الأطباء الشرعيون في سورية يقيّمون حالات ضحايا الزلزال…

جهود جبارة من ١١ طبيب شرعي موزعين على حلب وحماة واللاذقية خلال كارثة الزلزال

الخبير السوري

كشف رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي د. زاهر حجو أن استجابة الأطباء الشرعيين في مراكز العمل، وخاصة في المحافظات المنكوبة اللاذقية وحلب وحماة كانت كبيرة منذ اللحظات الأولى للزلزال.
واكتسب الأطباء الشرعيون خلال فترة الحرب على سورية الخبرات الكافية، التي مكّنتهم من القيام بواجبهم على أكمل وجه، وأثبت هذا التخصص أهميته وقدرته على مواجهة أي ظرف طارئ لا قدر الله تتعرض له البلاد، بالرغم من النقص الحاصل في عدده، إذ يبلغ عدد العاملين في هذا الجانب 52 طبيباً فقط ، ومتوسط أعمارهم يزيد على 55 عاماً.
وأضاف د. حجو: قام في هذه الجهود الجبارة خلال كارثة الزلزال 11 طبيباً شرعياً فقط، موزعين على حلب 4 واللاذقية 3 وجبلة 1 وحماة 3 بالكشف على جميع المصابين والوفيات في مراكز الطب الشرعي بالمحافظات المذكورة، وكان لافتاً من بين هؤلاء مشاركة طبيبتين في عمليات الكشف، وحاولنا قدر الإمكان تسليم الوفيات بإشراف قضائي، بعد الاستعراف على الضحايا الكثر، فتم التعرف إلى معظم الشهداء الذين قضوا في الكارثة، وكان أكبر عدد منهم في مدينة جبلة 320 شهيداً.

ومعظم الوفيات هي من أذيات صدرية وبالرأس وهرسية وانضغاطية، وثلاث وفيات لم تظهر عليها أي إصابات جسدية، وإنما نتيجة الهلع والخوف، ما أدى إلى احتشاء العضلة القلبية، محذراً من التهويل والمبالغة في وسائل التواصل الاجتماعي تجاه المخاوف وبث الذعر في نفوس الناس، مدللاً على ذلك بطفلة وصلت في الهزة الأولى إلى أحد المشافي بحالة صدمة عصبية، ثم توفيت بعد ذلك في الهزة الثانية.
وبيّن د. حجو أن الفترة مابين 6 و20 شباط الماضي شهدت ارتفاعاً طفيفاً في حالات احتشاء العضلة القلبية نتيجة الهلع والخوف من الزلزال.

مجهولة الهوية
وبقيت 11 حالة مجهولة الهوية 7 منها في حلب و4 في اللاذقية، وثلاثة أكياس أشلاء، تم أخذ عينات الـ DNA لها، وإرسالها إلى المخبر الوحيد في دمشق، وجرى دفنها في أماكن معروفة ومحددة، بعد حصولها على صور وأرقام محددة، بانتظار قيام أي من الأهالي بالتعرف إليها.
ونوه رئيس الهيئة بعدم المعاناة من النقص في أكياس نقل الجثامين، لأن الهيئة كانت تقوم من قبل على الدوام بتزويد المشافي بكميات إضافية من الأكياس، لتكون مستعدة لمثل تلك الكوارث.
451 حالة في حلب
بدوره رئيس فرع الطبابة الشرعية في حلب الدكتور هاشم شلاش أشار لـ” تشرين” إلى استنفار طاقم قضاة التحقيق إلى جانب الأطباء الشرعيين منذ اللحظات الأولى لوقوع الزلزال، وكان ضغط العمل كبيراً، إذ تم الكشف على 451 جثة، وجرت عمليات الكشف بسلاسة مع استيعاب كامل للضغط النفسي، الذي كان يتعرض له الأطباء والقضاة من الأهالي.
وفي آخر إحصائية كانت لدينا 16 جثة مجهولة في البداية، تمكّنا من التعرف إلى 9 منها، وبقيت 7 لم يتم التعرف إليها لرجلين وأربع سيدات، ولطفل، إضافة لثلاثة أكياس أشلاء.
وعملنا على دراسة الملابس وتوصيفها مع الأدلة الجنائية وأخذ عينات الـ DNA قبل دفنها في مكان معلوم مع تزويدها بأرقام خاصة، وكل صورة لأي من الجثث ذكر عليها رقم معين، في حال قدم أي من الأهالي للتعرف إلى تلك الجثث.
وأشار الدكتور شلاش إلى قيام الطبابة الشرعية في حلب مؤخراً بالكشف على جثتين في ريف حلب كانتا قد دفنتا من دون علم الطب الشرعي، فتمت إعادة فتح المدفنين للتعرف إلى الجثتين.

وأوضح الدكتور شلاش أنه خلال عمليات الاستعراف على الجثتين في مراحل العمل المختلفة تبين للكادر الطبي أنهما توفيا نتيجة تعرضهما لاحتشاء في العضلة القلبية، بسبب الهلع والخوف من الزلزال، لعدم وجود أي آثار لأتربة أو غيرها، وفي الهزة الأخيرة في حلب توفي 5 كذلك من الخوف وكانوا من المصابين بمرض القلب.
طبيبتان في اللاذقية
وشاركت رئيسة مركز الطبابة الشرعية في اللاذقية د.منال عبد الله جدع زميليها الدكتور حجو وشلاش في التأكيد على استنفار طاقم الطب الشرعي بشكل كامل، مع الأطباء المقيمين والعاملين في الطبابة الشرعية، بعد ورود اتصال من شرطة المشفى الوطني في اللاذقية يشعر ببدء قبول جثامين ضحايا الزلزال، فتم الكشف عليهم في كامل المحافظة.
وتم قبول جثامين الضحايا في مشفى جبلة الوطني، وكُلف الطبيبان الشرعيان وسام منصورة ورؤى صارم الكشف على ضحايا الزلزال في مشفى تشرين الجامعي، بحضور هيئة الكشف الطبي القضائي، وباشرت عملي في الكشف على جثامين ضحايا الزلزال في المشفى الوطني، فتم الكشف أولاً على الوفيات المعلومة الهوية بعد التعرف إليها، ووضع كل جثة في كيس حفظ الجثث، دونت عليه لائحة اسمية، وجرى فصل العائلات في مكان واحد لكل عائلة، والتعرف إلى جثث المجهولين تدريجياً بحضور الأهل وذويهم بموجب ضبط الشرطة، ومحضر الكشف الطبي القضائي، وبقي العمل مستمراً في اليوم الأول للكارثة حتى وقت متأخر تجاوز الساعة الحادية عشرة ليلاً.

وفي اليوم التالي تابعنا العمل بالوتيرة نفسها، حيث جرى تسليم الجثث المكشوف عليها في اليوم السابق، ليصار إلى دفنها في زمان ومكان معلومين، وتابعنا ذلك في الأيام اللاحقة، حيث تم التعرف إلى جميع الجثث المجهولة الهوية، وتنظيم محاضر الكشف الطبي القضائي اللازمة لجميع الوفيات، وجرى التواصل مع جمعيات دفن الموتى لتسريع وتيرة الدفن، وحسب معرفة الأهل لجهة مكان الدفن.
وإضافة إلى الكشوف الطبية على ضحايا الزلزال تمت متابعة الإصابات التي تم قبولها بالمشافي والناجمة عن الزلزال، وحالات الوفيات الطبيعية وغيرها الواردة إلى الطبابة الشرعية، مع الإشارة إلى حضور بعض المتطوعين إلى مشفى جبلة والمشفى الوطني كمساعدين في العمل.
626 في اللاذقية
في الإحصائيات التي قمنا بها على صعيد المحافظة تم فصل وفيات جبلة ووفيات القرداحة والحفة ومشفى تشرين الجامعي في اللاذقية والمشفى الوطني في اللاذقية والمشافي الخاصة في محافظة اللاذقية، حيث نظم جدول يبين العدد الإجمالي للمتوفين 626 ، منهم 171 من البالغين من الذكور و260 من الإناث و99 من الأطفال الذكور و96 من الطفلات الإناث، كما تم التفصيل الدقيق لكل من تلك الأماكن.
ونوهت الدكتورة جدع بحاجة الطبابة الشرعية في اللاذقية أيضاً لعدد أكبر من الأطباء الشرعيين، والمشفى الوطني لكادر إداري ومستخدمين، وبراد أكبر لاستيعاب أعداد المتوفين.
49 وفاة و73 مصاباً في حماة
وأوضح رئيس الطبابة الشرعية في حماة د. قيس خلوف أن الجثث التي وصلت في اليوم الأول للزلزال كانت ناجمة عن إصابات أغلبها ” هرسية” بسبب سقوط عدة أبنية نتيجة الزلزال، الذي ضرب المدينة، ووصل عدد المتوفين إلى ٤9 شخصاً، وجرى استنفار كامل للأطباء الشرعيين في المدينة مع قضاة النيابة للكشف الطبي والقضائي على الوفيات، والاستعراف إليهم من خلال بطاقاتهم الشخصية، ومن ذويهم، وحصر الأشخاص المجهولين للتعرف إليهم من خلال الملابس والعلامات الفارقة، وتم تسليم الجثث لذويها بسرعة كبيرة بعد وضعها بأكياس جثث، وتسليمها بشكل يحفظ كرامة الجثة، وبناء على محضر كشف رسمي تم الانتقال لمعاينة الأحياء الذين بلغ عددهم ٧٣ إصابة بدرجات متفاوتة، وتنظيم تقارير طبية لإثبات الإصابات وشدتها وأماكنها في الجسم.
وفي قرية عين الكروم تم تكليف الطبيب الشرعي في مدينة السقيلبية التوجه للكشف على ٦ جثث لأشخاص نتيجة انهيار خزان مياه بيتوني على منزلهم، وتنظيم محضر كشف قضائي، والتعرف إليهم من خلال ذويهم وتسليم جثثهم لهم أصولاً.

المصدر: تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]