خلطة دواء وبنزين تزكم أنف الرقابة.. وتصريحات جمعيّة حماية المستهلك تشبه السعال المفتعل «احم نحن هنا»..؟!!

الخبير السوري:

لم يعد السباق لتصدر صفحات السوشيال ميديا في طرح مواضيع آنية مثار اهتمام رواد هذه الصفحات، كما لم تعد مطالبات أي جهة تلقى آذاناً مصغية، ربما لأن ميادين المنافسة باتت مكشوفة للجميع، أمام شيوع ظواهر خلقت لها أطراف نزاع لم تنتهِ بانتهائها، بل تحولت إلى تربة خصبة لتبادل أطراف النزاع حول أحقية أحدهما في امتلاك زمام المبادرة، فغدت أزمة الدواء وبائعو البنزين ممن اتخذوا من وسط المدينة مركزاً لتجارتهم، ورقة فاضحة لأسلوب التعاطي غير المجدي مع هذه القضايا، التي لا تزال عالقة بين جدلية توفر المادة ومحاربة محتكريها.

نقطة حساسة

لعلّها الأكثر قدرة في التأثير بوجدان المواطن، سواء كان مستهلكاً أم متاجراً بها، فالمرض لا يعترف بالأزمات، بينما الميدان يعطي حكمه للأقوى، هنا فقط برزت قدرة الجهات على ضبط وتيرة النزاع بين كل من الجهات المستثمرة لأزمة الدواء والجهات المتضررة منها، فبرزت نقطة الضعف لدى الجهات المعنية في توفير المادة وحماية المستهلك الذي لم يعد له من الأمر شيء، فالدخول في تفاصيل أزمة الدواء بات أشبه بالدوران ضمن حلقة مفرغة، وبعيدة عن صلاحيات جمعية حماية المستهلك نفسها، التي نفت على لسان أمين سر الجمعية المهندس عبد الرزاق حبزة وجود أي صلاحية لها في ردع هذه الظاهرة التي برزت بقوة وسط احتكار الصيدليات للأدوية قبل فترة قليلة من ارتفاعها حسب تأكيدات حبزة.

  • الدخول في تفاصيل أزمة الدواء بات أشبه بالدوران ضمن حلقة مفرغة

كما أنه وللدخول ضمن باب المنافسة وضبط الأمور، لابدّ من وجود ممثلين عن نقابة الصيادلة نفسها إلى جانب دوريات التموين وفق تصريح حبزة لـ “تشرين” عن آلية التدخل ضمن هذا المجال بالذات، في حين اكتفت الجمعية بدورها التوعوي القائم بشكل رئيس على توجيه اهتمام الصيادلة لتأمين الأدوية فقط، ولاسيَّما أن لمثل هذه القضايا حسب توصيف حبزة لواقع المشكلة خصوصيتها التي جعلت من دوريات التموين نفسها التي تعد جهة إلزامية بعيدة عن الموضوع أيضاً.

وما تقوم به الجمعية اليوم أمام مواجهة هذه المخاطر التي تحيط بالمريض بصفته المستهلك الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، ينحصر ضمن طابع التربية والإرشاد فقط برأي حبزة، وسط تعالي الأصوات المطالبة بتوفير مستلزمات الانتاج تارة، وتأمين الدواء بسعر مناسب تارة أخرى.

دراسة متأخرة

وما يعانيه قطاع الأدوية وسط هذا التخبط الكبير بين العرض والطلب، ومتغيرات سعر الصرف الأخيرة كان يستلزم برأي حبزة إجراء دراسة مسبقة ووضع طرق لتوريد المادة بما ينسجم مع الأسعار، ولاسيما أن واقع المعامل كشف من خلال الزيارات والجولات الميدانية للجمعية ضمنها، وجود مخازين كبيرة من المواد الأولية لديها، ولكن نظراً لما لحق بالأسواق مؤخراً من صعوبة تصريف الأدوية، كان الاحتكار لهذه الأصناف هو سيد الموقف حسب توصيف حبزة، ليأتي بعدها رفع الأسعار كغطاء للأزمة التي وصلت إلى حدِّ بيع الأدوية دون غلاف أو بالحبة الواحدة.

فما تقوم به الجمعية ضمن هذا القطاع لايمكن توصيفه ضمن مصطلح غض الطرف عنه أو تجاهله برأي حبزة، فالجمعية لا تزال تحمل صفة الأهلية وليست تنفيذية ما يجعل دورها يتسم بالتوعية أكثر، وفسح المجال للجهات المعنية لأخذ دورها.

وأمام كل ما يواجه هذا القطاع من أزمات، لا تزال مهمة الجمعية اليوم الوقوف على توفر وتأمين المواد ضمن الأسواق، وعلى رأسها المواد الغذائية، التي حتى اليوم لم ترد أي شكوى بها.

أزمة متجددة

ولأن ما يواجه المستهلك اليوم بات أكثر من قدرته على تحمل مشقة شراء المادة، بل العمل على توفيرها أولاً، يجد حبزة فيما يتم تداوله عن بائعي البنزين الحرّ ما هو إلّا تناقل لأزمة قديمة، إلّا أن ما يثير الدهشة اليوم برأيه وصولها إلى مراكز المدن، وما تقوم به هذه الجهات من تأمين المادة للمستهلكين لا يمكن تصنيفه تحت مبدأ شرعنة المخالفة برأيه، وإلّا فالأمر بات أشبه لمن يسمح بالرشوة لتغطية نفقاته.

  • ما يعانيه قطاع الأدوية وسط هذا التخبط الكبير بين العرض والطلب ومتغيرات سعر الصرف الأخيرة كان يستلزم إجراء دراسة مسبقة ووضع طرق لتوريد المادة بما ينسجم مع الأسعار

إلّا أنه وأمام هذه الصعوبات الكبيرة في تأمين المادة، لا تزال الجمعية تطالب بالإضافة لاقتراحات سابقة بالسماح للتجار باستيراد المحروقات وفق طرقهم الخاصة من المناطق الشرقية، لكون قانون الحظر يشمل الدولة لا الأفراد، فالتاجر قادر على تأمين أي سلعة بطرقه الخاصة، ومن الممكن الاستغناء عن تهريبها من لبنان والأردن وغيرها بوساطة التجار، ومن ثم فرض رسوم مناسبة عليهم مقابل توفر المادة في السوق.

وما تقوم به الجمعية ليس بجديد برأي حبزة، فالمراسلات مستمرة للجهات الحكومية بما فيها وزارة النفط، التي تم توجيه اقتراحات لها منذ أكثر من عام لتأمين المادة وفق هذه الصيغة ولكن لم تلقَ الصدى المطلوب، لتتم الاستجابة مؤخراً بالسماح للصناعيين بتوريد المادة للمعامل، وتجاهل توفيرها للمواطن.

الحلقة المفقودة

ولأن ما يتم السعي له والعمل به لا يتم وفق المخطط له، ولأننا حتى اليوم لم ترقَ هذه المبادرات إلى طموح المستهلك نفسه، كان لابدّ من البحث عن الحلقة الناقصة ضمن هذه المعادلة التي لم تجد الترحيب والتشجيع لها من قبل المجتمع المحلي نفسه برأي حبزة، ما يجعل من أي مبادرة غير مكتملة، على عكس الجمعيات الأخرى في بلدان عربية وأوروبية استطاعت الزام حكوماتها بالكثير من الأمور.

وما تعانيه جمعية حماية المستهلك برأي أمين سر الجمعية المهندس عبدالرزاق حبزة هو ضعف الاهتمام الحكومي بها، وعدم التجاوب لمطالبها بتمثيلها ضمن وزارات الدولة، والتي لا تزال حتى اللحظة تؤكد أحقيتها بهذا الأمر وفق توجيهات رئاسة مجلس الوزراء، التي لم تنفذ حتى اليوم، فالجمعية تطوعية كما أشهرت من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ولها دور مركزي مع الوزارات كافة، لكن هل هذه الوزارات ملتزمة بإعطائها دورها الحقيقي؟!!

ليعود حبزة مجدداً للتأكيد والمطالبة بأخذ الجمعية التي تمتلك أعضاء وخبرات تراكمية من خارج السلك الحكومي والتي إن لم تعادل فهي تتفرق على مع يعمل بالجهات الحكومية لأخذ دورها بجدية، لامتلاكها نظاماً داخلياً ملتزماً بتمثيل المستهلك بالدرجة الأولى، معتبراً عدم الاعتراف بها هو نوع من الخوف من نشاط المجتمع المحلي أو قصور الخبرات في الجهات الحكومية، التي لا تزال تعليماتها تحدُّ من نشاط الجمعية التي استطاعت ضمن نشاطها الإعلامي إثبات دورها، واليوم المطلوب وفق تأكيدات حبزة ليس أخذ دور الحكومة كما سيعتقد البعض، بل الوقوف بجانبها كرديف لها. – تشرين

بارعة جمعة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]