من عدالة التوزيع إلى مضمار استدراك الفرص الضائعة..مبادرات وزيرين قد تنهي أخطر ما يتهدد التنمية في سورية

ناظم عيد – الخبير السوري:

بين من وقع في غواية  الأقوال وآخر مسكون بذهنية لا تعترف إلا بإستراتيجية الأفعال..مسافة شاسعة تعادل المسافة بين الأثير والغيوم وبين الأرض حيث الواقع والوقائع.

الواقعية إذا – وما يتفرع عنها من مصداقية ودقة ومرتسمات ملموسة قابلة للمعاينة والالتقاط الحسي- هي فوكس المشهد العام في سورية..البلد الذي أنهى سنته العاشرة في الحرب الضروس مع الإرهاب..ويجتهد ويجاهد للخروج من عنق زجاجة الاستنزاف الممنهج لموارده.

كم يبدو اليوم بحاجة إلى تنفيذيين من حملة الأقلام الخضراء، من نسق كاريزما الفعل وليس القول أو مجرد القول..أي بصراحة رجال أفعال لا رجال أقوال..واقعيون مثابرون تكنوقراط يفضلون مواجهة المهمات الصعبة بالعمل لا بالصراخ.

والواقع أن أعقد المهمات هنا تنطوي في المضمار الأكثر حساسية وتأثيرا..قطاع الطاقة بجناحيه النفط والكهرباء..نظراً للأهمية الحيوية الكبيرة للقطاع الذي كان في رأس قائمة بنك الاستهداف لتعطيل الحركة في هذا البلد.

ولعله ليس مصادفة بل من الخيارات الحاذقة أن يتولى حقيبة المسؤولية في قطاعي النفط والكهرباء رجلان من هواة

العمل والتحدي ومواجهة الصعاب بصمت على إصرار  لافت..المهندس بسام طعمة وزير النفط والمهندس غسان الزامل وزير الكهرباء.

رجلان برعا في التقاط أولويات مهامهما في مقصورتي عمل لا وقت فيهما للاسترخاء وتأمل امتيازات المنصب.

وكانا ماهرين في إدارة النقص.. المهمة الأصعب بكثير من إدارة الوفرة.

لا يفضلان الاستعراض الإعلامي والظهور الأجوف..وإن ظهر أحدهما تميز بالواقعية والشفافية وبالسرد المتأني المقنع لتفاصيل كواليس العمل، وتقديم المعلومة الدقيقة التي كادت تضيع في زحام هدير المطالب والجلبة التي بدت أحيانا ممنهجة ومنظمة..أي أحسن الرجلان التصالح مع المتلقي كحصيلة عفوية لتصالحهما مع الواقع .

والأهم أنهما استطاعا بتر سلسلة مسرحيات مزمنة لتقاذف الاتهامات والمسؤولية بين وزارتين تحولتا يوماً ما إلى مادة هراء على وسائل التواصل الاجتماعي..

ونجحا في بلورة قناعات لدى الجميع بحتمية الشراكة الفاعلة في مواجهة الظرف الصعب والعصيب دونما هروب وتهرب من المسؤوليات.

في قطاع الكهرباء يبوح الوزير الزامل – بتحفظ – عن معالجات عميقة وإستراتيجية مديدة الأثر الإيجابي..وكم كنا نرغب بالحديث عنها لأنها سبق إعلامي فعلا..إلا أننا نحترم رغبة الرجل بعدم النشر ..وقد عودنا ألا يتحدث إلا عن العصافير التي في اليد وليس تلك العشرة التي على الشجرة..لكن المهم آنيا أنه أرسى عدالة التقنين وفق الإمكانات المتاحة ويمضي باتجاه تعزيز مصادرالتيار .

وفي وزارة النفط يعكف الوزير طعمة على معالجات ملفات استشرافية غاية في الأهمية – بعضها مصيري بكل معنى الكلمة- بعد أن حسم عدالة التوزيع، وقطع دابر الفساد المتاجرة في أكبر بازار عرفته البلاد.

و الحقيقة لو أتيح لأحد الإحصاء والمقارنة بين الأيام التي قضاها الوزيران في مكتبيهما والأخرى في ميدان العمل، لكانت النتيجة كافية لالتقاط ملامح الصورة غير النمطية التي رسّخها الرجلان في ميكانيك – بل وتكنيك – العمل التنفيذي برؤية محبّي الإنجاز ممن يرغبون لو اتسع اليوم لـ 48 ساعة وليس مجرد 24..والحقيقة أيضاً أننا عندما نطمئن على أن وزارتي النفط والكهرباء في أيدٍ أمينة..سنطمئن على مستقبل أهم ركيزتين تنمويتين في سورية..فالتكثيف الذي تشهده هاتان الوزارتان سيدفع بنتائجه الطيبة إلى متناول كل مواطن في يوميات تستحق أن تؤرشف في ذاكرة البلاد كيوميات صمود مواطن.

هامش: تجري في وزارتي الكهرباء والنفط معالجات غاية في الأهمية بمبادرات الوزيرين من شأنها أن تغير مستقبل القطاعين وبالتالي مكونات الاقتصاد السوري في زمن حرب الطاقة والسباق المحموم نحو مصادرها.

هامش2: التنسيق بين الوزارتين يتم وفق منهجية متكاملة ورصينة لافتة ستثمر عن مفاجآت طيبة تكشف حجم الفرص الفائتة جراء ” التنازع” الذي كان مقيماً في العلاقة بين الوزارتين خلال سنوات طويلة سبقت.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]