هل يسمح للشركات العامة الصناعية بالشراء المباشر ؟؟

الخبير السوري:

يستمر القطاع العام الصناعي بتشغيل خطوط إنتاجه في عدد من الشركات رغم الظروف الضاغطة التي تمر بها البلاد نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر والعقوبات الاقتصادية وقانون “سيزر” الذي يشكل عدواناً سافراً على كل أشكال الحياة في سورية، إلى جانب ما خلفته الحرب العدوانية من دمار وسرقة للآلات وخطوط الإنتاج وتخريب لمقار عمل بعض الشركات.
الأمر الذي ولد جملة من التحديات والصعوبات من نوع آخر ساهمت في مزيد من العقبات أمام عمل هذا القطاع الحيوي الذي استطاع على مدى عقود أن يحتل مكانة بارزة تمثلت بتأمين احتياجات البلاد من مختلف السلع والمنتجات التي يحتاجها المواطن وكذلك إنتاج المواد الأولية التي تدخل في الصناعات المختلفة.
ومن تلك التحديات التي تساهم في تأخير عمل هذا القطاع أن بعض النصوص القانونية والتشريعية لم تعد تتناسب مع طبيعة الظروف الحالية الأمر الذي أصبح يقيد العمل حيث تشير المعطيات إلى أن إدارات الشركات العامة في هذه الظروف القاسية تعاني كثيراً لتأمين مستلزمات الإنتاج بما يضمن استمرار الإنتاج وعدم توقف الشركات، وهي لذلك تتبع الآليات المنصوص عليها حيث تعلن عن مناقصات لشراء احتياجاتها لأكثر من مرة ولكن دون جدوى، بسبب عزف الموردين عن التقدم للمناقصات وكذلك عن التقدم للتعاقد بالتراضي، بسبب عدم استقرار سعر الصرف.
ولأن القانون لا يسمح بالشراء المباشر لإدارات شركات القطاع العام، فهم يلجؤون إلى تجزئة النفقة والشراء بشكل مباشر، لكن هذا لا يفي بالغرض لأن السقف المسموح به بالشراء المباشر للإدارات هو ثلاثة ملايين ليرة فقط ولمرة واحدة، وخمسة ملايين بموافقة الوزارة ولمرة واحدة أيضاً في العام.
ومعلوم أن حاجة الشركات لا تؤمن من خلال هذه المبالغ الصغيرة التي لا تغطي إلا جزءاً يسيراً من احتياجاتها من المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج، ما يعني أن الأمر يحتاج إلى معالجة جذرية لهذه المشكلة التي تبدو واحدة من أكثر مشكلات القطاع العام الصناعي الضاغطة على العمل.
وهنا نذكر أنه وفي العام 2013 صدر المرسوم التشريعي رقم 37 الذي أجاز للجهات العامة تأمين احتياجاتها دون التقيد بالقوانين والأنظمة النافذة وكانت مدة نفاذ المرسوم ستة أشهر من تاريخ صدوره، وساهم ذلك في تذليل هذه العقبة والدفع باتجاه توفير مستلزمات الشركات بطريقة أسهل عن طريق الشراء المباشر، الأمر الذي انعكس على حجم الإنتاج ونوعيته وحجم العوائد المالية وأرباح الشركات العامة.

وقد أجاز المرسوم 37 ذلك باقتراح من الوزير المختص وموافقة لجنة يرأسها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، وعضوية كل من وزير المالية والوزير المختص وحاكم مصرف سورية المركزي والمستشار القانوني في رئاسة مجلس الوزراء، على أن يتم العمل به لمدة لا تتجاوز ستة أشهر مع جواز تمديدها بقرار من مجلس الوزراء.
ما يعني أن المرسوم أعطى مرونة كافية للحكومة بالتصرف في حال كانت الظروف تتطلب ذلك، وبذلك فإن المخرج لما تعانيه شركات القطاع العام الصناعي اليوم من صعوبة في تأمين مستلزمات الإنتاج هو استصدار تشريع يحاكي المرسوم 37، أو تمديد العمل به، بحيث يتم السماح لها بالشراء المباشر لمستلزمات الإنتاج من خارج الأنظمة والقوانين النافذة وضمن الضوابط المطلوبة، بحيث نضمن استمرار عجلة الإنتاج في تلك الشركات وعدم توقف الآلات وتعطلها عن العمل، وبالتالي استمرار تدفق السلع والمنتجات إلى الأسواق المحلية، للاستغناء عن الاستيراد قدر الإمكان، الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية من خلال عدم الحاجة للقطع الأجنبي للاستيراد، وتأمين وصول المواد الأولية بالوقت المناسب، رفد الأسواق المحلية بالسلع والمنتجات، مع الإشارة إلى ما تتمتع به منتجات القطاع العام من ثقة لدى المستهلك بسبب جودتها وأسعارها المنافسة.

المصدر :الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]