مدارس الظل وحقائق صادمة عن “خط الفقر التعليمي” ؟؟!!

كتب المهندس لؤي عيد:
من سماتنا المميزة في الشرق أننا نغلّف حياتنا بالأسرار – إن لم نقل الكذب – ونظهر غير ما نبطن، كأن نجهد مثلاً، وقد ننفق كثيراً من المال، للظهور بمظهر مغاير لواقعنا…. وإذ يقول المثل المعروف “البيوت أسرار”، نقتبس لنقول: “المدارس أسرار”.
تنفق الدولة على التعليم في المدارس الحكومية أرقاماً فلكية ويأتي بند التربية والتعليم في مركز متقدم على قائمة القطاعات الأكبر حصّة في الموازنة العامة للدولة كل عام.
لكن هذه المدارس لم تعد اليوم كما نعرفها سابقاً، وقد ابتعدت عن الغاية التي أنشئت لأجلها.
المدرسة اليوم هي مؤسسة تستوعب عدداً من “العاملين في الدولة” بصفة مدرسين وإداريين وتحوي سجلات وأسماء طلاب وتوزيع صفوف وتجري فيها امتحانات . . .
ويرتادها الطلاب في الغالب لتسجيل الحضور ، وأخص هنا طلاب الشهادتين، ويحدث كثيراً الالتفاف على الحضور ب(الغياب المبرر) بداعي المرض موثق في تقارير طبية وهمية من أطباء أقسموا قَسَم أبقراط على النزاهة والإخلاص لمهنة الطب.
وتصل نسبة الغياب بداعي المرض في الشهادتين إلى 80%، وأصبح مألوفا رؤية أربعة أو خمسة طلاب في شعبة يفوق عدد طلابها الثلاثين طالباً.
وماذا عن التعليم؟؟!!!
التعليم لا يتم في المدرسة، إنما في ما يمكن أن نسميه: “مدارس الظل”.
الغالبية الساحقة من الطلاب يتلقون تعليمهم في معاهد خاصة أو لدى مدرسين افتتحوا في منازلهم او في مكاتبهم “ميني معهد”.
لماذا وصلت مدارسنا إلى هذا الدرك؟؟
لما كل هذا التسيب والترهل في المدرسة الحكومية؟
لماذا أداء و عطاء المدرس غيره في الصف؟؟
أين هي مديريات التربية والجهات الراعية للتربية والتعليم في القطر عن كل ذلك!!!
أسئلة كبيرة تحتاج إلى إجابات شافية..
ليس خافياً الوضع المعيشي للمدرس الذي يلجأ إلى عمل إضافي في مهنته التي يتقنها وهذا حق له لا ننكره. ولن نعمم الحالات الخاصة من المدرسين واسعي الذمة الذين يوفرون جهدهم في المدرسة ليقدموه في المعهد أو يصطادون بشباكهم طلاب المدارس.
لكن ماذا عن أهالي الطلبة وهم أيضاً يعيشون في هذا البلد ويعانون منغصات الوضع المعيشي التي لا تنتهي والتي يتصدرها عبء تعليم الأولاد؟ وليس لديهم خيار في ذلك فالمدرسة لا تفي بالواجب، والمناهج الحديثة العجيبة كأنها مستوردة من عالم آخر تعتمد أسلوب بحث الطالب واستيراد المعلومات من الشابكة – كما في مواد العلوم والديانة والاجتماعيات.
وربما بسبب عدم توفر الوسائل لدى المدرسة والطالب أو لسبب آخر أجهله يقوم المدرس بملء الفراغ وتقديم المعلومة بأسلوبه الخاص الذي قد يكون ركيكاً أو قد يحتوي على أخطاء علمية أو لغوية. ويأتي تصحيح الأسئلة – في امتحانات الشهادة- وفق شيفرة لا يعلمها الطالب وغير واردة في المنهاج ويلقنها له المدرس، لكن في المعهد وليس في المدرسة.
ولا يشفع للأهالي هنا تحصيلهم العلمي والمعرفي وشهاداتهم المعلقة على جدران منازلهم في حال رغبوا في مساعدة أبنائهم و توفير بعض المال.
في زمن غير بعيد كانت سورية نموذجاً يحتذى في مجال التعليم، وشهدت سبعينات القرن المنصرم ثورة تعليمية أثمرت نشوء أجيال من المتعلمين والكوادر والكفاءات العلمية فاضت بها بلدنا إلى أربع جهات الأرض
أما في هذا الزمن فوضع التعليم ليس بصحة جيدة وينذر بمستقبل قاتم إذا لم نقم -وعلى أعلى مستويات المسؤولية- بمعالجات وإجراءات جدية وفعالة علنا نستدرك ما فات قبل الفوات.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]