مواسم النهب والسرقة الموصوفة ؟؟!!

الخبير السوري:

في هذا الوقت من السنة، وكعادة التجار والداعمين لهم، لا يمكنهم تفويت الفرصة وإظهار جشعهم من توظيف الأجواء الرمضانية في سبيل رفع الأسعار، والتعاطي مع شهر رمضان من منطلق استغلالي بحت من خلال تحويله إلى ظاهرة تسويقية مكلفة تنعكس سلباً على المواطن السوري، وتزيد الأعباء المالية الباهظة التي تُرهق كاهل الاسرة  الباحثة عن تأمين وجبة إفطارها اليومية بأرخص التكاليف.

ظاهرة ارتفاع الأسعار في شهر رمضان تتكرر كل عام، ويعاد الحديث ذاته والعمل الحكومي ذاته الذي لا يقدم ولا يؤخر، وتظل الرقابة عاجزة عن مواجهة هذا الغلاء.

فغياب الرقابة الحكومية وعدم محاسبتها للتجار المستفيدين من وجع وإرهاق المواطن السوري واضحاً بوضوح الشمس، والعمل الحكومي من أجل تخفيض الأسعار بلايبدو ملموسا على أرض الواقع.

تعددت الأسباب.. والنتيجة ارتفاع الأسعار

مثل كل عام لا يختلف اثنان، أنه مع بدء التحضيرات والاستعداد لاستقبال شهر رمضان تتكرر ظاهرة ارتفاع الأسعار نفسها في جميع أنحاء البلاد بتنوع الأسباب، ما بين الاحتكار والجشع والطمع ونقص المواد والعقوبات والحصار وارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء، وكل تلك العوامل تؤدي في نهاية المطاف إلى نتيجة واحدة وهي: «الغلاء مع قدوم رمضان».

فعلى الرغم من الإجراءات الحكومية المعلنة لتخفيض سعر الصرف في السوق السوداء، لكونه العامل الأساسي في موجات ارتفاع الأسعار كالعادة، والحديث عن التصدي للمتلاعبين بخلق حالة من الفوضى في السوق والمضاربة، وبالتزامن مع زيادة الطلب من أجل التحضيرات لشهر رمضان، فقد ارتفعت الأسعار بين الـ 20% والـ 30% حتى الآن، ولا يدري المواطن ما ستسفر عنه الأيام القادمة من مستويات سعرية استغلالية قادمة.

أطباق بكلفة أضعاف الراتب

من المعروف أن طبق «السلطة أو الفتوش» من الأطباق الرئيسية على المائدة السورية خلال شهر رمضان، نظراً لنوعية وفوائد الخضروات التي تشكل مكوناته.

ومن خلال جولة على بعض الأسواق، قمنا برصد الأسعار في سوق «باب سريجة»، ومنها: أسعار مكونات طبق «الفتوش» لنقدر كم يكلف سعر هذا الطبق تقريباً لعائلة مؤلفة من 5 أشخاص:

وعلى فرض أنه متواجد مسبقاً زيت زيتون، مع التنويه أن سعر اللتر قد وصل إلى أكثر من 15000 ل. س، فبحسبة بسيطة نجد أن طبق «السلطة أو الفتوش» سيكلف العائلة بحدود الـ 2000 ل.س على أقل تقدير، وعلى مدار شهر رمضان ستصل التكلفة 60 ألف ل. س، عدا عن باقي الأطباق والطبخات، وإن دخلت اللحوم في بعض الأصناف مثلاً، على الرغم من أن اللحوم تعتبر من المنسيات عند السوريين لارتفاع أسعارها.

وبعيداً عن وجبات الإفطار، فقد باتت وجبة السحور الواحدة لأسرة مكونة من 5 أفراد تكلف حوالي 198000 ل. س على مدار الشهر، إذا افترضنا أن وجبة السحور مؤلفة من أربعة أطباق رئيسية فقط «لبنة- جبنة- زيتون- زيت وزعتر… مع كاسة شاي»، وفقاً لكميات الحد الأدنى كما هو مدون، وبحسب الأسعار التالية، من واقع السوق حالياً:

مع التنويه أن تعدد الأطباق بهذه الكثرة على المائدة السورية يعتبر من البذخ الزائد، ولا يستطيع أيّاً كان من المواطنين السوريين ذوي الداخل المحدود توفير هذه الأطباق الأربعة على موائدهم بشكل دائم، لكن ربما لشهر رمضان خصوصيته بهذا المجال.

أي: إن تكلفة طبق «السلطة» + وجبة السحور= 258000 ل. س، علماً أن متوسط أجر الموظف الحكومي ما يعادل 60 ألف ل. س.

وهذه الأرقام الخيالية تعني: أن أكثرية العائلات السورية، التي تعيش بالحد الأدنى، ستعاني من تأمين السلع والمكونات الأساسية لموائدها خلال شهر رمضان، كما هو الحال في بقية أشهر السنة طبعاً.

حجج قديمة والعائد واحد

تتفاوت أسعار الخضار والفواكه بين العديد من المحلات التجارية والبسطات، وسط اتهامات يتقاذفها تجار «الجملة والمفرق»، وبسبب الغياب التام للرقابة، والتي تنعكس أثارها السلبية فعلياً كالعادة على المواطن السوري.

وفي بعض الأحيان، عندما يكون الارتفاع مبالغاً به للأصناف الموجودة في الأسواق، أو عندما تكون الأسعار أعلى من معدلاتها المفروضة من قبل التموين والنشرات التموينية و«غالباً تكون حالة دائمة»، فينسب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أجور نقل الخضروات والفواكه الباهظة من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، إضافةً إلى نقل الخضار والفواكه من قبل باعة المفرق بسيارات تعمل على البنزين. في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أزمة خانقة بالمحروقات لعدم توافر مادة البنزين بما يغطي الحاجة الفعلية إلّا عبر السوق السوداء، والتي ترفع تكلفة أجور النقل أضعافاً، مما يزيد العبء على المواطن السوري، لأن الشعب السوري هو الوحيد الذي يدفع ثمن الطمع والسرقة والاستغلال من قبل التجار المحميين فساداً تحت ظلال أجنحة الحكومة.

قاسيون

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]