الفقر والعوز سبب مباشر..أطباء ومرضى يلتقون على وسائل التواصل الاجتماعي…”معاينات ديجيتال” ونقابة الأطباء تتحفّظ

الخبير السوري:

أسئلة كثيرة بتنا نتابعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي موجهة لأطباء ومختصين، منها ما يتعلق بالأبناء وحالات يعانونها.. الحالة تبدو لافتة تتماهى بين مرونة تقديم الخدمة الطبيّة وتقليص كتلة التكاليف لجهة المراجعة والانتظار وتكلفة وسائل النقل، وبين مخاطر” المعاينة عبر ” واتساب” ووسائل التواصل الأخرى، واحتمالات الوقوع في خطأ التشخيص الذي قد تكون له تبعات خطرة على صحّة المريض…

المسألة مثيرة للجدل وللريبة أيضاً…بالتالي ثمة تساؤلات تطرح نفسها أمام ما يجري لابدّ من التحرّي عنها والإجابة عنها.

بذريعة كورونا

كتبت إحدى الأمّهات: “ابني عمره عشرة أعوام يعاني غباشة في عينيه ولا يستطيع التركيز أثناء الكتابة”.

حالات كهذه تستلزم فحص العينين، ومعرفة الأسباب كأن يكون هناك جسم غريب داخل العين، أو ربما يحتاج المريض إلى تحاليل معينة.. فهل تنفع” المعاينة الافتراضية ” في مثل هذه الحالة مثلاً؟

يبيّن رئيس فرع دمشق لنقابة الأطباء الدكتور عماد سعادة أن حالات المعاينة الافتراضية انتشرت أثناء وباء كورونا منذ عامين تقريباً، بسبب ظروف الحجر وصعوبات التنقل، التي جعلت هذا النوع من الاستشارات أكثر انتشاراً، بسبب الخوف أو عدم الرغبة بالذهاب إلى عيادة الطبيب خشيةً العدوى، لكنها اليوم أصبحت شائعة لمختلف الأمراض، إلى درجة تدفع البعض لطلب من يقرأ تحليلاً مخبرياً، أو صورة شعاعية أو تشخيص إصابة ما على صفحات غير مختصة.

وعلّق سعادة قائلاً: أعتقد أن الفحص السريري للمريض مهم جداً، لأنه في كثير من الأحيان توجد تناقضات بين موجودات الصورة وحالة المريض، وتالياً الصورة عبر “الواتس” لا تؤدي الغاية١٠٠% لأنها ممكن أن تعطي تشويهاً أحياناً، وشرح قائلاً: في أحد البلدان المجاورة حصل خلل مع أحد الزملاء باتخاذ قرار بناءً على الصورة عبر ” الواتس” وتمت معاقبته.

  • إن البعد المادي يجب ألّا يؤخذ كسبب لتبرير المعاينة الافتراضية لوجود مراكز صحية ومشافٍ حكومية تقدم خدماتها مجاناً، وتتضمن عيادات خارجية وخدمات إسعافية على مدار الساعة

وبيّن د. سعادة أن الموضوع يجب أن يطرح بطريقة متوازنة، فالمريض ممكن أن يكون قد فحص، وتم تقييمه من الطبيب المعالج، هنا يمكن المتابعة ببعض الحالات التي قد تتطلب إجراء بعض التحاليل، طبعاً بعد إجراء الفحص السريري.

الناحية الإيجابية في المعاينات

وبيّن د. سعادة في معرض حديثه الناحية الإيجابية في المعاينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أن المريض بإمكانه أن يصور فيديوهاً، مثلاً: مريض يعاني من ( داء باركنسون) فبإمكاني أن أطلب من الأهل أن يقوموا بتصويره، وهو جالس أو واقف أو يمشي، وكأني أجري له فحصاً.

نوبات الاختلاج كذلك يمكن تصويرها بالفيديو، وحالات التصوير هذه يمكن أن تعطينا معلومات أكثر من الفحص السريري.

وهناك حالة لمريض يعاني الصرع، بإمكاننا أن نجري له كل الفحوصات والاستقصاءات وأسأله عدة أسئلة ولا أستفيد شيئاً، يمكن أن تكون الفائدة أكبر في حال قام ذووه بتصوير نوبة صرع ألمّت به فجأة.

ليست لأخذ قرار علاجي

يرى د. سعادة أن التحاليل بالإمكان الاطلاع عليها عبر “الواتس”، لكنها ليست لأخذ قرار علاجي، أو لوصف دواء إلّا في حال أجرينا للمريض فحصاً سريرياً.

وفيما إذا كان يحبذ هذه الحالات أوضح سعادة أنه ليس معها بالمطلق، ولا ضدها، فهناك حالات يمكن أن يعطي الطبيب فيها قراراً، وهناك حالات أخرى يجب أن يفحص المريض سريرياً في البداية، لأن رؤية المريض تغير١٨٠ درجة من العلاج ووصف الدواء. وكل حالة في النهاية تؤخذ وحدها، لكني لست مع أن يكون التقييم الأولي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وعن احتمالية أن يكون غلاء أجور “كشفية” الطبيب جعل هذه الاستشارات شائعة، رأى د. سعادة أن البعد المادي يجب ألّا يؤخذ كسبب لتبرير ذلك، لوجود مراكز صحية ومشافٍّ حكومية تقدم خدماتها مجاناً، وتتضمن عيادات خارجية وخدمات إسعافية على مدار الساعة.

أخيراً لا يمكن أن نعمم خيار المعاينة الافتراضية… فهي ظاهرة خطرة لا يمكن التسليم بها لأن الصحّة هي الأولوية رقم واحد.. تسقط أمامها صعوبات ومشاكل التكاليف، وكذلك رغبة الأطباء في جني المال.. ويرى بعض الاختصاصيين أن عدم المعاينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يكون أحياناً أفضل بكثير من اللجوء إلى المعاينة بهذه الطريقة، نظراً للمضاعفات التي قد يتسبب بها التشخيص الخاطئ الذي يستتبع علاجاً خاطئاً

وعلى نقابة الأطباء أن تتحرك بطريق أكثر جدية وحسماً..لأن البعد الأساس في الأمر صحّي مصيري لا مجرّد مادّي.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]