصريح إعلامي تدلي به بعد تسلمها مهامها كمدير عام الهيئة، لفتت إلى أن الهيئة تسعى لتعزيز دورها وأدواتها في تنسيق وتوجيه كافة الجهود المبذولة على مستوى الحكومة، من خلال العمل على اعداد برنامج وطني وخطط تنفيذية تكون الأساس في تنظيم المهام والأدوار المطلوبة من كافة الجهات، إضافة إلى رفع مستوى التعاون مع الجهات الخاصة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المحلي لدعم مبادرات وبرامج الهيئة.. ويأتي هذا التصريح في ظل حالة من عدم التنسيق والتناغم بين كافة الجهات، طالما كانت أحد الأسباب التي حالت دون تحقيق التقدم المطلوب في نشر المشروعات الصغيرة على نطاق واسع، بالشكل الذي تتطلبه الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
ويبدو من حديث ” مديرة المشروعات” أن هذه الحيثية تشكل أحد العناوين الرئيسة لعملها وتوجهها لإدارة وتنظيم هذا القطاع ذي الأهميّة الكبيرة.
تنظيم جديد
مؤخراً وجه مجلس الوزراء باستكمال الأسس التنظيمية اللازمة لدعم المشروعات الصغيرة، ووضعها على المسار الصحيح..وكان التوجيه بحاجة إلى توضيح أكثر، بالتالي كان سؤالنا لمديرة هيئة المشروعات، حول الأسس التنظيمية التي يجب استكماله ولم تستكمل، على الرغم من الورشات المكثفة التي نسمع عنها منذ سنوات بهذا الخصوص.
هنا تجيب ” مديرة المشروعات” بأنه وبهدف تهيئة البيئة الداعمة للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، يًعتبر تطوير الإطار المؤسساتي الناظم لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ككل من المحاور الأساسية ضمن استراتيجية دعم المشروعات الذي تعمل الهيئة على متابعة تنفيذها ضمن خططها، والذي يقوم على تطوير الأطر القانونية والتنظيمية من حيث تعزيز الشمولية والاتساق وتكامل الأدوار بين كافة الجهات التي تقدم الدعم بمختلف أنواعه لهذا القطاع، وبما يضمن انطلاقة صحيحة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن أهم الأسس التنظيمية التي يتوجب التركيز عليها خلال هذه المرحلة بما يمكّن هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من استهداف المشاريع ورفع فاعلية وكفاءة الخدمات المقدمة لها تعزيز أدوات التخطيط الاستراتيجي، وبناء قواعد بيانات تخدم برامج الاستهداف، وتطوير وتحديث البنى التنظيمية بما يعزز توحيد الجهود وتنسيقها، وتعزيز علاقات العمل والتعاون ما بين الهيئة وكافة الشركاء الداعمين لهذا القطاع
حلقات مكمّلة
بعيداً عم سبق فإنه ومنذ سنوات والهيئة تغرق في دراسات تنظيمية ووضع معايير وأسس ودراسات جديدة، فهل ما سبق فعله هو إنجاز تراكمي سيخدم استراتيجية الهيئة في التنفيذ على الأرض، ومتى ستتم المباشرة إذاً بإنفاذ الرؤية الجديدة، وما هي الأولويات؟
هنا ترى الدكتورة إدلبي، أن كل ما تم العمل عليه سابقاً وكافة الجهود التي بذلت من كافة الجهات ولا تزال، يخدم وضع استراتيجية كفؤة لدعم وتطوير هذا القطاع وبالتالي يساعد في الوصول الصحيح والواسع لأصحاب المشروعات ورواد الأعمال، فعلى سبيل المثال فإن اصدار التعريف الموحد للمشروعات يعتبر من أهم الأدوات التي تستخدمها كافة الدول لضمان استفادة أصحاب المشروعات من برامج الدعم التي تضعها حكوماتها، كما ترى الهيئة أن ما تقوم عليه حالياً وبالتنسيق مع الجهات المعنية يعزز من ادواتها للوصول للفئات المستهدفة وتطوير وتنويع الخدمات المقدمة لهم حيث تسعى لاستصدار الدليل الموحد للأنشطة الاقتصادية ووضع سجل وطني لكافة المشروعات وتبسيط إجراءات تأسيس المشروعات وغيرها.
دعم ومواكبة
لكن بقي قطاع المشروعات الصغيرة يعاني من عدم القدرة على الانطلاق بالقوة والزخم الذي يوازي أهميته، ليبقى من المهم لدى كل متابع معرفة خطة الهيئة – بإدارتها الجديدة – لمواكبة الإجراءات الحكومية الهادفة لدعم المشروعات الصغيرة ؟؟
هنا تلفت “مديرة المشروعات” إلى أن الحكومة أولت ولا تزال اهتماماً كبيراً بتحسين بيئة العمل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث اتخذت العديد من الجهات السورية عدداً من الإجراءات في إطار دعم أصحاب هذه المشروعات على مختلف الأصعدة القانونية والتنظيمية والتمويلية وغيرها، ومعظم هذه الجهود قد أسهمت بدعم القطاع بطريقة أو بأخرى، ولا يمكن إنكارها أو تجاهل نتائجها.
انتشار أفقي
وتبدو مشكلة تعثّر الانتشار الأفقي للمشروعات ذات أثر عميق سلبي بالعموم في المعيار الاقتصادي والاجتماعي، بالتالي كان علينا أن نسأل ما هو تصور الهيئة للتوسع بالمشروعات الصغيرة أفقياً على امتداد الجغرافيا السورية، كما يتكرر في التوجيهات والخطط الرسمية دوماً ؟
وهنا تلفت إدلبي إلى أنه من الأهداف الأساسية التي تسعى الهيئة لتحقيقها هو توسيع الشرائح المستفيدة من الدعم الذي تقدمه الحكومة السورية لقطاع المشروعات (كماً ونوعاً) وبما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة قطاعياً وجغرافياً، وستعمل الهيئة على الاستفادة من نتائج التعداد الشامل للمنشآت الاقتصادية والاجتماعية الذي تعمل على استكمال تنفيذه حالياً بالتعاون مع المكتب المركزي للإحصاء بالإضافة إلى الدراسات التحليلية التي ستقوم بها الهيئة مع فروعها، في وضع خرائط الاستثمار للمشروعات والتي يبنى على أساسها السياسات الداعمة والبرامج الاستهدافية التي تستجيب بدورها لاحتياجات المجتمع وتعزز مساعي التنمية.
تعداد واستشراف
حتى الآن لم يتبلور رقم دقيق بخصوص إحصاء الشروعات الصغيرة، ربما بسبب تذبذب بيئات العمل وعدم حيازة كثيرين على تراخيص عمل معلنة، والتعداد أحد أدوات استشراف مستقبل هذه المشروعات لإدارتها وتنظيمها ودعمها، بالتالي، كان السؤال لمديرة الهيئة .. هل استكمل التعداد العام للمشروعات الصغيرة، وكيف سيتم الاستعانة به لدعم هذه المشروعات ؟
ترى إدلبي أن التعداد العام للمنشآت الاقتصادية والاجتماعية يهدف إلى اجراء مسح شامل لجميع المنشآت الاقتصادية في سورية، بهدف معرفة عدد هذه المنشآت، توزعها الجغرافي وخصائصها المختلفة.
وفي إطار انجاز التعداد، تم خلال الفترة السابقة تنفيذ التعداد ضمن ثمان محافظات ويتوقع خلال النصف الثاني من عام 2024 استكمال أعمال التعداد في المناطق التي لم يتم التمكن من الوصول إليها في محافظة ريف دمشق سابقاً.
أما فيما يخص إمكانية الاستعانة به لدعم المشروعات، فإنه من المنطقي جداً الاستفادة من نتائجه من قبل المخططين وصنّاع القرار في تشخيص وتقييم الواقع ورسم السياسات ووضع برامج الدعم اللازمة.
خارطة أولويات
أيضاً في السياق التنظيمي كان لابد من سؤال، حول مدى فعالية إصدار مجلس الوزراء لدليل اعتماد تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة لجهة التوسع بالمشروعات الصغيرة أفقياً، باعتباره يلزم جميع الجهات المعنية بالتقيد بالتعريف، وكيف استجابت الجهات؟
وهنا ترى إدلبي إن تنمية ودعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تقتضي وضع استراتيجيات وبرامج دعم مخصصة وفق فئات مستهدفة وقطاعات ذات أولوية التي تنسجم مع الخطة الوطنية وهذا يستدعي وجود محددات للمشروعات المراد استفادتها من برامج الدعم هذه. ومن هنا كان لا بد من تطوير الأسس المعتمدة في تعريف تلك المشروعات واعتماد معايير محددة لتصنيف المشروعات بما ينسجم مع الممارسات العالمية والخصوصية السورية، وتوحيد الرؤية حيالها من قبل مختلف الجهات المعنيّة لاسيما التي تقدم الدعم للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وقد جاء الدليل مرجعاً لكافة الجهات السورية وشكَل لغة مشتركة لكافة أصحاب العلاقة بقطاع المشروعات لتصنيفها قطاعياً (زراعة– صناعة– تجارة– خدمات) وفق حجوم (متناهية صغر-صغيرة –متوسطة) بناء على معايير وحدود متفق عليها، وهي (رأس المال المستثمر-قيمة المبيعات –عدد العمال).
وقد بدأت الجهات ذات الصلة بموافاة هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببياناتها الخاصة بهذه المشروعات وفق النماذج المتفق عليها لإيراد البيانات إلى الهيئة بشكل دوري، لتغذية قاعدة البيانات التي يتم العمل عليها حالياً (السجل الوطني للمشروعات) كقاعدة بيانات وطنية لكافة المشروعات الاقتصادية في سورية على اختلاف حجومها، تتيح الوصول إلى المعطيات المساعدة على تحديد الأولويات الوطنية، وصياغة استراتيجية وطنية لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.