محاولات في سورية لتوطين أكثر الأنماط الزراعية اقتصادية في العالم

الخبير السوري:

استأنفت وزارة الزراعة العمل في مشروعها القديم المتعلّق بنشر الزراعة الحافظة كخيار اقتصادي لجهة التقليل من تكاليف العملية الزراعية ولاسيما على مستوى الحراثة واستهلاك المحروقات.

وبيّنت تقارير الوزارة أنه تم اعتماد محافظة ريف دمشق كمضمار لتجارب هذا النمط الزراعي العالمي، وثمة العديد من المناطق تحت الاختبار في المحافظة يتمّ فيها تطبيق مشروع الزراعة الحافظة (الزراعة من دون فلاحة) نظراً لأهميتها الكبيرة.

وتؤكد مصادر الوزارة أنه تمّ الانتهاء من المرحلة الأولى، والآن يتمّ تطبيق المرحلة الثانية من المشروع، وتمّ بالتعاون ما بين مديرية زراعة ريف دمشق وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، استلام 4 بذارات قمح محلية الصنع لاستخدامها في المشروع، حيث تمّ استهداف منطقة الغوطة (قرية دير العصافير) وزراعة مساحة وقدرها 100 دونم لـ24 مستفيداً من القرية المستهدفة وزراعتها بمحصول القمح بهذا النظام من الزراعة، وتمّ تأهيل كادر فني من المهندسين والفنيين في مديرية زراعة ريف دمشق، ليكونوا نواة وبداية للمشروع للمساعدة في نشر وتطبيق هذا النظام في المحافظة، وتمّ أيضاً تنفيذ يوم حقلي للمزارعين في القرية المستهدفة وتعريفهم على هذا النظام وآلية عمل البذارات، ومناقشة المعوقات التي اعترضت المزارعين المستفيدين من الزراعة الحافظة، والعمل على إيجاد الحلول العملية والعلمية المناسبة لها لاستمرار تطبيق هذه الطريقة من الزراعة في القرية، والعمل على التوسع في تطبيقها في القرى والمناطق المجاورة والتي تصلح لتطبيق نظام الزراعة الحافظة فيها، كما تمّ إجراء تجربة (حقل شاهد) من قبل مؤسسة الآغا خان التي قامت أيضاً بتأمين بذارات وتسليمها للمجتمع المحلي في مناطق قطنا والقطيفة، وتمّ القيام بيوم حقلي لتعريف المزارعين في المنطقتين على آلية عمل البذارات وكيفية استخدامها.

ويعتبر الخبراء في الوزارة أن تطبيق نظام الزراعة الحافظة يساعد في زيادة كفاءة استعمال الموارد المائية المتاحة بكميات محدودة، وخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، ووقف عملية تدهور الأراضي الزراعية، والحدّ من انجراف التربة وتحسين نفاذيتها للمياه، وتقليل تكاليف الإنتاج الزراعي وزيادة الإنتاجية وتقليل انبعاث الغازات الدفيئة، ويتوقع بأن يساعد هذا النظام على المدى البعيد في زيادة الإنتاج الزراعي، الأمر الذي سيسهم في تأمين المتطلبات الغذائية المتزايدة للسكان.

إلّا أن العديد من المزارعين مازالوا متردّدين في تبني نظام الزراعة الحافظة على الرغم من الفوائد الكثيرة لهذه الزراعة، وأن إنتاج المحاصيل من دون حراثة يبدو غير ممكن، وهذا ليس بالغريب، وخاصة أن تبني الزراعة الحافظة يعني التغيير الكلي لنظام الإنتاج المتبع في المزرعة، وهذا يتطلب ليس فقط تعلم كيفية التعامل مع النظام الجديد، بل قدرة الحصول على معدات الزراعة الحافظة والمعلومات المتعلقة بها، وخاصة أن مفهوم الزراعة الحافظة يتبلور بأنه زراعة المحاصيل في تربة غير محضرة بشكل مسبق، من خلال فتح شق ضيق على شكل خندق أو شريط بعرض وعمق كافيين فقط لوضع وتغطية البذار المزروعة والأسمدة بشكلٍ ملائم.

يذكر أن نظام الزراعة الحافظة من النظم الزراعية ذات المقدرة التكيفية العالية مع التبدلات المناخية، حيث يساعد في تحسين كفاءة استعمال مياه الأمطار نتيجة زيادة معدل رشح المياه وتقليل معدل فقدان المياه بالجريان السطحي، وتزيد من مقدرة التربة على الاحتفاظ بالماء، الأمر الذي يساعد في زيادة كمية المياه المتاحة في منطقة انتشار الجذور خلال مختلف مراحل النمو بالمقارنة مع نظام الزراعة التقليدية، ما يضمن وصول نباتات المحصول إلى مرحلة النضج التام، ويقلّل من فرص فشل المحصول، لذلك من المهمّ تطبيق نظام الزراعة الحافظة تحت ظروف الزراعة المطرية في حقول المزارعين لأهميته في تحسين كفاءة استعمال المياه، مؤكداً أن النتائج المنفذة حول العالم بيّنت أن تطبيق نظام الزراعة الحافظة في حقول المزارعين أدى إلى تحسين إنتاجية جميع الأنواع المحصولية المزروعة وزيادة كفاءة استعمال مياه الأمطار وتقليل تكاليف الإنتاج الزراعي بالمقارنة مع الزراعة التقليدية.

بقي أن نشير إلى أن مساحة الأراضي الزراعية التي تطبق نظام الزراعة الحافظة تتسع عاماً بعد آخر، في الكثير من دول العالم، و جاءت سورية في المركز الثامن على مستوى آسيا بمساحة 30 ألف هكتار، علماً أنه في الدول العربية لا تزال هذه المساحات محدودة جداً، ولا تتجاوز 200 ألف هكتار، بسبب وجود العديد من المعوقات التي تحول دون تسريع وتيرة تبني وانتشار هذا النظام الزراعي..الثورة – نهى علي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]