“هات من الآخر”..نفحة عملية في إدارة المقصورة التنفيذية السورية..تكثيف جديد على طاولات إنجاز القرار..

خاصّ – الخبير السوري:

تشهد أروقة مجلس الوزراء هذه الأيام انعطافة حادّة في أدبيات العمل التنفيذي، تبدو أشبه بالتصويب لتشوّهات أو لعلّها انحرافات تداخلت فيها العوامل المسببة، بين الإداري – البشري و القسري الناجم عن خصوصيات الظرف الراهن.

و اتسمت الأيام العشرة الماضية بتفاصيل تعاطٍ مختلفة، لجهة بوصلة الأداء أو ” فوكس” النشاط الدؤوب الذي تشهده المقصورة التنفيذية الرئيسية و ارتساماتها على الأرض.. عنوانها أولويات المواطن وبقدر وافٍ من الإنجاز، بعيداً عن الصخب الإعلامي والضجيج، أو قطع الوعود ولو بنيّات طيبة، رأى بعضهم أن لها ما يسوّغها في خصال حب التطمين والتبشير التي نعشقها نحن البشر عادة.

احتياجات المواطن..الأسعار..تأمين الطلب..إنعاش المؤسسات الإنتاجية والأولوية للغذائية منها….القطاع العام..زيادة مساحة الأرض المزروعة..متابعة دورية مكثّفة للمؤسسات ذات الصلة بالأمن الغذائي..وسواها من العناوين التي تجري معالجتها بتأنّ ورويّة وصمت، بتكثيف هادف للوصول إلى أفضل النتائج التي بدأت بالظهور، وسوف تُترك للمواطن كي يكتشفها ليقوم هو بإخبار وسائل الإعلام عنها، بدلاً من أن تخبره هي ، في تبادل قلّ ما يحصل للأدوار ..وربما هي الحالة الطبيعية بما أن المواطن لا ينتظر خبراً أو تقريراً إعلامياً يخبره عن حاله، لأنه الأعلم بما يعتريه وهو الأقدر على تلمّس الأشياء بطريقته والتقاط الإشارات بحسّه وحساسيته.

الواقع أن بضعة اجتماعات بعدد الأيام التي مضت على تكليف ” الوزير الأول” بمهامه الجديدة، كانت كافية من خلال ما رشح منها، لاستنتاج قدر غير قليل من الاطمئنان على حصاد قريب لعمل مكثّف، مدفوع بقناعات ورؤية رجل تنفيذي مخضرم، يدرك ببساطة كيفية إدارة مفاتيح اجتراح الحلول على طريقة ” من الآخر”..ولعلّها هي المطلوبة في مثل هذه الظروف وغيرها، حتى في أوقات الرخاء والاستقرار، فعادة ليس لدى الحكومات وقتاً فائضاً لتضيعه في الدوران حول الذات والمهام، لأن التسويف مصطلح غير وارد ولا مقبول في حسابات الحكومات، ولا في الحسابات الشخصية حتى.

الواقع أن ثمة جديد بكل معنى الكلمة على مستوى إدارة الاجتماع و التحكم بطاولات العصف الذهني، في ” الكونترول” التنفيذي، لعله هو السرّ في إنضاج القرارات، إذ بات من الملاحظ أنّ الاجتماعات التي حصلت تميزت بخاصّية ” صناعة القرارات” الجاهزة للوضع على أرض التطبيق.

وهي – في علم الإدارة – الطريقة اليابانية في إدارة الاجتماعات التنفيذية، ” اجتماع صنع القرار وليس إضاعة الوقت في النقاش والتمحيص كمن يعيد اختراع البارود” إذ عمد اليابانيون إلى إبطال الطريقة الأميركية في الاجتماعات التي باتت طريقة بائدة، لا تحسب حساباً لعامل الوقت..وربما الأمريكان ذاتهم أقلعوا عنها.

ربما ليس في وارد رئيس مجلس الوزراء حالياً، الغوص في مثل هذه التصنيفات ونظريات علم الإدارة..لكن قد يكون إلحاح الظرف الراهن والقدرة على التقاط الأولويات بخبرة وتجربة عملية مديدة، هو ما لامس أدبيات حديثة في إدارة منصّة القرار التنفيذي.

باختصار علينا أن نتفاءل رغم الظرف الصعب والعصيب، ورغم إجراءات رعاة البقر المنضوية تحت مزاعم ” قيصر”، ورغم الحصار والحرب الاقتصادية..متفائلون بأن في سورية موارد تكفي و أنهم لو أقفلوا علينا الحدود ” لن نجوع”..وما كان ينقصنا هو الإدارة المحوكمة للموارد..ويبدو أن الحكومة قد انتبهت بإدارتها الجديدة إلى حساسية إدارة الموارد وشرعت بتطبيقات متكاملة لرؤية إستراتيجية، هي امتداد لرؤية السيد الرئيس بشار الأسد، التي عبّر عنها في كل لقاءاته و حواراته، والتي كان المواطن دوماً محورها الأهم.

من هذه المقدمات علينا أن نتوقع نتائج طيبة..دون أن ننسى أن الظرف قاسٍ وصعب ولا يرحم ..لكن أن ” نشعل شمعة أفضل من أن نلعن الظلام”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]