كيف ظهرت أزمة البنزين ثم اختفت ” بقدرة قادر” قبل يومين ..دون أن تزيد ” النفط” إمداداتها؟؟؟

خاص – الخبير السوري:

أليس غريباً أن تظهر أزمة البنزين خلال الأيام العشر أو الثلاثة عشر الأولى من هذا الشهر..ثم تختفي دون أن يكون قد طرأ على كميات الإمداد التي تدفع بها وزارة النفط والثروة المعدنية إلى قطاع التوزيع.. ؟؟

بدأ الاختناقات مع بداية الشهر، ومعها بدأ التصيد والضخّ السلبي والتشويش..لتكون المفاجأة قبل يومين في الانحسار التام للمشكلة، رغم أن الكميات هي هي، فأي لغزٍ هذا الذي علينا فكفكة طلاسمه؟؟

الواقع أن حصول أزمة ثم انحسارها دون معرفة الأسباب، هو أخطر من الأزمة ذاتها..لأن ذلك يعني أننا أمام احتمالات مفتوحة على تكرار ما يحصل، دون أن نكون قادرين على التنبؤ أو الاحتراز..أي المسألة ليست ممسوكة بأيدينا بل بأيدٍ خفيّة..وكم بات مثيراً للهواجس ما تفعله الأيادي الخفية بيننا !!؟؟

لن نسمح لأنفسنا بسوق الاجتهادات الارتجالية، لأننا لا نملك وثائق دامغة، إلّا أن في التحليل الذي ينطوي على ظنون، ما هو مشروع ومباح ..وفي التحليل علينا أن نذهب مباشرة إلى قطاع التوزيع، الذي لا يبدو بيد وزارة النفط المعنية بالإمداد، رغم تبعية شركة محروقات لهذه الوزارة، لكن ثمة تفاصيل هي مكمن الشيطان بكل تأكيد.

فالمعلوم أن قرار توزيع المحروقات ليس لشركة ” محروقات” بل يعود للجان فرعية في المحافظات، يرأسها المحافظ في كل محافظة وبعضوية مديري التجارة الداخلية والزراعة والصناعة والاقتصاد إضافة إلى ممثل محروقات وآخرين.

هنا بما أننا أمام لجنة متعددة الجهات في تمثيلها، فهذا يعني ضياع المسؤوليات وتشتيتها، وبالتالي صعوبة ضبط التوزيع وكبح جماح الفساد الذي يعتريه..وبالطبع التقاص والمحاصصات لا تكون في إطار اللجنة، و إنما في الحلقة الأخيرة ” محطات الوقود” التي اخترقت كل الأعراف والقوانين، لكن نكون مغفلين إن اعتقدنا أنها تعمل بلا غطاء أو في غفلة عمن يفترض أن يراقب ويرى..

وبما أننا نستطيع أن نجزم بأن تشتيت المسؤولية بين عدّة جهات هو ما أربك علية التوزيع..يبقى علينا أن نقترح..فما هو المقترح ؟؟

لفت المهندس بسام طعمة وزير النفط ذات مرّة، إلى ضرورة إلحاق شركة محروقات بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك..ووجهة نظر السيد الوزير جديرة بالاحترام، لأن الخلل في قطاع التوزيع يسيء لسلسلة من الجهود المضنية التي تبذلها ” النفط” من أجل تأمين المشتقات البترولية من الخارج، في هذه الظروف الصعبة والعصيبة.

كما أن إلحاق ” محروقات” بوزارة التجارة الداخلية من شأنه حصر المسؤوليات بشكل أكثر دقّة..وبالفعل تشكل تبعية هذه الشركة لوزارة النفط خللاً هيكلياً في البنية الإدارية، وهو أحد أشكال الخلل الهيكلي الموجود في أكثر من مطرح  في قطاعنا العام.

ولعلّ في إلحاق ” محروقات” بالتجارة الداخلية تصحيح ملح لخلل مؤثّر بعمق، ولا يمكن الانتظار أكثر أو إرجائه إلى القادمات من السنين..

فمثلاً مؤسسة الحبوب تتبع لوزارة التجارة الداخلية..رغم أن إنتاج الأقماح مسؤولية وزارة الزراعة..فهل من الحكمة إتباع  مؤسسة تسويق الحبوب لوزارة الزراعة..أم تركها مع ” التجارة الداخلية” ؟؟

المثال مناسب جداً للإسقاط على شركة محروقات..فكما أن مؤسسة الحبوب ليست لوزارة الزراعة..يجب ألّا تكون ” محروقات” تابعة لوزارة النفط..

قد أمعنّا في الشرح ..لكن مشكلة التوزيع يجب أن تُحلّ جذرياً..وهذا أحد جوانب الحل..فلا يجوز أن يبقى من الصعوبة البالغة حصر المسؤوليات لمحاسبة المرتكبين، في توزيع المواد والسلع الأساسية والحيوية في حياة المواطن..والمشتقات النفطية تماماً كما الخبز والسلع الغذائية.

هامش: عندما تخرج وزارة النفط عن صمتها وتظهر أرقام الإمدادات والكميات الكافية التي تدفع بها إلى السوق..يذهب أصحاب المحطات لاتهام بطاقة تكامل التي كان لها الدور الأبرز في ضبط الاختراقات والسرقات..التي حولت كل محطة وقود إلى ” بئر نفط” لصاحب المحطة وشركائه الداعمين.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]