“حرب” لبنانية – سورية بغيضة .. على وسائل الإعلام والتواصل

الخبير السوري:

تشهد وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام ،ما يمكن اعتباره حربا أهلية لبنانية – سورية بغيضة ومعيبة في آن معا،على خلفية أزمة اللاجئين السوريين في لبنان.

فلا يكاد يمر يوم من دون أن تزخر هذه الوسائل بمقاطع فيديو تُصوّر لبنانيين يعنّفون لاجئا سورياً من دون سبب جوهري ،فقط لمجرد وجوده في لبنان ،أو لتجوله خارج “الدوام الكوني” الذي يحدده اللبنانيون على مزاجهم.

ولا يمر يوم من دون أن تصدر إحدى البلديات بيانا يدعو السوريين إلى تسجيل وجودهم في نطاق هذه البلديات بمستندات وأوراق ثبوتية ،أو تحذيرهم من التجول ليلا في هذا النطاق،وذلك التزاما بتعليمات وزارة الداخلية اللبنانية،على الرغم من ضرورة وحاجة المصالح اللبنانية للعمالة السورية في شتى المجالات.

ولا يمر يوم دون أن تلحظ بعض وسائل الإعلام تقريرا مصورا عن “عبء اللاجئين السوريين” في لبنان،خاصة في زمن الإنهيار،إذ اكتشفت هذه الوسائل أن المخيمات السورية تستهلك الطاقة الكهربائية (في زمن اللاكهرباء) من دون مقابل،وكذلك بعض الخدمات الأخرى،حتى ذهب بعض الوسائل إلى مقاربة المجاري الصحية للمخيمات ،بحجة أنها تضر بالمزروعات ،في وقت تسرح بعض المجاري الصحية في الأحياء “اللبنانية الخالصة” من “زمن وزمان” من دون علاج أو معالجة.

والغريب أن “الدولة اللبنانية” ومعها بعض غلاة الأمر السياسي،استفاقت على وجود اللاجئين السوريين في لبنان بعد دزينة من السنوات،فاجتمعت حكومة تصريف الأعمال ،في زمن يشبه الدولة ،وأقرت مجموعة من الإجراءات والخطوات التي يستفز بعضها اللاجئين وحضورهم القسري على الأراضي اللبنانية،من دون أن تتجشم عناء البحث الجدي مع الحكومة السورية ،إلا لِماما،في سبل معالجة هذه القضية ،والتي تحتاج فعلا إلى معالجة.

في المقابل استدعت الإجراءات والمواقف اللبنانية المستجدة ،مواقف بغيضة ومعيبة أيضا من جانب بعض الغلاة السوريين من خارج الحدود،وجاء بعضها على مقاطع فيديو حفلت بها وسائل التواصل ،أقل ما يقال فيها أنها مؤسفة،وكان يمكن استيعابها لو اقتصرت على اللوم والعتب ،لكنها تمادت إلى حد السباب والشتائم والعبارات المقرفة.

ليس في ما تقدم أي مبالغة ،وفي مقدور أي كان ملاحظة ومتابعة هذا الواقع المؤسف بصورة مباشرة ،وليس نقلا عن فلان أو علان ،وهو ما يُنبئ بشر مستطير وخطر داهم وأوضاع أمنية متوترة قد ترقى إلى الصدام الفعلي المسلح ،ما لم يتدارك البلدان هذه المشكلة ،وخاصة الحكومة اللبنانية ،فيسعيان إلى اجتماعات جديّة تنزع فتيل هذه القتبلة الموقوتة الآيلة إلى الانفجار،بعيدا عن الاتصالات واللقاءات الخجولة التي حفلت بها السنوات الماضية.

صحيح أن هذه الأزمة معقّدة ومركّبة ولها اتصال بالواقع السوري الراهن ومدى قدرته على استيعاب ملايين اللاجئين دفعة واحدة ،ولكنها ليست أزمة مستعصية إذا ما جرت مقاربتها بروح مسؤولة وبوعي كامل لمندرجاتها ،وإذا ما تحررت من الضغوط الغربية الساعية إلى “تثقيل” الهم اللبناني لأسباب سياسية معروفة.

هذا على المستوى الحكومي ،أما على المستوى الأهلي والشعبي بين البلدين ،فليتّقِ اللبنانيون والسوريين الله في تعاطيهم مع هذه القضية،وليراعوا حق الجيرة والأخوّة،وليعلم اللبنانيون بالأخص أن سوريا حملتهم في زمن الشدة ،مثلما هم يحملون اليوم اللاجئين السوريين في زمن شدتهم.وبعيدا عن هذه المشاعر الطوباوية،فليعلم الجميع أن الصدام إذا ما حصل لا سمح الله سيؤدي إلى كوارث مشتركة ،لبنان بغنى عنها وعن نتائجها في هذا الزمن الصعب.. والسلام على من اتبع الهدى!

واصف عواضة – الحوار نيوز

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]