الكبة النية

معد عيسى
ما زالت الجهات المعنية تتحدث عن المسلمات في إنقاذ بعض القطاعات، فأي شخص عادي يعلم أن مشكلة قطاع الدواجن الأساسية تتعلق بتامين العلف، وأن العلف يتكون من مادتي الذرة والصويا، وعندما يكون محصولا الذرة والصويا بحالة جيدة يتم حل70 % من مشكلة قطاع الدواجن، كما يوفر الإنتاج الكبير من الذرة و فول الصويا تخصيص مبالغ كبيرة لتوريد حاجة الناس من الزيوت النباتية وحاجة قطاع الصناعات الغذائية.
ما سبق ذكره يعرفه المواطن كما تعرفه الجهات المعنية. وعليه يبدو مستغرباً تأخر الجهات المعنية في طلب الحصول على تشميل إقامة منشآت لتجفيف الذرة الصفراء العلفية ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات.
سورية بلد زراعي وصناعاته تقوم على الإنتاج الزراعي، ولذلك من المُستغرب أننا نناقش أهمية هذا القطاع وضرورة تطويره، والأغرب أنه عندما يتم اعتماد خطة معينة أو إطلاق برنامج معين نبدأ بتجميع مبررات الفشل وتسويقها بدل أن نكون قد حضَّرنا لكافة الحالات التي قد تعترض المشروع، وعندما لا تكون لدينا الإحاطة بكل الاحتمالات والعراقيل فمن المؤكد أن المشروع سيتعرض لحالات لم تكن في حسابات الدراسة الناقصة وهنا تبدأ التبريرات.
ما سبق يعطي المبرر لطرح عشرات الأسئلة ويفسر تردي الواقع، فهل يُعقل أن ندعو لزراعة الذرة دون وجود مجففات للذرة؟ .. و هل يُعقل أننا لم نعرف سبب إحجام الناس عن زراعة فول الصويا؟ وهل يُعقل أننا استسلمنا لتبريرات تخفي خلفها ما تخفي من مصالح خاصة؟ .. وهل يُعقل أننا لم نستطع على مدى عشرين عاماً من تصنيع ولو عشرة ألاف طن من الحمضيات كل عام، على الأقل الأنواع القابلة للتصنيع؟ ..
بعد سنوات من التنسيق والاجتماعات وتبادل الأفكار نكتشف المسلمات، وقبل إطلاق المشاريع نحضِّر مبررات الفشل، وبعد وقوع الكارثة نعترف بالثغرات، لقد أصبح حالنا كحال الوفد في أحد مسرحيات فيروز عندما سأل الملك عن زيارة الوفد والاجتماعات التي تم عقدها ليأتيه الجواب أن الوفد أحب الكبة النية .

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]