” المدير نصف الإدارة” ..مركز عربي يعيد الألق المفقود لمفهوم العمل العربي المشترك

الخبير السوري:

ليست مهمة سهلة أن نعيد إحياء مفهوم العمل العربي المشترك، الذي تعتري مؤسساته حالة من الجفاء القائم على خلفيات ذات صلة بظرف اختلاط الأوراق والإرباك المتأتّي من أروقة السياسة المتبدّلة دوماً بحكم أنها سياسة و أنها ” فنّ الممكن”..لذا شهد العقد الأخير تراجعاً نسبياً في أداء مؤسسات العمل المشترك على المستوى العربي بالفعل…لكن ثمة ما يؤكّد أن إرادة الحراك الفاعل في هذا الاتجاه ما زالت موجودة وبقوّة تصل إلى درجة الإلحاح عند بعض القائمين على إدارة هذه المؤسسات، ويكاد يجزم مراقبون بأن المبادرات الخلّاقة ما زالت ممكنة لكنها مرتبطة بالأفراد القائمين على هذه المؤسسات فـ” المدير نصف الإدارة ” كما يرى بعض فقهاء علم الإدارة .

أكسادأكساد2

وقد يكون المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والقاحلة ” أكساد” أحد أبرز الملامح النّاصعة التي تؤكّد دقّة مثل هذا الطرح، فهو مركز وفق التوصيف الهيكلي ..إلّا أنه بات خلال السنة الأخيرة على عدّاد الزمن ” منظّمة” قائمة بأدائها وانتشار بصماتها أفقياً على المستوى العربي، رغم أنه يتموضع في سورية.

هنا في هذه ” المنظمة النشطة” بدا المشهد مختلفاً بشكل شبه جذري في الواقع، انطلاقاً من متغيّر إداري بامتدادات علمية وتقنية وبالتالي ميكانيكية، هو مبادرات رجل أكاديمي من الطراز الرفيع ارتقى بمنهج وتطبيقات أداء المركز بشكل لافت يستحق بالفعل الوقوف عنده مع انحناءة احترام وتقدير.

أكسادأكساد1

الدكتور نصر الدين العبيد المدير الاحترافي والحاذق لـ” أكساد”، رجل سوري  عروبي منتمٍ قولاً وفعلاً..استطاع شحذ مقومات التفاؤل بإمكانية إعادة الحياة إلى تطبيقات العمل العربي المشترك، بعد كبوة مديدة..وبدا مصرّاً على تحقيق بصمة عميقة واسعة الطيف على امتداد مساحة هذا الوطن الذي يجمعه ألف اعتبار واعتبار و إن فرّقته السياسة إلى حين.

فالرجل ظهر كصاحب مشروع خلّاق، يرفض الانكفاء والاستلام لما يراه المحللون منغّصات، و لا يندرج ضمن مفهوم العوائق الصمّاء..وقد برهن على رأس فريق من الأكاديميين الاحترافيين في ” أكساد” على أن للعمل العربي المشترك طعماً ومذاقاً مختلفاً عندما تتوفر الإرادة والرؤيا الخلاقة المنبثقة من خصوصية النتاج العلمي البحثي بأبعاده العملية التي تبدو هي العبرة والغاية.

” اكساد” بات منظّمة انتقلت من الوصاية الإدارية في هيكلية مؤسسات العمل العربي المشترك إلى مقصورة الريادة في هذا المضمار..وهذا ليس سرداً إنشائياً، و إنما وقائع تشهد عليها عشرات الاتفاقات الجديدة التي شدّت عرى المؤسسات العلمية والبحثية والوزارات ذات الصلة بعمل المركز من قريب أو بعيد، ليس في سورية – البلد المضيف – وحسب، بل على المستوى العربي عموماً..عبر زيارات و لقاءات من طراز رفيع  إلى عدّة دول عربية، أو ندوات وورش عمل مكثّفة عبر تقنيات السكايب و وسائل الانترنت الفعّالة في ظل ظروف الجائحة ” كورونا” التي حدّت إلى حد ما من سلاسة التحرك والسفر.

الواقع إن ” أكساد” بات صاحب الحظ الأوفر من الحضور بين مؤسسات العمل العربي في وسائل الميديا، هذا ما تؤكده أي محاولة تحليل مضمون للضخ الإعلامي المتعلق بهذا الشأن…وهو حضور مثمر دسم… تماماً كما هي نتائج عمل هذا المركز – المنظمة، و الإدارة و الفرق العلمية المتكاملة المتكافئة التي تستحق الثناء..

وقد تكون الظروف مؤاتية حالياً، لأن لحراك ” أكساد” أهمية راهنة أكثر من أي وقت مضى، فهو معني بتطوير وتنمية أهم قطاعات الأمن الغذائي، في زمن نهاية عصر الغذاء الرخيص..أي لم يعد الارتباط والتمسك بهذا المركز، حالة ترف أو استثناء في نظرة الحكومات العربية له، بل حاجة وضرورة وخياراً صائباً، لأنه أمسى بيت الخبرة الذي يمكن أن يفخر به أي عربي مواطناً كان أم مسؤولاً.

حسبنا أن يكون نموذج ” أكساد” رافعة معنوية وعملية جديدة، محفّز حقيقي لتعاطٍ مختلف مع استحقاقات متراكمة على صعيد التعاون العربي البيني الحقيقي.. و”تحية عربية” لأصحاب الأيادي البيضاء.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]