بعد انجلاء دخان الحرائق في سورية..ظهرت فرصة من ذهب ؟؟

 ثلاث خيارات لتحويل النقمة إلى نعمة..

ناظم عيد – الخبير السوري:

ما حصل قد حصل..ولم يعد من الحكمة استرجاع الصور والبكاء على ” الأطلال”..بل الأهم هو كيف سنعيد الغطاء الأخضر إلى المناطق المحروقة..أي كيف سنُرمم؟؟..طبعاً على التوازي مع التحرّي عن الأسباب..فهناك من يتحدّث عن فعل منظّم وهذا خطير وخطير جداً.

“الحريق الكبير” عنوان جاذب لأعمال درامية تسرد وقائع الحرب على سورية..وهو مصطلح مجازي بنفحة وجدانية ..والدراما تتطلب ” وجدانيات”…لكننا كنّا بالفعل، منذ أيام، أمام حريق هائل انتشر في ثلاث محافظات سورية.. وقبله حريق ممائل في أربع محافظات ، وكانت الخسائر كارثيّة..على مستوى الموارد الزراعية والبيئية..و الاختلالات الكبيرة التي سيتركها..فما احترق هو عناء عقود من العمل والجهد .

في خيارات الاستدراك نبدو أمام حتميّة أساليب و أدوات غير تقليدية لترميم ” أراضينا الحروقة”..ولا نظن أنه علينا انتظار سنين وعقود لتتمكن وزارة الزراعة من إعادة التشجير، إن تمكنت، في ظل الضعف الكبير في الإمكانات ..فنحن لسنا في أحسن حال على مستوى كافة المؤسسات عموماً، وليس في ” الزراعة” وحدها.

هذا يعني أنه علينا استحضار أفكار من خارج الصندوق..وخارج الصناديق التقليدية المؤطرة بأطر قوانين قديمة، لدينا خيارات بكل تأكيد.

لن نسهب ونسترسل بل سنذهب مباشرة لعرض ما لدينا..فمن المهم جداً الإعلان عن ” برنامج استدراك متكامل” لما حصل، لترميم الخسائر وتحويل ما حصل إلى حالة إيجابية – تنموية على المستويين الاجتماعي  والاقتصادي.. رغم الخسائر الهائلة.

لكن لا بد من إشارة هنا إلى تقسيم المناطق المحروقة إلى ثلاثة أقسام. الأولى: المناطق ذات “التشجير الصناعي” أي التي قامت مديرية الحراج في وزارة الزراعة ودوائرها في المحافظات بتشجيرها.

الثانية: مناطق الحراج الطبيعي التي أتت عليها النار..وهذه تحتاج إلى سنين طويلة لتعاود النمو وتكتمل..

الثالثة:  بساتين الأهالي وربما سيحتاج هؤلاء لنوع من الدعم من أجل إعادة التشجير..وربما لن تتأخر لتظهر أصوات مطالبة بذلك.

بدايةً يمكن إيكال مهمة إعادة تشجير مناطق ” التحريج أو التشجير الصناعي” للأهالي وفق عدة معاير..

 بالنسبة للأهالي الذين تضررت بساتينهم..يمكن أن يكون التعويض عليهم بأن يتم  ” تأجيرهم” ما يقابل المساحات المحروقة وبأسعار سنوية رمزية ” هناك تعرفة لدى وزارة الزراعة”..على أن يقوموا هم بتشجير بساتينهم إضافة إلى الأراضي المحروقة..ويمكن لوزارة الزراعة أن تحدد نوع الأشجار المثمرة وفقاً لكل منطقة وخصائصها المناخية..أو بما يتناسب مع خطط الوزارة.

يمكن أن يتم تأجير ” أسر الشهداء” مساحات الحراج المحروقة ” 10 دونم لكل أسرة”.. على أن يستثمرونها بالتشجير المثمر وبأسعار رمزية أيضاً..ونكون بذلك قد أعطينا ميزة تفضيلية لذوي الشهداء.

في المرتبة الثالثة يأتي المهندسون الزراعيون ..يمكن أن نعطيهم ” 10 دونم ” لكل مهندس يرغب تأجيراً..على أن يستثمرونها بالتشجير المثمر..والأولوية للمهندسين الخريجين الجدد وغير الموظفين أو المفرزين.

أما بالنسبة لمناطق الحراج الطبيعي

يمكن تأجيرها لأغراض تربية وتنمية الثروة الحيوانية – الأغنام بشكل خاص –  فوجود مشاريع من هذا النوع في مثل هذه المناطق تتكفل بأن يقوم المستثمر بالتشجير..كما أن وجود قطعان الأغنام يعزز من خصوبة التربة ويسرّع في نمو الحراج .

ويمكن السماح باستصلاح ما يمكن من الأراضي الحراجيّة لأغراض زراعية ” أشجار مثمرة” ولو غير مروية فالمناطق المحروقة كلها مناطق استقرار مطري أول ولا حاجة إلى الري.

المسألة تحتاج إلى إعداد تشريع خاص بهذا الأمر..وهذه الطريقة تؤدي إلى انعكاسات بالغة الإيجابية، إذ نضمن العودة السريعة للغطاء الأخضر.

ونضمن المحافظة على هذه المناطق ورعايتها من قبل الأهالي..أي لن تكون ” مالاً داشراً” كما يقال..كما نحقق قيماً مضافة إنتاجية تنعكس اقتصادياً على البلد .

هذا إلى جانب بالغ الأهمية وهو تحسين معيشة الأهالي في الأرياف.

أخيراً من المهم أن نحرص على أن يترافق ذلك مع تشريع جزائي – عقوبات – صارم جداً للمتسببين بالحرائق الحراجية..كي لا يكون الإجراء – إن حصل – محفزاً لافتعال الحرائق من أجل توزيع الأراضي.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]