الخبير السوري:
أياً كان سبب انفجار مرفأ بيروت، فإنه يأتي في وقت تبلورت فيه رؤية غربية وعربية لتغيير مسارات التجارة الشرق متوسطية، بحيث تتحول المرافئ السورية واللبنانية إلى مجرد مرافئ محلية لا مكان لها على خريطة التجارة الإقليمية والدولية
أعاد انفجار مرفأ بيروت تسليط الضوء مجدداً على الصراع الإقليمي والدولي، الرامي إلى السيطرة على تجارة شرق البحر المتوسط، ولا سيما أن الانفجار تبعه بأيام قليلة حدث استثنائي، تمثّل في الإعلان عن اتفاق إماراتي – إسرائيلي على تطبيع العلاقات، ما يعني بنظر كثيرين فتح الباب أمام تجارة عربية متوسطية عرّابها مرفأ حيفا الإسرائيلي، الذي شهد خلال الفترة الماضية عمليات توسعة وتحديث.
والصراع المشار إليه لا ينطلق من غايات اقتصادية فقط، بل له حسابات ومصالح سياسية خاصة بجميع الأطراف؛ فمثلاً هناك حرص غربي إسرائيلي على منع إيران من الوصول إلى البحر المتوسط، يقابله سعي من بعض الدول العربية للحيلولة دون تمكّن إسرائيل من التواصل أو التطبيع التجاري مع العمق العربي للأردن. الخبير الاقتصادي زياد أيوب عربش، يرى، في حديث إلى «الأخبار»، أن «محاولة السيطرة على ميناءي البصرة وطرطوس من قبل الولايات المتحدة، والسيطرة على ممرات العبور واستبدالها بموانئ أخرى من الإمارات إلى حيفا المحتلة، هدفها: منع نجاح مبادرة الحزام والطريق، ومحاصرة الصين في بحرها، وعزلها مع الهند وروسيا بخط أوكرانيا دمشق، ومحاصرة الأوراسية، إضافة إلى السيطرة على منابع النفط والغاز، ليس فقط لضمان إمداد الغرب بالطاقة، ولكن لكبح جماح الدول الصاعدة».
من البر والبحر!
لسنوات عديدة، كانت المنافسة على تجارة شرق البحر المتوسط، والتي تخدم سوقاً يبلغ عدد مستهلكيها أكثر من 200 مليون مستهلك، تنحصر بين ثلاثة مرافئ رئيسية، هي: مرفأ طرطوس، ومرفأ بيروت، ومرفأ مرسين. سوريا كانت بمنزلة «حجر القبان» في تلك التجارة، بالنظر إلى كونها تمثّل الممر البري – الاقتصادي لتلك التجارة المتجهة إلى العراق والأردن ودول الخليج العربي. لكن مع بداية النصف الثاني من العقد الماضي، بدأت تظهر ملامح مشروع إسرائيلي، قوامه إدخال مرفأ حيفا على خط التجارة الإقليمية لتخديم كل من الأردن والعراق ودول الخليج العربي، مستفيداً في ذلك من عاملين اثنين:
الأوّل، وجود رغبة أردنية، تجلت بوضوح في الطلب الذي تقدّم به وزير النقل الأردني في اجتماع ضمّه إلى وزيري النقل السوري والسعودي قبل نحو 11 عاماً للحصول على موافقة البلدين لإدراج مشروع يهدف إلى إنشاء خط للسكك الحديدية يربط مرفأ حيفا بالأردن، على اعتبار أن مشاريع ربط السكك الحديدية بين البلدان العربية هي مشاريع متضمنة ضمن اتفاقية «الأسكوا» حول السكك الحديدية الدولية بين الدول العربية، وإدراج أي مشروع ضمنها يحتاج إلى موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء في «الأسكوا»، وهو ما قوبل آنذاك، وفق ما صرّح به مصدر مطلع لـ»الأخبار»، بالرفض من الوزيرين السوري والسعودي، ما دفع بمؤيدي المشروع داخل الأردن إلى التفكير في خيارات أخرى، مع العلم أن الربط السككي بين الدول الثلاث كان قد تعثّر بسبب تأخر تنفيذ الأردن الجزء المتعلق به، في الوقت الذي كانت فيه كل من دمشق والرياض قد أنجزتا الجزء المتعلق بهما.
أسهم غياب التنسيق والتعاون الاقتصادي السوري – اللبناني في إضعاف موقف مرافئ البلدين
التعليقات مغلقة.