استراتيجية تطوير وتنمية منطقة الغاب.. خطوة على طريق التعافي الاقتصادي والزراعي الكامل

الخبير السوري:

أكد مدير مركز السياسات الزراعية المهندس رائد حمزة أن الدولة تعمل بجهود متواصلة وممنهجة وفي إطار الخطة الاستراتيجية لسورية حتى العام 2030 “بالبرنامج الوطني لسورية ما بعد الحرب” على تحقيق التعافي الاقتصادي والزراعي الكامل في القطر كهدف استراتيجي، ومن هذا المنطلق بدأت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بوضع رؤية لتطوير القطاع “بشقيه النباتي والحيواني”وترسيخ دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أساس الاستفادة من الموارد المحلية لكل منطقة جغرافية وما تتمتع به من ميزات وفرص تنموية يكون أساسها التكامل بين كافة القطاعات لتحقيق تنمية مستدامة حقيقة.
وأضاف حمزة وضمن هذا الإطار تم تخطيط وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية والتي بدأت أعمالها في منطقة الغاب التي تم اختيارها لتكون باكورة الاستراتيجية كونها منطقة قابلة لأن تصبح سلة غذاء القطر من خلال تنوعها المناخي والبيئي والحيوي والموارد الطبيعية الغزيرة المتاحة فيها بما في ذلك معدلات الأمطار المرتفعة والمياه الجوفية ومياه الينابيع والأنهار، على أن يتم تعميم التجربة إلى مناطق القطر لاحقاً بعد البدء بتحقيق أهداف الاستراتيجية في منطقة الغاب.
وأضاف أن منطقة الغاب تعد من المناطق التي تضررت بشكل متوسط من الآثار المباشرة للحرب الكونية التي تتعرض لها البلاد، وإن كانت قد تضررت بشكل أكبر من الآثار غير المباشرة، كاشفاً أن الاستثمار التنموي في هذه المنطقة يعد مشروعاً رائداً قابلاً للنجاح والاستمرار بدرجة عالية، منوهاً أن هدف برنامج تطوير منطقة الغاب هو المساهمة في الاقتصاد الإنتاجي القادر على الاستمرار والتطور للحد من الفقر الريفي وتعزيز الأمن الغذائي والزراعي والصناعي والبيئي، وإعادة تنشيط سبل العيش المختلفة في المنطقة من خلال الاستثمار في إعادة تأهيل وصيانة البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية القادرة على التكيف مع تغير المناخ وإعادة بناء القدرات الإنتاجية والتكيفية للمجتمعات الريفية والمؤسسات العامة.
وأوضح أن أهداف البرنامج تتمحور حول تنمية النشاطات الزراعية والصناعية والسياحية والعمل على خلق أساس لسبل العيش المحسنة القادرة على الصمود والتي تتصف بالشمولية الاجتماعية مع التركيز على اعتماد منهج الاستدامة البيئية والمائية كأساس في كل الأعمال، مبيناً أن في نهاية فترة التنفيذ البالغة عشر سنوات، يتوقع أن يحقق برنامج تطوير منطقة الغاب محصلتين رئيسيتين الأولى: البنى التحتية المؤهلة والقادرة على الصمود، والثانية: تحسين الإنتاجية الزراعية والصناعية والسياحية وسبل العيش المستدامة.
وأشار إلى أن عدد سكان الغاب 500,000 نسمة (100,000 أسرة) منهم 68% ضمن الفئة العمرية العاملة، كما تبلغ المساحة الإجمالية للمنطقة 141,000 هكتار منها 56% أراضٍ مروية، وقد تضررت الزراعة في المنطقة خلال فترة الحرب نتيجة تخريب شبكات الري والآبار وقلة وغلاء مستلزمات الإنتاج وصعوبة التسويق وعدم الحصول على أسعار مجزية فيما عدا المحاصيل الاستراتيجية، وعليه تم خلال عام 2019 تشكيل فرق العمل الميدانية وتدريبها، وإنجاز المسح الأساس للمنطقة وتقدير الأضرار، أما في العام 2020 فقد تم إعداد استراتيجية تنمية وتطوير الغاب، وتم الإعلان رسمياً عنها في 5/6/2020 بمشاركة الجهات المعنية التي شاركت أو ستشارك في تنفيذ الاستراتيجية التي تتألف من مرحلتين سريعة واستراتيجية، وتمتد فترة تنفيذ مشروعات الاستراتيجية لعشر سنوات، حيث سيتم خلال السنوات الاربعة الأولى إعادة تأهيل مصادر الري وتحسين كفاءة استخدام المياه ” تفعيل الإدارة المستدامة للموارد المائية والطبيعية” وزيادة إنتاج وإنتاجية المنتجين الزراعيين، أما في السنوات الثلاثة التالية فسيتم تحسين الواقع الخدمي وزيادة القيمة المضافة والاستخدام المستدام لعوامل الإنتاج من خلال دعم البنية اللوجستية وتوفير البيئة التشريعية الجاذبة للاستثمار، وسيجري في السنوات الثلاثة الأخيرة من فترة تنفيذ الاستراتيجية تنفيذ هدف تحسين سبل العيش وتشغيل النساء والشباب عبر خلق فرص مدرة للدخل وتحسين الوصول إلى الخدمات ومصادر التمويل، أما كلفة تنفيذ الاستراتيجية في العام الأول فتبلغ 5مليار ليرة علماً أن الميزانية التقديرية لكامل التنفيذ تصل قيمتها إلى 69,462 مليار ليرة.
وبين أن مشاريع قطاع الموارد المائية المشمولة بالاستراتيجية تتضمن إعادة تأهيل شبكات الري المتضررة نتيجة الحرب وزيادة كفاءة مياه الري إضافة إلى مشروع لدعم نظم الطاقة الشمسية على الآبار الجماعية يمتد لكامل فترة العشر سنوات، بينما تتضمن مشاريع القطاع الزراعي دعم الزراعات العلفية ومشاريع الإنتاج النباتي والحيواني حسب خطة الوزارة وترميم قطيع الثروة الحيوانية من خلال تحسين الإنشاءات والتجهيزات والشراء المستمر للأبقار (يبدأ التنفيذ من السنة الأولى) بالإضافة إلى مشروع التوسع بإنشاء مشاتل الغراس وإنتاج بذار الخضار والذي يبدأ من العام الرابع.

أما مشاريع الصناعات الزراعية والتسويق فتشمل مشروع إنشاء مجمع صناعات زراعية “مناطق صناعية” ومشروع إقامة معامل ومنشآت صناعية “تكرير السكر الخام – تعبئة مياه معدنية – معاصر زيتون – إنتاج خميرة – تصنيع أعلاف” واللذين يبدأان التنفيذ منذ السنة الأولى وينتهي الأول في العام السابع والثاني في العام التاسع من الاستراتيجية، إلى جانب مشروعات زراعية وصناعية وبنى تحتية وخدمات أخرى.
وتجسد الاستراتيجية رؤية الدولة في اعتبار أن القطاع الزراعي سيبقى المكون الأساسي للاقتصاد الوطني وأحد أبرز مقومات صمود سورية ضد ما تتعرض له من حرب إرهابية على مختلف الأصعدة والمجالات وفي مواجهة المتغيرات والتحديات الراهنة، كما تجسد شعار “الاعتماد على الذات” الذي ترفعه الحكومة خلال المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها القطر، وهي تأتي ضمن الشراكة الفاعلة مع الفلاحين والمنتجين الزراعيين وبمشاركة وتعاون القطاع الخاص.

المصدر : الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]