رجال أعمال سورية على ” محك الانتماء”…بين الأعمال والأقوال ألف سؤال وسؤال؟؟؟

ناظم عيد – الخبير السوري:

ليس بـ”سباق المسافات الطويلة” في مضمار استعراض على مساحة هذه البلاد المأزومة،  و إنما هو سباق استحقاقات وطنية بامتياز لا منّة لأحد فيه، ففي زمن الحرائق الكبرى لا يكون واجب الإطفاء مهمة محصورة برجال الإطفاء، بل كلّ من يملك المساهمة ولو بـ ” سطل ماء”..ولعلّنا لن نُبتلى بحريق يعترينا كما الحريق الراهن الذي أشعله الإرهاب وصبّت أميركا و تابعوها الزيت عليه، ولا بدّ من جردة حساب حقيقية للأدوار..و إن فعلنا سنكتشف ما لا يسرّ الخاطر مطلقاً.

نحن مأزومون ..وفي مثل حالنا ليس من المقبول، بل من البغيض، أن يبقى بيننا متفرجون خصوصاً من ذوي الإمكانات والقدرة على الفعل..بل والأخطر أن نكتشف أن بين القادرين على “صبّ الماء على اللهب”، من ما زال يبحث عن مطارح يستثمر فيها أوجاع البلاد والعباد، إنه ” الكفر الوطني” بكل معنى الكلمة.

بالأمس كان اجتماع الحكومة مع تجار وصناعيي سورية، أو من اختارهم وسطهم ليكونوا الواجهة البرّاقة له..ولم يكن لقاء للتعارف أو للمجاملة..وكم كان جميلاً لو خّصص للثناء على الدور الوطني الذي لعبه هؤلاء…لكن بما أن لا دور حقيقياً يمكن أن يلمسه أي باحث عن ملامح على الأرض لتطبيقات المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال، كان اجتماعاً لبلورة واضحة للمسؤوليات، ويبدو أن ثمة ركام من الاستحقاقات في ذمة قطاع الأعمال السوري، ما زالت ديناً في عهدته تجاه بلده..و إن حصلت مبادرات فهي كمن يتبرع بـ ” سطل الماء” لبناء مسبح وليس لإطفاء الحريق..وهذا فعل كئيب كئيب كئيب.

رئيس مجلس الوزراء ذكّر رجال المال والأعمال بمسؤوليات هي ليست فعلاً نافلاً في أدبيات الدول وعلاقاتها مع رجالات المال فيها..بل هي واجب وطني و أخلاقي و استثماري أيضاً.

وكان الاجتماع مدعاة لاستفزاز ألف سؤال في ذهن من تابع أو التقط معلومات عما دار من مداولات..يمكن اختصارها بسؤال هو:  ما الذي طلبه قطاع الأعمال من الحكومة ولم تلبّه؟؟؟

لقد حصل هؤلاء على ميزات وتسهيلات لدرجة أنهم باتوا يوصفون بأنهم  يستثمرون سورية  وليسوا مستثمرين في سورية !!!

نعلم أنه سؤال محرج..لذا سيبقى دون أن يلقى إجابات تبرر إحجام ” أصحاب المال”  ..حتى الوجوم.. عن أي فعل يسهم بتخفيف الوجع العام في البلاد.

ماذا فعل قطاع الأعمال ممثلاً باتحادات الغرف ذات الحضور المنظم عبر هياكل ممأسسة في كافة المحافظات، سوى إشغال الشارع بانتخاباتهم وتحازباتهم بل وصراعاتهم، ليسود الصمت بعد ” البازار” ؟؟

فرجل الأعمال في المفهوم الإستراتيجي للمصطلح هو ” ثروة” لبلده ..فكم لدينا من هذه الثروات؟؟

بعلاقاته يحضر ” لبن العصفور” عندما يكون ضرورياً لإنقاذ بلده و أهله، وبعلاقاته يصدّر ” حتى الهواء” ليحقق عائدات دولارية يحتاجها بلده في محنته..هكذا يفعل رجل الأعمال ولا يكتنز الدولار و يبدل غلّته اليومية إلى دولار موجهاً ألف طعنة لليرة بلده وكل من يتداول بها..هكذا يفعل ولا يعصر جيب المواطن ويضرب على جرحه في أزمته المعيشية!!

هل لدينا رجال أعمال تجار فعلاً أم مجرد “تجار شنطة”؟؟

هل لدينا رجال أعمال صناعيين أم أصحاب ورش يديرها أصحابها بذهنية ” الحجي”؟؟

تساؤلات جارحة مقلقة مؤرقة ..المؤرق أكثر هو الإجابة عليها بصراحة.

ختاماً سنورد صيغة مهذبة وراقية للخبر الذي نقل ما دار في اجتماع السيد رئيس مجلس الوزراء مع التجار والصناعيين.

فقد أكد رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس على أهمية تكاتف الجهود للحد قدر الإمكان من تأثير الحصار الاقتصادي على الواقع المعيشي للمواطنين، موضحاً أن الظروف الراهنة تتطلب تحمل جميع مكونات المجتمع المسؤوليات الملقاة على عاتقها والتحلي بروح المبادرة ودعم الجهود الحكومية الرامية لتنشيط الأسواق.

وتناول اجتماع رئيس مجلس الوزراء مع مجلسي إدارتي اتحادي غرف التجارة والصناعة السورية، مسألة محاربة التهريب وعمليات المضاربة على الليرة السورية، ودعم التصدير والإنتاج، وتحفيز الاستثمار وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك والإسراع بإصدار قانون جديد للضرائب، إضافة إلى تنشيط العملية الإنتاجية وتأمين مستلزماتها واستنهاض الصناعة المحلية لتعزيز الإنتاج ودعم الليرة.

وخلال الاجتماع شدد المهندس عرنوس على أن الجميع معني بدعم الليرة وعلى ضرورة تكاتف الجهود لمواجهة عمليات المضاربة وزيادة العملية الإنتاجية.

وأشار إلى أن دعم الإنتاج الصناعي أولوية في العمل الحكومي لتأمين احتياجات المواطنين الأساسية واستهداف أسواق تصديرية جديدة، مبيناً أهمية التشبيك بين القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتخفيض فاتورة الاستيراد.

وأكد أن إدارة السوق المحلية هي مسؤولية مشتركة من الجهات الحكومية واتحاد غرف التجارة بهدف توفير المنتجات للمواطنين بالكميات والجودة والأسعار المناسبة، منوهاً إلى السعي الحكومي لتعزيز الشراكة مع قطاع الأعمال وتوفير متطلبات توسيع نشاطاته.

كما دعا المهندس عرنوس اتحاد غرف الصناعة إلى تقديم الرؤى والمقترحات التي من شأنها دعم الصناعة المحلية باعتباره شريكاً تنموياً هاماً ليصار إلى الاستفادة منها في القرارات الحكومية المتخذة لمساعدة الصناعيين على توسيع نشاطاتهم الإنتاجية.

لكن بين السطور ما بينها…فالحكومة والدولة السورية أبرأت ذمتها تجاه رجال أعمالها..وسننتظر كيف سيبدؤون بإبراء ذممهم تجاه بلدهم ..وليس اتجاه الحكومة التي لا ترجو منهم شيئاً سوى أن يكونوا ” رجال أعمال” وليس رجال أقوال.

هامش: نحتفظ لقلّة من رجال الأعمال الوطنيين الشرفاء بكل الاحترام..ونستثنيهم من أية إشارة سلبية في مقالنا يمكن أن يستثمرها ” رجال الأقوال…..” ويتمترس وراءهم ..فكما قال الشاعر” دعي الرماح لأهلها وتعطّري”..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]