هدنة اقتصادية

 كتب د. عامر خربوطلي – الخبير السوري:

ليست مصطلحاً مألوفاً رغم إنه من واقع ما يجري في المنطقة من بطولات ممزوجة بالآلام والحاجة إلى التهدئة، وليست من قواعد العمل الاقتصادي رغم إنها جديرة بالتفكير والتأمل.

 في منتصف الثمانينات صدر كتاب بقلم اقتصادي سويدي مشهور حمل عنواناً غريباً وغير مألوف وربما صادم للبعض كان عنوانه (التنمية صفر) وملخصه إن الدول يجب عليها أن تفكر في مرحلة ما بعد أن تحقق مستويات عالية من النمو الاقتصادي والدخل والرفاهية بالتوقف عن التراكم الرأسمالي وتجميد عمليات التوسع الصناعي والتمهل في الاستثمار الزراعي والخدمي والعقاري حتى لا يتجاوز الحد المطلوب منه اقتصادياً.

 (التنمية صفر) كانت تعني منح فرصة للأفراد والحكومات ورجال الأعمال إلى التمتع بعوائد التنمية السابقة التي تم تحقيقها، وهي كانت تعني أن السياق المحموم للاستيلاء على دخل الفرد من خلال اختراع أساليب جديدة لتسويق المنتجات والخدمات الجديدة يجب أن يتوقف في لحظة ما ليبدأ كل فرد باستهلاك ما تراكم لديه من مدخرات أو ثروة من خلال أفعال جديدة غير مستهلكة أو تقليدية ومنها زيادة ساعات الترفيه والرياضة والاستغراق والسياحة والثقافة والموسيقى والأدب والفنون والتراث إلى ما هنالك من أمور غير اعتيادية وغير مادية ولكنها ضرورية لإحساس الفرد إنه إنسان وليس آلة للعمل وتكديس الأموال ومراكمة الأصول والعقارات دون أن يتبقى له الوقت ليعيش شيئاً آخر.

إنها فلسفة اقتصادية جديدة لم تستطع أن تتجاوز إطار الدول بالغة الثراء والرفاهية وبحدود ضيقة على حساب سباق التنمية والثروة المحموم بين الدول والأفراد.

ما يهمنا من الحديث هذا أن الاقتصاد السوري لا يحتاج لأي هدنة اقتصادية أو تهدئة تجارية أو صناعية أو زراعية لأنه مازال بعيد جداً عن تحقيق التراكمات الرأسمالية الكبيرة وهو بحاجة أي الاقتصاد السوري إلى (التنمية 1000) وليس صفر لمحاولة اللحاق بما فاته من فرص ضائعة وموارد مهدورة وأفكار غير مستغلة.

لا هدنة مع الفقر ولا هدنة مع البطالة ولا تهدئة مع التضخم ولا هدنة مع الهدر ولا تهدئة مع التقاعس ولا مكان إلا للإنتاج والعمل.

العيادة الاقتصادية السورية

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]