تسويق الرعب والتلاعب بمشاعر الناس جريمة أيضاً… من يروّج “فوبيا الزلزال” على مؤشرات ” أجدب هولندي”..؟!

الخبير السوري:

ربما لم يكن بالجديد اللحاق بركب التنجيم والتنبؤات الفلكية التي طغت على ثقافة السوشيال ميديا العصرية، إنما الغريب اليوم ما تم اعتماده من أسلوب عمل ممنهج يعتمد على علوم حديثة باتت الأكثر تداولاً، لا بل تصديقاً من الناس أنفسهم، فهل نحن من نصنع الخرافات ونروّجها أم هي التي تفرض نفسها استناداً لنظرية القطيع، التي جعلت من سياق الحدث وسيلة لاستثماره من قبل من عرفوا بصياديي الفرص الذهبية في عالم الميديا؟!

أسلوب مكرر

هي حكاية الهروب من الواقع والعودة لتفاصيل وصفها البعض بالمرعبة، ضمن نماذج تشابهت في طرق تعاطيها مع الأزمات، بدءاً بالكورونا وانتهاء بالهزات وارتداداتها السلبية على نفسية الفرد، واقترانها بأجواء مهيئة مسبقاً لجذبها، الأمر الذي أثبت ميل معظمنا للسلبية في التفكير وفق رؤية الباحثة الاجتماعية الدكتورة غالية البغدادي، ما يجعل من أسلوب تعاطي المجتمع مع هذه الأفكار عبر ترويجها بطرق ووسائل ترفيهية أحياناً بغرض الفكاهة، دون النظر للكم الهائل من الطاقة السلبية المنبعثة للمتلقي لها.

والجنوح اليوم لفكرة توقع أحداث تُصنّف تحت مسمى “الغيبيات” بات مُستهلكاً بعض الشيء برأي البغدادي، فالزلازل كعلم لا يمكن التنبؤ بها أو تحديدها بزمن محدد، وكل ما يخرج ضمن هذا الإطار من سلوكيات تأتي ضمن مسمى التسويق وفق نهج الدعاية السوداء لصاحبها.

الوعي ثم التوعية

تكمن خطورة هذا التعاطي في قدرته على التأثير بالجمهور، الذي بات اليوم بحكم المُروج لهذه الأكاذيب، دون النظر لحقيقة هؤلاء الأشخاص، ممن لم يُثبتوا حتى اليوم مسؤوليتهم أمام هذه الحقائق، التي لا بد لها من برهان قبل اعتناقها والتسليم بها برأي البغدادي، فالمرء عدو ما يجهله وقادر على التأثر بأي فكرة لمجرد تكرارها، وذلك وفق قانون الجذب.

تبرز أهمية التوعية الفورية في طريقة التعاطي مع مثل هذه الحملات الترويجية، التي في معظمها يتم تناقلها بطرق خاطئة، وذلك عبر حث المجتمع للبعد عن الحافز الكامن خلف تناقلها والانتباه لها أيضاً، إضافة لتناول الجانب الإيجابي منها برأي البغدادي، عدا عن تعميق فكرة عدم التعاطي مع أشخاص غير معروفين وعدم تبني أو ترويج أفكارهم السلبية، كالتي تم العمل بها من قبل فرانك مؤخراً بغرض الشهرة، مُستخدماً منهجية طرح فكرة ملامسة لشغف الناس، والتي تعد إحدى أساسيات التسويق الناجح، إلا أنه ومن المؤسف قوله وفق الباحثة الاجتماعية غالية البغدادي أنه وبعد التجارب المتكررة في التعاطي مع الأزمات، بتنا مجرد أداة لاستثمار نقاط الضعف فينا، الذي جعل من الكثير من الغرباء في بلدانهم ربما، أبطالاً في الميدان السوري.

حرية شخصية

وفي خضم هذا الجدل الكبير الذي أنتج الكثير من الانقسامات بين مؤيد للتوقعات ومعارض للمنهجية المتبعة لها، يؤكد التشريع السوري عدم وجود أي مخالفة لمثل هذه السلوكيات، القائمة أساساً على تعريف فرانك كمثال، بأنه عالم جيوفيزيائي حسب توصيف المحامي أحمد حبابة، الذي نفى اعتبار نشر فرانك لأخباره وتوقعاته للزلزال ضمن حسابه الشخصي (يوتيوب) جرماً مخالفاً للقانون، نظراً لاعتماده على دراسات ومنهجيات ثبتت معرفته بها وفق علاقة قشرة الأرض وهندسة الأجرام السماوية المرتبطة بالزلازل من خلال معهد أبحاث أسسه في هولندا، وهنا لا يمكن احتسابها جريمة لترويجه لها ضمن حسابه الشخصي فقط.

كما أن قانون العقوبات السوري رقم 85 تاريخ 1953، الذي صنف الجرائم إلى فصائل على أساس ما يجمعها من أوجه الشبه، لم يُثبت وقوعها كجناية حسب تأكيدات حبابة، بالتزامن مع عدم احتسابها جريمة معلوماتية أيضاً، والتي عرفت عن طريق ارتكابها بواسطة تقانة المعلومات ومستهدفة بشكل رئيس المعلومات أو نظام المعلومات أو ما يرتبط بإضافة محتوى رقمي على الشبكة حسب قانون الجرائم المعلوماتية رقم 20 لعام 2022.

ليتضح المشهد اليوم بأن المسؤول الأول عن نقل وترويج مثل هذه الأخبار نحن في الدرجة الأولى، والتي أرجعها المحامي أحمد حبابة لاعتمادها على أسلوب علمي جديد مبهر ومثير للاهتمام، دون النظر لمدى صحتها أو منافاتها للحقيقة العلمية…تشرين

بارعة جمعة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]