الكتاب الإلكتروني بدلاً من «الورقيات» في الجامعات السورية قريباً

الخبير السوري:

الكتاب الإلكتروني…عنوان جدل جديد يمكن وصفه بـ” الحامي” نظراً لوجود مؤيدين ومعارضين للفكرة، إلّا أنّ ثمة مبررات لكلتا وجهتي النظر في هذا الأمر الجدلي، وهنا تبدو موازنة المعطيات في ميزان الجدوى مسألة لازمة قبل اتخاذ القرار.

  • تركو: القرار محسوم .. وقد اتجهت جامعة دمشق نتيجة مبررات واقعية ومالية وتطويرية باتجاه توطين «الكتاب الإلكتروني»

يبدو اليوم فعلاً أن الاتجاه بات جدياً نحو تعميم هذا المنتج الإلكتروني، واستثمار التقنية في خدمة قطاع التعليم، لاعتبارات كثيرة تمت دراستها بعناية فائقة كما يصرّ المعنيون على توصيف ما قاموا به..إذ شكلت رئاسة جامعة دمشق وشكلت لجان وفرق لمواكبة التكنولوجيا الرقمية والسعي وراء الكتاب الإلكتروني.

شرط الزمن

لم يتردد الدكتور محمد تركو النائب الإداري لرئاسة جامعة دمشق، في حديثة لـ” تشرين” في الكشف عن أن القرار محسوم، وقد اتجهت جامعة دمشق نتيجة مبررات واقعية ومالية وتطويرية باتجاه توطين “الكتاب الإلكتروني”..

ويسرد لمحدثيه حزمة مبررات علمية، فهو يرى أن “العلم في تطور دائماً وكل يوم ثمة جديد خاصة في بعض الاختصاصات الجامعية مثل الحاسوبية والهندسية”، من هنا تم الاتجاه نحو تغيير المناهج ضمن آلية تمت بلورتها حالياً، وفي سياق بيئة قانونية، وقد تستغرق المناهج الجديدة التي سيصار إلى تحميلها إلكترونياً وقتاً، أي ثمة زمن لا بدّ من استغراقه لإخراج المناهج بأدوات إلكترونية، على اعتبار أن الدكتور يمر بمراحل عديدة لتأليف الكتاب، و يخضع للجنة علمية وبعدها ينتقل للدراسة في لجنة التأليف، وبعد ذلك قرارات الجامعة، وسلسلة طويلة من القرارات.

  • العلم في تطور دائماً وكل يوم ثمة جديد خاصة في بعض الاختصاصات الجامعية مثل الحاسوبية والهندسية

هنا تبرز حيثية هامة.. فالأستاذ الجامعي غير قادر على تأليف كتاب آخر مازال هناك نسخ قديمة موجودة، فهذا يشكل عبئاً مالياً ،عندما يعتزم التعديل والتغيير فيجب أن تكون كمية الكتب القديمة قد نفدت، ليحقَّ له تأليف النسخ الجديدة وهذه مبررات أو اشتراطات علمية ومادية لضمان سهولة التأليف والنشر.

مبررات

يدفع النائب الإداري لجامعة دمشق برؤيته هنا، معتبراً أن اللجوء باتجاه الكتاب الإلكتروني جاء وفق مبررات أولها المبرر العلمي والعملي، ففي أغلب الاختصاصات في بداية كل عام يقدم الأستاذ الجامعي مجموعة من المحاضرات ضمن أولوية يأخذ فيها قرارات قسم وكلية وجامعة ويتم وضعها في المحتوى الإلكتروني، ومن ناحية أخرى فإنّ لجوء الطلاب للملخصات واعتمادهم على الأوراق الذهبية وأسئلة الدورات، أربك الجامعة فعلاً ولابدّ من الحفاظ على جودة المخرج فيجب على الطالب أن يطلع إلى منهاج علمي مدقق، وهذا ما يوفره الكتاب الإلكتروني.

  • تركو: لجوء الطلاب للملخصات واعتمادهم على الأوراق الذهبية وأسئلة الدورات أربك الجامعة فعلاً ولابدّ من الحفاظ على جودة المُخرج

ويجيب د. تركو عن سؤالنا: هل الأوراق الذهبية كافية لنجاح الطالب بالاختبار؟ بأن الطالب قد ينجح لكن تكون العلامات قليلة ضمن الحد فقط، لأن المواد النظرية تم استهلاكها في تكرار الأسئلة، و من ناحية أخرى عدم القدرة على تجديد المناهج كما تحدثنا سابقاً، لذا بالكتاب الإلكتروني نتخلص من قصة الملخصات إلى حدٍّ ما، إلى جانب السبب الرئيس والمهم وهو تطوير الجامعة وخلق حالة من المواءمة مع متطلبات واتجاه عالمي.. فكل العالم وكل الجامعات تتجه نحو الرقمية والتطوير من الناحية التقنية، أي الكتاب الإلكتروني هو واقع، ومن جهة ثانية هو رغبة .

مواكبة

في الاتجاه ذاته ترى الدكتورة مياسة علي ملحم نائب عميد كلية الهندسة المدنية للشؤون الإدارية والطلابية في جامعة دمشق، أنه لا بدّ من أن نواكب التطور الحاصل والذي نشهده عالمياً، ونلاحظ وجود الكتب الإلكترونية و المحاضرات أون لاين فالكتاب الإلكتروني هو أساس التعليم المباشر، وكما نعرف لقد مرّ البلد بجائحة كورونا والكوارث الطبيعة التي تحدث حالياً، بالتالي من المهم أن يصبح الكتاب الإلكتروني متاحاً.

  • ملحم: لا بدّ من أن نواكب التطور الحاصل والذي نشهده عالمياً ونلاحظ وجود الكتب الإلكترونية و المحاضرات أون لاين فالكتاب الإلكتروني هو أساس التعليم المباشر

في جانب آخر وفي اعتبار مهم أيضاً ترى د. ملحم أن التكلفة على الطالب تكون أقل..و كذلك الإنفاق الزائد أقل، فالواقع أنه لدينا هدر ورق كبير نحتفظ به بالمستودعات بأعداد هائلة ويصبح الكتاب قديماً وتالفاً قبل أن يستخدم، وتصرّ د. ملحم على أن الكتاب الإلكتروني هو خطوة حضارية جداً، بالإضافة إلى استخدام الطلاب الهاتف المحمول لقراءة المحاضرات.

مجرب وناجح

من جانبه يبيّن الدكتور شعبان شوباصي أستاذ الاقتصاد السياحي في كلية السياحة بجامعة دمشق، أن الطلاب أخذوا بالكتاب الإلكتروني أكثر من الأساتذة بسبب التطور التكنولوجي وإتاحة التطبيقات الإلكترونية الموجودة بوفرة، وساهم أيضاً بهذا الموضوع توفر الانترنت عند أغلبية الطلاب، ويمكن للطالب تحويله لملف pdf.. أسهل من الناحية المادية للطالب، وهناك مستودعات مليئة بالكتب في الجامعة بمديرية المطبوعات كلّفت ملايين الليرات وهذا شكل عبئاً على الجامعة بتصريف هذه الكتب، وأصبح ضرورياً بوجود الكوارث الطبيعية التي نشهدها حالياً.

  • شواصي: الطلاب أخذوا بالكتاب الإلكتروني أكثر من الأساتذة بسبب التطور التكنولوجي وإتاحة التطبيقات الإلكترونية الموجودة بوفرة

ويرى د. شوباصي أن الكتاب الإلكتروني موجود من فترات طويلة في العالم هناك منصات عالمية ومواقع لديها ملايين وآلاف الكتب مثل مواقع أمازون .

إحداثيات القرار

  • الآن بات علينا أن نعلم إلى أين وصلت جامعة دمشق ووزارة التعليم العالي في دراسة اعتماد الكتاب الإلكتروني؟

يجيب النائب الإداري لجامعة دمشق بأن القرار بات متخذاً وناجزاً من مجلس جامعة دمشق بناء على تعميم وزارة التعليم العالي بأن يتم تجهيز الكتاب الإلكتروني ليتم الانطلاق في العام القادم، وتم تنصيب عدد كبير من الكتب حالياً حوالي ٧٠٠ كتاب على مواقع الكليات ضمن مكتبة إلكترونية تم إنشاؤها على موقع كل كلية وهذه المكاتب كلها مرتبطة على أيقونة موجودة على موقع الجامعة تحت اسم “الكتاب الإلكتروني “.

وبدورها بيّنت الدكتورة مياسة ملحم، أنّ الجامعة تعمل بخطا حثيثة وجادة ومتابعة من نائب رئيس جامعة دمشق للشؤون الإدارية بشكل أسبوعي لاستكمال رفع الكتاب الإلكتروني من قبل الكليات في جامعة دمشق كلها، ولكن نسبة الإنجاز لا يمكن أن أحددها .

جدلية خدمة الاتصالات

وفي جواب عن سؤال بشأن البنى التحتية للاتصالات إن كانت تتيح استخدام الكتاب الإلكتروني، لفت النائب الإداري لرئاسة جامعة دمشق ، بالإيجاب لأنه خلال فترة وجيزة تم إنجاز عمل ضخم من الكتب حوالي ٧٠٠ كتاب من أصل ٢٧٠٠ كتاب موجود في مكتبة جامعة دمشق، ومستمرون بهذه العملية التي تحتاج قدرات فنية بالإضافة إلى عمل.

وأضاف د. تركو أن الاتحاد الوطني لطلبة سورية يرفد تنفيذ المشروع بالفرق الطلابية من خلال المساعدة بموضوع الأتمتة، لأن الكتاب يستغرق وقتاً من العمل وأغلب الكتب الإلكترونية لا يوجد لديها نسخ، يتم سحب الكتاب على ماسحات ضوئية، وبعدها يتم وضع العلامة المائية، علامة جامعة دمشق على كل صفحة، ومن ثم قفل الملف وتنزيله وتنصيبه على مواقع الكليات وعلى موقع الجامعة، والهدف الأخير الوصول للمكتبة الإلكترونية أو المكتبة الرقمية لجامعة دمشق لتضم الكتب الجامعية إلى جانب الأبحاث في المرحلة القادمة ضمن الأيقونة نفسها، وتم تشكيل لجان فنية لإنجاز هذه العملية لأنها تمر بعدة خطوات هي تجميع الكتب وتحويلها إلى pdf وتنصيبها ووضع العلامة المائية على كل صفحة فيها ومن ثم نقلها وبعد ذلك تنزيلها.

محاذير

يلفت أستاذ الاقتصاد السياحي د. شوباصي، إلى أن الكثير يمكنه إنجاز كتاب إلكتروني، لكن ليس بإمكان المنتج الجديد جذب وشد الطالب، لذا يجب أن تكون للكتاب الالكتروني ميزات خاصة به، لأن الملمس الورقي يختلف عن التصفح من خلف شاشة الموبايل أو اللابتوب و يفترض وجود مختصين بإعطاء استشارات للمؤلفين من حيث الألوان وتصميم الأشكال والجداول من الميزات التي تجعل الكتاب أكثر رواجاً وأيضاً الأمان لحماية الكتاب من أي اقتصاص أو اجتزاء من دون موافقة المؤلف.

  • خلال فترة وجيزة تم إنجاز عمل ضخم من الكتب حوالي ٧٠٠ كتاب من أصل ٢٧٠٠ كتاب موجود في مكتبة جامعة دمشق

أما الدكتورة ملحم فبينت أن البنى التحتية جيدة بالنسبة للدول المجاورة، نحن متميزون بالرغم من كل الضغوط والأضرار التي نواجهها والموضوع الذي يمكن أن يعوق هو الكهرباء، أما خدمة الاتصالات فجيدة ، وأيضاً الطلاب تستفيد من الطاقة الكهربائية الموجودة في الجامعة بأوقات الدوام يمكنه تحميل الكتاب الإلكتروني ببساطة.

ورق قديم

وبقي أن نسأل ماذا سنفعل بخصوص الكتب الورقية والمناهج القديمة؟

بيّن الدكتور تركو، فيما يتعلق بالكتاب الورقي المتبقي الطالب يمكنه أن يحصل على الكتاب إلكترونياً أو يتم شراء الكتاب من المكتبة، تحميل الكتاب عملية سهلة وبسيطة يتم الدخول على موقع الجامعة ويتم التحميل خلال ثوانٍ، والكتاب متاح مع الطالب في كل مكان وزمان، والطالب الذي لا يمتلك هاتفاً محمولاً يتم تحميل الكتاب على فلاشة أو قرص صلب متوفر بمكتبات الجامعات.

بدورها بيّنت الدكتورة مياسة، أن جامعة دمشق تتابع دائماً وتحمس على موضوع نشر الكتب لتواكب آخر ما توصل له العلم ولكن هذا لا يعني أن الكتب القديمة لسنا بحاجة لها إذ إنه دائماً يجب البدء بالنظريات الأساسية لأي مقرر دراسي ومن ثم الانطلاق للتطورات الجديدة .

إذاً القرار اتخذ والإنجاز بدأ وما على الطلاب في جامعاتنا إلّا الانتظار والترقب لجديد المناهج والوسائل التعليمية أي فلنودع زمن الورق والملخصات و”النوتات”..تشرين

آية محمد

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]