خبراء يعلنون وصفتهم لإنقاذ الاقتصاد السوري .. إعادة النظر بعائدات أملاك الدولة ومكافحة التهرب الضريبي والفساد

الخبير السوري:

في ظل الواقع الحالي من تراجع في الإنتاج والاقتصاد، والصناعة.. وغيرها إلى حدود غير مسبوقة ، نجد أن حجم التهرب الضريبي يقدر بمئات المليارات، ناهيك بمبالغ تماثلها في حجم الفساد بسبب سوء إدارة أو هدر..إلخ، الأمر الذي انعكس سلباً على إيرادات الخزينة العامة، وتالياً على الوضع المعيشي للمواطنين.

أمام هذا الواقع، عدد من المقترحات يرى أصحاب الشأن الاقتصادي أنّ من شأنها ترميم النقص ولو ضمن الإمكانات المحدودة، منها مكافحة التهرب الضريبي بالتوازي مع مكافحة الفساد، والأهم تشجيع المشاريع الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، بشكل يرفع الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك إعادة النظر في عائدات أملاك الدولة وجدوى هذه العائدات في ظل الأوضاع والأسعار الحالية، هي أولى خطوات ترميم الإيرادات العامة.

لابدّ من رفع الناتج المحلي

تؤكد الوزيرة السابقة والباحثة الاقتصادية الدكتورة لمياء عاصي أن الخزينة العامة هي مرآة تعكس وضع الاقتصاد الوطني، فعندما يكون الاقتصاد مزدهراً تكون الإيرادات العامة بأفضل حال، لأن الوضع الاقتصادي المنتعش يعني أن الأعمال التجارية والإنتاجية تعمل أكثر وبالتالي تدفع ضرائب أكثر، ومن المعروف أن الضرائب تشكل أساس الإيرادات العامة في معظم الدول.

وأضافت: لابدّ من التعامل مع الإيرادات العامة كلوحة الفسيفساء، التي تتكون من آلاف القطع الصغيرة وكل قطعة منها مهمة بنفس المعنى، فكل الفعاليات الاقتصادية تشكل مطارح ضريبية أي مصادر لتحقيق دخل للدولة، لافتة إلى أن هذا لا يعني الاهتمام بجباية الأموال فقط ورفد الخزينة العامة على حساب الوضع الاقتصادي بشكل كامل، لكن لابدّ من رفع الناتج المحلي الإجمالي كأساس لزيادة إيرادات الخزينة العامة، لأن أي إيرادات غير مستدامة من شأنها أن تحدث أثراً انكماشياً على الناتج المحلي الإجمالي وستؤدي إلى اختفاء أو تلاشي بعض الأعمال والفعاليات الاقتصادية وتسبّب تدني الإيرادات العامة تدريجياً.

  • عاصي: لابدّ من رفع الناتج المحلي الإجمالي كأساس لزيادة إيرادات الخزينة العامة

وتقترح عاصي عدة مقترحات لتطوير إيرادات مطارح ضريبية معينة أو أماكن معينة، يمكن من خلالها تحقيق موارد مباشرة للدولة منها: ترسيخ مفهوم العدالة وتوفير نوع من الأمان للعاملين في المجال التجاري والإنتاجي، هو ما يجب أن تقوم به جميع الجهات العامة مجتمعة، ومن أجل تحقيق هذا الهدف لا بدّ من تخفيف الدوريات والمداهمات الخاصة بالجمارك والمالية والتموين وغيرها، وعدم الوصول إلى مصادرة البضائع وتكليف التجار والصناعيين بالضرائب بشكل عشوائي غير مستند إلى أرقام وبيانات حقيقية للمكلف أو منشأته.

وكذلك مراجعة كل الإعفاءات والاستثناءات الجمركية بما فيها رسوم الترانزيت أو العبور، التي منحت سابقاً سواء لمواد معينة أو بموجب الاتفاقيات مع بعض الدول، ويمكن ربطها بمدى التزام المستورد بالقوانين، إضافة إلى إعادة البحث والنظر في جدوى العائدات المالية التي تحققها أملاك الدولة من العقارات والأراضي وغيرها نتيجة استثمارها بطرق مختلفة.

كما يجب إعادة النظر بالنظام الضريبي ككل، لجهة تطبيق الضريبة على كامل الدخل وتوسيع قاعدة التكليف الضريبي، إضافة إلى إعادة دراسة الضرائب الملغاة مثل ضريبة التركات ورسوم المغتربين، وإعادة تقييم سبل مكافحة التهرب الضريبي الحالية ومدى جدواها، وهو الموضوع الذي يتسبب بتسرب الكثير من الإيرادات العامة، ومكافحة التهريب بما له من آثار ضارة على الاقتصاد الوطني، لجهة حرمان الخزينة العامة من الرسوم الجمركية والإساءة إلى مبدأ المنافسة بين التجار.

الأولوية لتشجيع المشاريع الصغيرة

ترى عاصي أن هذه الخطوات أساسية لرفع الإيرادات العامة للدولة، ولكن تبقى الأولوية لتشجيع المشاريع الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، ورفع الناتج المحلي الإجمالي، لأن الأثر المباشر لإقامة هذه المشاريع بغض النظر عن حجمها، هو إيجابي على معدل البطالة.

وقد قال “كينز” وهو من الاقتصاديين المؤثرين في العالم: إنّ العجز المالي في موازنة الدولة يجب أن تتم معالجته من خلال تخفيض معدل البطالة، فإذا ما تمكنت الدولة من تخفيض معدل البطالة فإن العجز المالي سيصلح نفسه بالضرورة.

  • ميا: الحلول التقشفية كبديل عن رفع الإيرادات العامة لن تكون قادرة سوى على زيادة الأوضاع سوءاً

الحلول التقشفية ليست خياراً

يرى الباحث الاقتصادي الدكتور علي ميا أنه لابدّ من إعادة البحث والنظر في عائدات أملاك الدولة وجدوى هذه العائدات في ظل الأوضاع والأسعار الحالية، وهي أولى خطوات ترميم الإيرادات العامة وتشكيل هيئة مستقلة وكفؤة لإدارة هذه الأملاك لأن هذه تأخرت كثيراً بالرغم من ضرورتها القصوى، مؤكداً أن الحلول التقشفية كبديل عن تطوير ورفع الإيرادات العامة لن تكون قادرة سوى على زيادة الأوضاع الاقتصادية بؤساً وسوءاً.

حجم التهرب الضريبي والفساد

يقدِّر الدكتور والمباحث الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن تيشوري حجم التهرب الضريبي في سورية بأنه لا يقل عن مئات المليارات ويماثله حجم الفساد، وهذه القيمة كافية لزيادة الرواتب لهذا العام بنسبة 150%!

  • تيشوري: مئات المليارات حجم التهرّب الضريبي والفساد كافية لزيادة الرواتب بنسب كبيرة

ويضيف: المتتبع للوضع الاقتصادي يلاحظ أنه إضافة إلى ظروف الحرب وتبعاتها هناك عدم كفاءة حكومية في إدارة الاقتصاد، تارة بسبب سوء الإدارات وأخرى بسبب سوء انتقاء المفاصل الإدارية، ولترميم هذا الواقع الراهن لابدّ من التركيز على قانون المراتب الوظيفية الذي يحل محل القانون الأساسي للعاملين في الدولة، ويعطي كل ذي حق حقه وفق الكفاءة المهنية والتخصص، بعيداً عن المحسوبيات والأساليب الملتوية التي انعكست سلباً على الاقتصاد وعلى المال العام وتشديد العقوبات بحق الفاسدين والمتلاعبين بالمال العام.

وأضاف د.تيشوري: لا بدّ من إحداث هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تحلّ محلّ الأجهزة الحالية، بالتزامن مع تفعيل قانون الذمة المالية لكبار المسؤولين، وإحداث ضابطة عدلية متخصصة بمكافحة الفساد وتشديد العقوبات لمن يسرق أو يهدر المال العام.

وختم بأنه لابدّ من الانتقال من تمويل المستوردات إلى استيراد كل شيء عن طريق الدولة لأن الواقع أثبت أن الحكومة تاجر فاشل بالتوازي مع متابعة ملف الدعم والانتقال من الدعم السلبي الخاسر إلى مرحلة الدعم الإيجابي الرابح بعد وضع الآلية المناسبة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]